البيولوجيا والتطوّر > بيولوجي

البكتريا... لمحةٌ عامة

هل تعلم أن النسبة الأكبر من البكتيريا هي جراثيم مفيدة؟ قد لا تبدو لك الفكرة مقنعةً في البداية، ولكن البكتيريا الموجودة في أمعاء البشر والحيوانات تساعدهم على الهضم بل وعلى إنتاج الفيتامينات أيضاً.

قبل تصنيف الجراثيم لنتحدث ببساطة عن بنية الخلية الجرثومية، ثم عن خصائص هذه البنى:

تتكون الخلية الجرثومية من نوكلويد حيث تحمل الجراثيم الصفات الجينية لها، بجوار النوكلويد توجد الريبوزومات ويحيط بها جميعاً غشاء سيتوبلازمي يحيط به جدارٌ خلوي، على الجدار الخلوي قد توجد أيضاً تراكيب وبنى أيضاً كالسياط، المحفظة البكتيرية، الأهداب، وقد تشكِّل هذه البكتريا بوغة.

لنتكلم الآن عن خصائص هذه التراكيب، وسنبدأ من الداخل للخارج:

• النكلويد أو النكليوئيد: هي منطقة من السيتوبلاسم يتوضع فيها الكروموزوم الذي يحمل حوالي 2000 جين، والكروموزوم عبارة عن الـ DNA البكتيري ويكزن بشكل سلسلة مضاعفة حلقية.

• الريبوزومات: وهي الأماكن المختصصة بإنتاج البروتينات أو بمعنى آخر أماكن ترجمة ال mRNA الحامل للشيفرة الوراثية إلى بروتين.

• البلاسميد: عبارة عن DNA مضاعف حلقي يحمل جينات لصفات معينة كصفة مقاومة مضاد حيوي معين، يستقل بتضاعفه عم تضاعف الكروموزوم البكتيري.

• الجدار الخلوي: يعطي الجدار الخلوي الخلية الجرثومية القساوة المطلوبة، يتكون من عدة طبقات خارج الغشاء السيتوبلازمي، يتمتع هذا الجدار بالنفوذية للجزيئات ذات الوزن الجزيئي الخفيف، تفيد هذه النفوذية في التبادلات بين الخلية البكتيرية والوسط الخارجي.

• الغشاء السيتوبلازمي: يمتد الغشاء السيتوبلازمي داخل الجدار الخلوي، ولديه وظائف عديدة مثل نقل الجزيئات إلى داخل ومن الخلية

• الأهداب أو الأشعار: تمتد من جدار الخلية ولكنها أقصر من السياط، لها شكل يشبه الشعر، تلعب دور رئيسي في الالتصاق بالخلية المضيفة، هذا الأمر الذي يعد الخطوة الأولى في إحداث الإصابة. توجد الأهداب بشكل رئيسي في الجراثيم سلبية الغرام. كما يوجد هناك نوع آخر من الأهداب تدعى بالأهداب الجنسية تساهم في عملية التبادل الوراثي بين خليتين بكتيريتين.

• السياط: تعتبر السياط وسيلة البكتريا للتحرك إلى مصادر الغذاء والاحتياجات الأخر الأخرى، تتكون السياط من اتحاد جزيئات بروتينية تدعى الفلاجيلين (Flagellin) قد تكون السياط من جهة واحدة من الجرثوم، وقد تغطي الجرثوم بأكمله، ولا توجد عند جميع الأجناس البكتيرية، حيث تكون البكتريا غير متحركة إذا لم تكن تملك سياطاً.

• المحفظة الجرثومية (الكبسول): طبقة تحيط ببعض أنواع البكتريا، ويتكون الكبسول من عديدات السكاكر وبروتينات في بعض الأحيان. للكبسول وظائف عديدة، حيث يتوسط التصاق البكتيريا بالنسج البشرية، يقوم الكبسول أيضاً بكبح عملية البلعمة (التي تحصل كرد فعل مناعي ضد البكتريا من قبل البلاعم الكبيرة)، بالإضافة لوظائف الأخرى.

• البوغة: قد تمر البكتريا بظروف غير ملائمة للبقاء، كنقص في الغذاء أو الماء، لذلك تتبع بعض الأنواع وسيلة للبقاء وهي تشكيل بنية مقاومة تتألف بجدار سميك وشديد المقاومة، هو ما ندعيه بالبوغة، حيث تحفظ البكتريا القسم الأكبر من كروموزومها والقليل جداً من السيتوبلاسم داخل هذا الجدار حيث تفقد معظم مائها قبل تشكل البوغة، هذا إلى أن تصبح الظروف مناسبة فتنتش البوغة وتعطي الخلية البكتيرية لتعاود نشاطها السابق. تتميز الأبواغ بمقاومتها الشديدة للحرارة والإشعاع والمواد الكيميائية. وهذا الأمر يعتبر هاماً في العمليات الجراحية أو غيرها من الإجراءات التي تحتاج إلى تعقيم. حيث أنَّ للمعقمات فقط القدرة على القضاء على الأبواغ. أما التطهير فيقضي على البكتريا غير المتبوغة.

يوضح هذا الشكل البنية التشريحية للبكتريا بشكل عام (ملاحظة: الأشعار، السياط والمحفظة ليست كلها موجودة عند جميع أنواع البكتريا)

• تصنيف الجراثيم:

يتم تصنيف البكتريا بحسب الشكل إلى 5 أشكال وهي: مكوّرات، عصيات، حلزونيات، ضّمات، ولولبيات. إلا أنه يوجد هناك تصنيف واسع للبكتريا يعتمد على اللون الذي يتلون به جدار الخلية الجرثومية. يدعى بصبغة "غرام Gram" حيث كان الفيزيائي الدينماركي "كريستيان غرام" هو أول من طور هذا الصباغ الذي سمح فيما بعد بتصنيف البكتريا إلى بكتريا إيجابية صبغة الغرام (Gram-positive) التي تملك اللون البنفسجي، وجراثيم سالبة صبغة الغرام (gram-negative) التي تملك اللون المحمر. يساعدنا تلوين غرام ليس فقط لتصنيف البكتريا، وإنما أيضاً في معرفة بعض العلاجات المناسبة، حيث تتمتع الجراثيم إيجابية صبغة الغرام باستجابة أعلى للبنسلين مقارنة بنظيرتها سالبة صبغة الغرام.

بعض الأمثلة عن أمراض تسببها الجراثيم سالبة صبغة الغرام: الدفتيريا، الكزاز، الغرغرينا. وأمراض تسببها الجراثيم موجبة الغرام: الإسهال، الكوليرا، السعال الديكي.

تتميز الجراثيم سالبة الغرام بوجود ذيفانات/ سموم داخلية (endotoxins) في جدارها الخلوي، حيث لا توجد هذه الذيفانات السموم في الجراثيم موجبة الغرام. تسبب هذه الذيفانات أعراض تتضمن ارتفاع درجة الحرارة وانخفاض الضغط وارتفاع عملية البلعمة من قبل البالعات الكبيرة التي تلعب دور مناعي في الجسم، وغيرها من الأعراض. تتميز كل من الجراثيم الإيجابية وسالبة صبغة الغرام بالذيفانات الخارجية (exotoxins) التي يمكن أن تسبب إصابات أعضاء بعيدة عن مكان وجود البكتريا في الجسم، حيث تحمل السموم الخارجية عن طريق الدم. يمكن تقسيم الذيفانات الخارجية إلى عدة مجموعات وهي الذيفانات العصبية، الذيفانات المعوية والذيفانات العضلية.

• هل تحتاج البكتريا إلى غذاء للقيام بعملها والتكاثر؟

الجراثيم كالخلايا الأخرى بحاجة إلى الغذاء للقيام بهذه العمليات والنمو. ولكن مما يتكون هذا الغذاء؟

1) الاوكسجين والهيدروجين: تحصل الجراثيم على الأوكسجين والهيدروجين عن طريق الماء، والذي يعتبر أساسياً لنمو الجراثيم.

2) الكربون: تحصل عليه الجراثيم من خلال طريقتين:

الجراثيم ذاتية التغذية: تحصل على الكربون عن طريق ثاني أوكسيد الكربون وقيامها بالتركيب الضوئي أو الكيميائي.

الجراثيم غيرية التغذية (الطفيلية) تحصل على الكربون عن طريق السكر.

3) أيونات غير عضوية: مثل النيتروجين والبوتاسيوم والفوسفور.

4) مواد غذائية عضوية: وتحتاجها الجراثيم بنسب مختلفة بحسب نوعها، هذه المواد هي الكربوهيدرات: التي تستخدم كمصدر للطاقة وتدخل في تركيب بعض مفرزات الخلية، الأحماض الأمينية: تعتبر أساسية لنمو بعض أنواع البكتيريا، الفيتامينات: بعضها ضروري للنمو.

المصدر: ESSENTIAL MICROBIOLOGY for DENTISTRY, Lakshman Samaranayake, Third Edition