الطب > علوم عصبية وطب نفسي

استمرار نشاط الدماغ أثناء النوم العميق وتبدل حالته بين الإثارة والتثبيط

على عكس أجهزة الحاسوب فإنّ دماغنا لا يتوقف عن العمل إطلاقاً، حتى لو كنت تحلم أحد أحلام يقظتك أو كنت تحت تأثير التخدير العام أو حتى عندما تغط في نوم عميق، يستمر "نظام التشغيل" الخاص بك في عمله دون توقف.

حيث أُجريت دراسة في جامعة براون Brown University على الفئران للوصول إلى معلومات دقيقة حول كيفية محافظة الدماغ على الحد الأدنى المطلوب من نشاطه في حالة راحته. اكتشف الباحثون أنّ نشاط الدماغ يزداد وينقص نسبة للحالات اليومية المختلفة.

يقول الدكتور Barry Connors بروفيسور العلوم العصبية في جامعة براون والباحث الأساسي في هذه الدراسة: "عندما تزداد إثارة الدماغ لدرجة يختل بها التوازن بين حالة الإثارة وحالة التثبيط يصاب الإنسان بنوبة صرعية، وعند حدوث العكس يغط الشخص في غيبوبة، لذا فسواءً أكنت مستيقظاً ومتنشطا وتقوم بمعالجة معلومات معينة في دماغك أم كنت في حالة من خمول النشاط العقلي يجب على الدماغ أن يحافظ على هذا التوازن بين حالتي الإثارة والتثبيط".

عندما بدأ الباحثون في بحثهم هذا ركزوا على منطقة في القشرة الخارجية لدماغ الفئران تعرف بـ Barrel cortex، وهي المسؤولة عن الإحساس في وجه الحيوان لا سيما شاربه (الشنب). وبشكل خاص قام الباحثون بتحديد نشاط الخلايا العصبية الهرمية الإثارية إضافة إلى أربعة أنواع من الخلايا العصبية البينية ذات الدور التثبيطي الموجودة في تلك المنطقة من الدماغ.

تعتبر الخلايا الهرمية أكثر أنواع الخلايا العصبية الإثارية عدداً في قشرة الدماغ لدى الثدييات، مما يقترح أنّها تلعب دوراً أساسياً ومهماً في العديد من الوظائف المعرفية للفرد، حيث تستقبل نبضات عصبية إثارية. أما الخلايا العصبية البينية فمهمتها وصل أنواع أخرى من الخلايا العصبية فيما بينها.

من أجل التجربة قام الباحثون بأخذ شرائح من المنطقة المذكورة في دماغ الفئران "Barrel cortex"، ثم قاموا بتحريض تيارات عصبية مختلفة الشدة ضمن هذا النسيج، مع تسجيل النشاط الكهربائي لكل خلية أثناء هذا الاختبار، رد فعل هذه الخلايا تجاه التحريض أو عدد الإشارات الصادرة عنها. وجد الباحثون في النهاية أنّ النشاط الكلي لهذه الخلايا شكَّل حالة مستمرة من التناغم في نشاط الخلايا العصبية الوسيطة.

إذ أظهرت الدراسة نشاطاً مرتفعاً لدى أنواع من الخلايا الوسيطة (ذات الدور التثبيطي كما ذكرنا) ونشاطاً أقل في الأنواع الأخرى. وبشكل مفاجئ كان نشاط أحد أنواع الخلايا الوسيطة ذات النشاط الأقل مماثلا أو حتى أعلى قليلا من نشاط الخلايا الهرمية الإثارية المجاورة في الحالة الطبيعية. ولكن يبدو عند دراسة رد فعل هذه الخلايا العصبية التثبيطية على سلوك مجاوراتها الإثارية أنها تعمل على التلاؤم مع النشاط العالي للخلية العصبية المجاورة لها عبر تخفيض شدة نشاطها، وتوازن القوى هذا بين الخلايا الهرمية الإثارية والخلايا الوسيطة التثبيطية يحافظ على حالة من الراحة في الدماغ لكنه وبنفس الوقت يكون جاهزاً فوراً للقيام بأي وظيفة معرفية، كالسيارة التي تنتظر على الإشارة الحمراء.

يتطلع الباحثون للقيام بمقارانات أشمل بين مختلف مناطق الدماغ القشرية، ويخططون لدراسة هذه الخلايا بشكل أكبر للحصول على صورة واضحة عن كيفية محافظة الدماغ على توازنه خلال فترات الراحة.

المصدر: هنا