علم النفس > المنوعات وعلم النفس الحديث

كيف تنشط ذاكرتك؟

هل تجد صعوبة في تذكر اسم معلمتك في المدرسة الابتدائية؟ أم أن مشكلتك في التذكر تقتصر فقط على استحضار ما تناولت على العشاء يوم أمس؟ تميل كل من الذاكرتين القصيرة وطويلة الأمد للتراجع مع التقدم بالعمر، وكلما استطاع الأخصائيون فهم آلية تراجع أو تقهقهر الذاكرة، كلما تمكنوا من اكتشاف سبل جديدة لإبطاء هذه العملية أو حتى عكس مسارها. إليكم هذه الحيل التي تساعد على تنشيط الوظائف الإدراكية وتحسين الذاكرة لديكم:

- غذاء الفكر:

إن التقدم بالعمر هو أمر حتمي لا محالة، إلا أنّ الجميع يرغب بعيش نمط حياة يتسم بالرشاقة والنشاط حتى مع التقدم في العمر، وهذا لا ينطبق فقط على المظهر الخارجي بل أيضاً على الجانب الفكري والروحي. يقول العلماء أن الغذاء الصحي هو ما يُشكل أحد الفروق الأساسية بين من هم في قمة النشاط في السبعين وبين أولئك ممن يبدو عليهم الإرهاق والانهاك وهم لازالوا في الأربعين لذا من المهم الحفاظ على صحة دماغك وزيادة فاعليته في التذكر من خلال تناول الأغذية الغنيّة بمضادات الأكسدة كالتوت البرّي والتفاح والموز والخضراوات ذات الأوراق الخضراء الداكنة (خس بقدونس سبانخ) والثوم والجزر، فمضادات الأكسدة تتسم بالقدرة على إبطال مفعول الجذور الحرّة "free radicals" والتي من شأنها التسبب بالضرر لخلايا الدماغ. أيضاً الأحماض الدسمة غير المشبعة وأهمها الأوميغا3 تلعب دوراً أساسياً في حماية خلايا الدماغ وتُحسّن عمل الأعصاب. وهذه الأحماض نجدها في أنواع الأسماك المختلفة كالسلمون والتونة والسردين وغيرها و أيضا في المكسرات.

قد يطلب دماغك أيضاً بعضاً من الحلوى وهنا يأتي دور الشوكولا التي قد تُساعد على تحسين الذاكرة والإدراك بما أنها غنية بمضادات أكسدة تُدعى الفلافونوئيدات flavanols، لكن إيّاك والإكثار من تناولها فقالب الشوكولا أيضا مليء بالسكر والدهون المشبعة التي قد تصيبك بالكسل...

- مارس بعض الألعاب الذهنية:

كما الجسد بحاجة لتمارين رياضية فإن الدماغ أيضاً بحاجة لتمارين خاصة به لتنشيط الذاكرة وزيادة التركيز، ليكون دماغك بأفضل حال دعه يتعب من التفكير والتحليل، فالتفكير الشاق يُساعد بالفعل على تنشيط ذاكرتك ووظائفك الإدراكية ومع تزايد الدراسات التي تثبت هذا الشيء، اكتسحت الأسواق أعداد هائلة من برامج "لياقة الدماغ" ومن أشهر هذه البرامج برنامج يُدعى " Lumosity " تم تطويره من قبل أطباء الأعصاب وأخصائيي علم النفس المعرفي في جامعة Stanford يُساعد البرنامج كبار السن على تحسين الذاكرة وزيادة التركيز والانتباه وتحسين المزاج.

موقع Lumosity هو موقع مجاني يُتيح لك الوصول لأكثر من 30 لعبة أما التسجيل المدفوع يُتيح لك تقفي مراحل تقدمك والحصول على ملاحظات ونتائج تخص أدائك في كل لعبة.

هنالك أيضاً طرق تقليدية كالكلمات المتقاطعة وفك الألغاز كلعبة السودوكوSudoku، فهي بمثابة تمارين وتدريبات ذهنية لتنشيط ذاكرتك وتساعدك على تحقيق لياقة ذهنية عالية من خلال تحدي قواك المنطقية واستذكار معلوماتك ومعارفك المكتسبة.

- احصل على قسط كاف من النوم:

دماغك لا يتوقف عن العمل أثناء النوم كما تظن، فخلال النوم يقوم دماغك بعرض الأحداث التي مرت معك خلال اليوم فيقوم بدمجها وتخزينها في الذاكرة الطويلة لتصبح ذكريات، وحسب دراسة أجريت في المختبر على الفئران وجدت أنه خلال فترة النوم تمر منطقتين في الدماغ مرورا سريعاً على أحداث ومعلومات قمت باكتسابها خلال النهار، هاتين المنطقتين هما منطقة الحصين hippocampus وقشرة مقدمة الجبهة البطنية الناصفة medial prefrontal cortexاللتان تقومان باستعادة الذكريات من الماضي القديم (عند الفئران والإنسان)، وهذه العملية يُعتقد أنها في غاية الأهمية لدمج وترتيب الذكريات الجديدة لذلك كنتيجة طبيعية، فإن الانقطاع عن النوم لليلة واحدة من شأنه أن يُسبب تشويش في عملية تخزين هذه الذكريات الجديدة أو حتى فقدانها وبالتالي قد يكون شبه مستحيل استعادتها فيما بعد..

- مارس الرياضة:

التمارين الجسدية لا تزيد فقط من حجم عضلاتك بل أيضا تعزز الذكاء والقدرات العقلية لديك. تُظهر دراسة أن مركز الذاكرة في الدماغ "منطقة الحصين" قد يُصاب بالتراجع والانكماش مع التقدم بالعمر، إلا أن دراسة في عام 2011 وجدت أن كبار السن ممن يُمارسون رياضة المشي بشكل منتظم يزيد لديهم حجم منطقة الحصين وبالتالي أداء أفضل أي ذاكرة أقوى.

في دراسة أجراها Arthur Kramer في جامعة Illinois-Urbana Champaign قامت مجموعة مؤلفة من 60 بالغ ممن تتراوح أعمارهم بين 55-80، قامت بمُمارسة الرياضة ثلاث مرات لمدة 40 دقيقة أسبوعياً - تمارين إيروبيك كافية لزيادة ضربات القلب- بينما قامت مجموعة أُخرى من 60 مشارك بتمارين رياضية من نوع آخر كرفع الأثقال وجلسات اليوغا والمرونة لنفس المدة من الوقت، وبعد سنة من ممارسة هذه التمارين فقد المشاركون أكثر من 1% من حجم المنطقة الأمامية للحصين على عكس المجموعة الأولى التي اكتسبت 2 % زيادة في حجم المنطقة الأمامية للحصين بعد سنة من ممارسة الإيروبيك مما أدى لعكس تقدم هذه المنطقة المسؤولة عن الذاكرة في العمر بمعدل سنتين.

يعزو العلماء زيادة الفائدة على الدماغ لسبب أن ممارسة التمارين قد تُسبب الشعور بالاجهاد والقلق الخفيف الذي بدوره يُحفز انتاج عوامل النمو في الدماغ، ومنهم من يقول أن مُمارسة الرياضة يؤدي لتدفق الدم إلى الدماغ فالمزيد من الدم يعني المزيد من الأكسجين وبالتالي تغذية أفضل للخلايا الدماغية التي تكون بمثابة طاقة لتفكير أفضل وذاكرة أنشط، في كلا الحالتين تُبين الأبحاث أن التقدم بالعمر لم يعد طريقا أحادي الاتجاه فذاكرتك لن تهوي بعد الآن في طريق التقهقر الحتمي كما تظن..ذاكرتك كما جسدك يمكن أن تعود لتنعم بالنشاط والطاقة من جديد.

المصادر:

هنا

هنا