التاريخ وعلم الآثار > حضارة اسلامية

قصص العجائب وأخبار الغرائب الخيال العربي الذي سبق هوليوود بألف سنة

لعل معظمنا قد سمع بشهريار، ذلك الملك العظيم الذي حكم بلاد فارس في عصور غابرة، والذي - على الرغم من عظمته وماله وسلطانه - قد حُرم من ابنٍ يرثه فقام بإرسال خدمه إلى المدينة ليشتروا العبيد من النساء ولكنه مهما بقي معهن لم تستطع أي منهن أن تمنحه ابناً يحمل اسمه ويرث عظمته ومملكته.

إنّها قصة جلّنار البحرية واحدة من الثمانية عشرة قصة التي يتضمنها كتاب "قصص العجائب وأخبار الغرائب" والذي ترجم مؤخراً للإنكليزية على يد الأستاذ في جامعة كامبردج مالكوم ليونز (Malcom Lyons) ليفتح نافذة للملايين من الناس للاطلاع على خيال العقل العربي في العصر الوسيط.

اكتشف الكتاب سنة 1933م على أحد رفوف مكتبة المسجد من قبل المستعرب الألماني هلمت ريتر (Hellmut Ritter) والذي قام بتنبيه العالم الأكاديمي لمدى أهمية هذا الكتاب، ولكنّ الكتاب لم يُترجم حتى عام 2014م، وما تزال النسخة الأصلية الوحيدة المكتوبة باللغة العربية وبخط اليد والمؤلفة من 600 صفحة محفوظةٌ في جامع آيا صوفيا في اسطنبول.

فيما يرجح الباحثون أن أصول الكتاب تعود إلى القرن العاشر الميلادي وذلك استناداً إلى الأدلّة المُتَضَمّنة في الكتاب، لكنّ العديد من القصص المحتواة فيه تعود في أصولها إلى ما قبل هذا التاريخ.

هذا ويتميز كتاب “قصص العجائب وأخبار الغرائب” بسحرِ قصصه وغرابتها فقد تضمنت الوحوش والأميرات الفاتنات الجمال والكنوز المخبئة والانقلابات الدرامية في الأحداث، كما وقدم لمحة عن عالم من السحر والغرابة والجمال لطالما أولع الناس به عبر العصور.

أما عن مضمونه فهو يحتوي أفكاراً مازالت معروفة ومستخدمة من قبل رواة القصص وصنّاع الأفلام المعاصرين كالحب من طرف واحد والغيرة بين الأخوة والعمى الذي يسببه الطمع والتعطش للجنس والسلطة والقوة.

يُعتقد أن كتّاب الكتاب هم من المسلمين ولكنّ القصص والأفكار والمواضيع المتضمنة فيه تتنوع أصولها بين الإسلام والمسيحية والوثنية على حد سواء.

كما وربما تكون العديد من شخصيات الكتاب مألوفة لدى الكثيرين بسبب وجود بعض قصصه (كقصة جلّنار البحرية) في كتاب "ألف ليلة وليلة " وهو كتاب أحدث وأكثر شهرة.

تشبه قراءة هذا الكتاب الصعود في الأفعوانية في مدينة الألعاب، وإن كان هذا التشبيه أقرب إلى الخيال، ولكنه يتجسد في الحبكة الروائية للقصص، ففي هذه القصص لا يمكنك أن تتوقع مجريات القصة وقد تفاجئك انقلابات الأحداث وغرابتها.

أحدثت ترجمة الكتاب في عام 2014م ضجة كبيرة في الوسط الأدبي والأكاديمي على حد سواء وقد يعود الفضل في ذلك إلى المؤرخ والروائي والخبير في الأدب العربي، الإنكليزي روبرت إيروين ((Robert Irwin)) - والذي كان السبب في قيام مالكوم ليونز بترجمة الكتاب - حيث يصف روبرت الكتاب بأنه لا يعد من القصص الشعبية التي تنقل على الألسن عبر السنين وطالب روبرت بأن يعتبره مثالاً قديماً عن الأدب أو بالأحرى الحالة الأولى من الخيال الأدبي.

من المؤكد أنّ كتابَ "قصص العجائب وأخبار الغرائب" لن يحصل على أي جوائز في الأدب ولكنه لم يكتب لهذا السبب، وإنما هو لترفيه الناس من جميع الأعمار والثقافات وليأخذهم إلى عالم ساحر حيث كل شيء ممكن الحدوث.

المصادر:

هنا

Lowery, E. (2014). Tales of the Marvellous and News of the Strange review – a medieval Fifty Shades of Grey. Britain : The Guardian.

Buxton, A. (2014). A Book of Strange and Wonderful Tales and its Eminent Translator. Britain : University of Cambridge.