كتاب > مفكرون وكتّاب

نجيب محفوظ الأديب العربي الوحيد الذي نال جائزة نوبل

استمع على ساوندكلاود 🎧

ولدَ نجيب محفوظ في القاهرة في عام 1911، وبدأَ الكتابةَ عندما أصبح في السابعة عشر من عمره فقط، سمَّاه أبوه بالاسم المركب نجيب محفوظ كرامةً للطبيب نجيب محفوظ باشا الذي أشرف على ولادته العسيرة.

اسمه الكامل نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم أحمد باشا، أمه فاطمة مصطفى قشيشة ابنة الشيخ مصطفى قشيشة من علماء الأزهر، وكان أصغر أخوته بفارق عشر سنوات عمَّن يكبره سنًا.

نُشِرت روايته الأولى في عام 1939، ثم نُشرت عشر روايات أخرى غيرها حتى ثورة تموز/يوليو 1952 المصرية؛ إذ توقف عن الكتابة وقتها لعدة سنوات. كان ظهور ثلاثيته المعروفة "ثلاثية القاهرة: بين القصرين، وقصر الشوق، والسكرية" سببًا لشهرته الكبيرة في العالم العربي كرسَّام حياة المدينة التقليدية، وقد كان ذلك في 1957.

عادَ نجيب محفوظ للكتابة في عام 1959 مع روايته «أولاد حارتنا»، فاستخدم فيها أسلوبًا جديدًا عكست دلالاته رموزًا دينية وسياسية، واستعاراتٍ تَصف الواقع بأسلوبٍ لاذع في كثير من الأحيان. ونشرَ نجيب محفوظ بعدها روايات عدَّة منها اللص والكلاب (1961)، والسمان والخريف (1962)، وثرثرة فوق النيل (1966)، وميرامار (1976)، بالإضافة إلى العديد من القصص القصيرة.

التحق نجيب محفوظ بجامعة القاهرة في 1930، وحصل على ليسانس الفلسفة. ثمَّ شرعَ بعدها في إعداد رسالة الماجستير عن الجمال في الفلسفة الإسلامية لكنَّه تركه؛ ليتفرغ للأدب. عمل حتى عام 1971-1972 كموظف حكومي، بدأ في وزارة الأوقاف سكرتيرًا برلمانيًا ثم مديرًا لمؤسسة القرض الحسن، ثم مديرًا لمكتب الإرشاد. والتحق بعدها بوزارة الثقافة مديرًا للرقابة على المصنفات الفنية ثم مديرًا عامًا لمؤسسة دعم السينما، ثم مستشارًا للمؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون، وفي النهاية رئيسًا لمجلس إدارة المؤسسة العامة للسينما من 1966 حتى تقاعده.

كانت السنوات التي تلت تقاعده نبعًا من الإبداع الخلَّاق والتجريبي في معظمه، إذ يعدُّ نجيب محفوظ رمزًا للرواية العربية، وقد كتب عنه سيد قطب في مجلة الرسالة في العام 1944 على الرغم من أنَّ أعماله لم تكن قد لاقت التقدير الكافي بعد، هذا التقدير الذي لم يأت إلا نهاية الخمسينات من القرن المنصرم.

تعرَّض نجيب محفوظ لمحاولة اغتيال في تشرين الأول/أكتوبر من عام 1995 طعنًا في الرقبة من قبل شابين اتهماه بالكفر والخروج عن الملة بسبب روايته «أولاد حارتنا» التي أثارت الكثير من الجدل. ورغم نجاتِه من هذه المحاولة إلا أنَّ الشابين قد أُعدِما على الرغم من أنَّ نجيب محفوظ لم يبالِ بأمرهما.

توفي نجيب محفوظ في 30 آب/أغسطس من عام 2006 متأثرًا بحالته الصحية السيئة عن عمرٍ ناهز الرابعة والتسعين عامًا، قدمَ فيها أكثر من ثلاثين رواية حوِّلت نِصفها لأعمالٍ سينمائية، بالإضافة لأكثر من مئة قصة قصيرة وأكثر من مئتي مقالة.

وهنا نقتبس بعضًا من كلمته التي ألقاها يوم حصوله على جائزة نوبل للآداب من عام 1988، فكان أول كاتب عربي يحصل عليها:

"تساءل كثيرون عمن أكون، فاسمحوا لي أن أقدم لكم نفسي بالموضوعية التى تتيحها الطبيعة البشرية، أنا ابن حضارتين تزوجتا فى عصرٍ من عصور التاريخ زواجًا موفقًا، أولاهما عمرها سبعة آلاف سنة وهي الحضارة الفرعونية، وثانيتُهما عمرها ألف وأربعمائة سنة وهي الحضارة الإسلامية. ولعلِّي لست فى حاجة إلى تعريف بأيٍّ من الحضارتين لأحد منكم، وأنتم من أهل الصفوة والعلم.

سادتي...

لعلكم تتساءلون: هذا الرجل القادم من العالم الثالث كيف وجــد من فـراغ البال ما أتاح له أن يكتب القصص؟

وهو تساؤل في محله.. فأنا قادم من عالم يَنوءُ تحت أثقالِ الديون، حتى ليُهدده سدادها بالمجاعة أو ما يقاربها.. يهلك منه أقوام في آسيا من الفيضانات، ويَهلك آخرون فى أفريقيا من المجاعة. وهناك فى جنوب أفريقيا ملايين المواطنين قُضِي عليهم بالنَّبذ والحرمان من أيِّ من حقوق الإنسان في عصر حقوق الإنسان، وكأنهم غير معدودين من البشر. وفى الضفة وغزة أقوام ضائعون رغم أنَّهم يعيشون فوق أرضهم وأرض آبائهم وأجدادهم وأجداد أجدادهم، هبُّوا يطالبون بأول مطلب حقَّقه الإنسانُ البدائي وهو أن يكون لهم موضع مناسب يُعترَف لهم به، فكان جزاء هبَّتِهم الباسلة النبيلةـ رجالًا ونساءً وشبابًا وأطفالًاـ تكسيرًا للعظامِ وقتلًا بالرصاص وهدمًا للمنازل وتعذيبًا في السجون والمعتقلات، ومِن حولهم مائةٌ وخمسون مليونًا من العرب، يتابعون ما يحدث بغضب وأسى ممّا يهدد المنطقة بكارثة إن لم تتداركها حكمة الراغبين فى السلام الشامل العادل.

أجل كيف وجدَ الرجلُ القادم من العالم الثالث فراغ البال ليكتب قصصًا؟ ولكن من حسن الحظ أنَّ الفنَّ كريمٌ عطوف، وكما أنَّه يعايش السعداء فإنَّه لا يتخلى عن التعساء، ويَهَبُ كل فريق وسيلة مناسبة للتعبير عما يجيش به صدره.

سادتي...

رغم كل ما يجري حولنا فإنَّني ملتزم بالتفاؤل حتى النهاية.. لا أقول مع الفيلسوف "كانت" إنَّ الخير سينتصر فى العالم الآخر، فإنَّه يحرز نصرًا كل يوم، بل لعل الشرَّ أضعف مما نتصور بكثير، وأمامنا الدليل الذى لا يُجحَد، فلولا النصرُ الغالب للخير ما استطاعت شراذمٌ من البشر الهائمة على وجهها عُرضة للوحوش والحشرات والكوارث الطبيعية والأوبئة والخوف والأنانية، أقول لولا النصر الغالب للخير ما استطاعت البشريةُ أن تنمو وتتكاثر وتُكوِّن الأمم وتَكتشِف وتُبدع وتَخترع وتَغزو الفضاء وتُعلِن حقوق الإنسان. غايةُ ما في الأمر أنَّ الشرَّ عربيدٌ ذو صخبٍ ومرتفع الصوت، وأنَّ الإنسانَ يتذكرُ ما يُؤلمه أكثر مما يسرُّه، وقد صدق شاعرنا أبو العلاء عندما قال:

إنَّ حـــزنًا ســاعـةَ المـــوتِ أضعاف سرورٍ ساعة الميلاد

سادتي...

أُكرِّر الشكر وأسألُكم العفو."

ما هي أجمل أعمال نجيب محفوظ برأيكم؟ وما الذي أَعجبكم في هذه الأعمال؟

المصادر:

- جريدة الشروق

- موقع الأديب العالمي نجيب محفوظ :هنا