الرياضيات > مسائل الملينيوم السبعة

Navier-Stokes

في حياتنا اليومية نلاحظ الكثير من الظواهر الفيزيائية كحركة المياه عندما تعبر السفينة البحر أو التيارات الهوائية المضطربة التي تسير معنا أثناء رحلتنا بالطائرة. يعتقد علماء الرياضيات والفيزياء أنهم قد تمكنوا من تفسير هذه الظواهر والتنبؤ بغيرها من خلال المعادلات الشهيرة "معادلات نافييه-ستوكس " المنسوبة للعالميين الذين وضعاها "كلود لويس نافييه" و"جورج جابرييل ستوكس" والتي تصف حركة الموائع (الماء، الهواء..).

وعلى رغم من أن هذه المعادلات قد وجدت في القرن التاسع عشر لكن حتى الآن ما يزال فهم العلماء لها ضعيفاً. ويتمثل التحدي الحقيقي للعلماء في تقديم نظرية رياضية قادرة على فهم وتفسير العلمي لهذه المعادلات.

ولكن ما هي معادلات نافييه-ستوكس؟ وماذا تصف بدقة؟

تُوصف المعادلات التي تحكم حركة الموائع بأنها تعبير عن قانون نيوتن الثاني للحركة الذي ينطبق على حركة كتلة من الموائع سواءً كان ذلك المائع هواء أو ماء أو أي مائع آخر.

حيث ينص قانون نيوتن الثاني ما يلي:

الكتلة X تسارع = محصلة مجموع القوى المؤثرة على جسم.

حيث:

"الكتلة" هي كتلة السائل.

"التسارع" هو تسارع جسيمات المائع.

"القوى المؤثرة على الجسم" هي مجموع القوى المؤثرة على المائع الذي لدينا.

دون الخوض في التفاصيل الكاملة، يُعطي قانون نيوتن الثاني مجموعة من المعادلات ندعوها "معادلات تفاضلية" تربط مابين معدلات تغير سرعة السائل والقوى المؤثرة على المائع. ونضيف إلى هذه المعادلات شرطاً فيزيائياً أخر يجب أن يتحقق والذي ينص على مصونية كتلة المائع، أي أن كتلة المائع في نظامنا المغلق ستبقى ثابتة مهما حدث داخل المنظومة.

تنقسم المسألة المطلوب حلها إلى قسمين: القسم الأول يركز على إثبات وجود حلول للمعادلات التفاضلية، القسم الثاني إذا ما كانت هذه الحلول محدودة.

بما أنه من غير الممكن إعطاء وصف رياضي دقيق ومبسط في نفس الوقت لهذه المسألة بقسميها المذكورين سنحاول وضعهما في سياق الفيزيائي:

1) مهما كان النموذج الرياضي معقداً (مجموعة المعادلات التفاضيلة في حالتنا هذه)، لكي يصف هذا النموذج ظواهر فيزيائية واقعية يجب أن يكون لهذا النموذج أو لهذه المعادلات حلول.

للوهلة الأولى يبدو هذا كلام غريبا، لماذا ندرس المعادلات ونحن لسنا على يقين من أن لها حل؟ في الحقيقة لدينا العديد من الحلول التي تتفق بشكل دقيق مع العديد من حركات الموائع. ولكنها حلول تقريبية للحلول الكاملة لمعادلات نافييه ستوكس، فبسبب عدم وجود صيغة عامة للحل نلجأ للبحث عن هذه الحلول التقريبية باستخدام ما يسمى بالحلول العددية على الحاسوب.

2) أما القسم الثاني للمسألة يطرح ما إذا كانت حلول المعادلات غير معرفة أو غير محددة أو تسعى في قيمها نحو اللانهاية وهو أمر غير مقبول فيزيائياً. فلا يوجد مقدار فيزيائي تم قياس قيمته على أنها لانهاية مثلا. تدعى هذه الحلول اللانهائية في الرياضيات بالمتفردة.

هناك قول مأثور بأن "الطبيعة تنبذ الفراغ" أو كما صاغها الفيزيائي ستيفن هوكينغ عندما أشار إلى الثقوب السوداء بقوله أن "الطبيعة ترفض التفرد". ويقصد بالتفرد الحالة التي تصبح فيها قوى الجاذبية (وفقا للنظريات الحالية لدينا) لانهائية داخل الثقوب السوداء مثلا. فعند هذه الكثافات "اللانهائية" من المادة تتشوه بنية الزمكان، وتصبح قواعد النسبية وميكانيك الكم غير صالحة لوصف الظواهر الفيزيائيها عند هذه النقطة.

وبالعودة إلى معادلات نافييه-ستوكس، واعتقادنا بأنها تصف حركة الموائع تحت مجموعة واسعة من الظروف، فإن وجود حلول "متفردة" يشير إلى أننا قد أغفلنا بعض الجوانب الفيزيائية المهمة والمجهولة حتى الآن، فالرياضيات لا تتعامل مع الحلول اللانهائية للمعادلات التفاضلية.

يتخلل تاريخ ميكانيك الموائع حلولاً لنماذج مبسطة لمعادلات نافييه-ستوكس والتي أدت إلى حلول متفردة لظواهر فيزيائية تخص حركة المائع . وفي أغلب هذه الحالات أشار وجود هذه الحلول المتفردة (المرفوضة كما اتفقنا) إلى وجود بعض المفاهيم الفيزيائية الجديدة التي لم تأخذ سابقا بعين الاعتبار في النماذج المبسطة. وقد سمح تحديد هذه المفاهيم الفيزيائية الجديدة للعلماء في زيادة تحسين نماذجهم الرياضية وحتى تحسين التوافق بين النموذج والواقع.

إذا كان لمعادلات نافييه-ستوكس (كما يعتقد الكثيرون) حلولاً متفردة لانهائية فربما ستذهب جائزة الألفية إلى الشخص الذي يكتشف ماهي المفاهيم الفيزيائية الجديدة اللازمة لإزالة هذا التفرد. و ايجاد حل شامل يمكن تطبيقه على كل الظواهر التي تخص حركة الموائع.

المصدر:

هنا