الطبيعة والعلوم البيئية > علم الأرض

لغز البحيرة الوردية

البحيرة الوردية Pink Lake بحيرة شديدة الملوحة، تقع على بعد 4 كم غرب Esperance في أستراليا، وقد جعل لونها الوردي من المنطقة معلماً سياحياً كما أن حصاد الملح شكّل قاعدةً لصناعة الملح الصغيرة التي أمدت السوق المحلي والقطاع الزراعي.

تستجيب العديد من الطحالب والبكتريا الموجودة في البحيرة للملوحة العالية بالتحول إلى اللون الأحمر أو الوردي وتعتمد كائنات البحيرة على مستويات الملوحة والمغذيات فيها بحيث أن أي تعديل في مستوياتها سيؤدي إلى فقدان اللون الوردي ومعه عنصر الجذب السياحي.

ليست البحيرة ورديةً بشكل دائم بل تصبح كذلك بارتفاع تركيز الملح فيها مع توافر الشمس والدفء اللذين يحفزان نمو الطحالب والبكتريا حيث يتراكم صباغ البيتا كاروتين.

يعد نوع البكتريا Halobacterium salinarum أهم الأنواع المستوطنة والمسببة للون المميز، وهي نوع من البكتريا أليفة الملح التي تنتمي إلى الـ Archaea أو البَدْئِيَات (نوع أساسي من البكتريا). هذه البكتريا عصوية الشكل ومتحركة وتعد من الأنواع القليلة المعروفة التي تستطيع العيش في محاليل ملحية مشبعة*. يمكن التعرف على تجمعات هذه البكتريا بفضل لونها النموذجي الذي يعزى إلى الباكتريو- روبيرنز bacterioruberins**. يمكن لهذه البكتريا أن تعيش باستخدام الشمس كمصدر وحيد للطاقة بفضل نشاط البروتين الشبكي المدعو بـ "الرودوبسين البكتيري". فكّر بهذا البروتين كصباغ ضوئي مماثل لكلورفيل النبات حيث يستخدم طاقة الضوء محولاً إياها إلى طاقة كيميائية.

اقترحت شركة أستراليا المحدودة لإنتاج الفيتامينات استزراع نوع من أنواع الطحالب الأصلية الموجودة في البحيرة على قاعها لغرض استخراج الكاروتين مع إضافة محلول ملحي للبحيرة والتحكم في مستوى الملح والمغذيات لتعزيز نمو الطحالب، حيث أن الكاروتين الممكن استخراجه ضروري كملون في الصناعات الغذائية. لكن شركة استخراج الملح أعربت عن قلقها من أن إضافة المغذيات قد يدمر التوازن في البحيرة ويزيد أعداد البكتريا الصمغية mucilaginous bacteria الأمر الذي سيفسد إنتاج الملح.

إذاً فاللون المميز للبحيرة الوردية عائدٌ لملوحتها وأحيائها، لكن وليس بعيداً عنها تتوضع بحيرةٌ أخرى هي بحيرة هيلر Hillier Lake ضمن أحد الجزر جنوب القارة الأسترالية. لون هذه البحيرة وردي أيضاً وهي شديدة الملوحة لكن الغريب أنه لا يتغير تبعاً للفصل أو الظروف الجوية كما أن اللون يبقى كما هو حتى عند وضع المياه في وعاء. أما عن السبب فلا يزال قيد الدراسة ولو أن وجود البكتريا آنفة الذكر ليس أمراً مستبعداً من قائمة الأسباب المحتملة.

(*) المحلول المشبع: إذا أذبنا أكبر كمية ممكنة من المذاب (ملح) في مذيب (ماء) أصبح المحلول مشبعاً. أي أن أية إضافة للمذاب إلى المحلول ستؤدي إلى ترسبه.

(**) الباكتريو- روبيرنز bacterioruberins: صبغة كاروتينية موجودة في بعض البَدْئِيَات الهوائية المحبة للملوحة، تعطيها الصبغة اللون الأحمر الفاقع وظيفتها حماية البكتريا من أشعة الشمس القوية في بيئاتها الطبيعية

المصادر:

البحيرة الوردة

هنا

هنا

بحيرة هيلر

هنا

تعرف على بحيرات وردية أخرى حول العالم:

هنا