الفنون البصرية > أساطير الشعوب

أوديسياس ورحلة العودة إلى الوطن

بعد مرور عشر أعوام على سقوط طروادة بدأت أسطورة جديدة. في ذلك الحين كان الملك أوديسيس (يوليسيس Ulysess باللاتينية) لا يزال بعيداً عن مملكته في إيثيكا (Ithaca). ولتزيد همومه فقد تعدّى بعض النبلاء على قصره وسلبوا أراضيه، وطمعوا في زوجته الجميلة بينيلوبي فطلبوا يدها لكنها رفضت وظلّت مخلصة لزوجها.

حاول ابنه الأمير تيلماكوس (Telemachus) رميهم خارج أراضي العائلة إلا أنه لم يملك الجرأة أو الخبرة الكافية لقتالهم. وكان من هؤلاء النبلاء أنطونيوس الذي حاول اغتيال الأمير بغاية فرض سيطرته الكاملة على القصر.

ما جهله النبلاء هو أن أوديسيس حي، وأن الحورية كاليبسو (Calypso) حبسته في جزيرتها أوغيجيا (Ogygia). من جهة أخرى وبعد مناقشة طويلة بين الآلهة بشأن مصير أوديسيس وابنه قررت الآلهة أثينا مساعدة الأمير. فتنكرت بهيئة صديق لجد الأمير واستطاعت الوصول إليه لترسله في رحلة إلى إسبرطة وبيلوس (Pylos & Sparta) حيث علم الأمير أن أباه على قيد الحياة وأنه سجين كاليبسو.

عاد الأمير إلى إيثيكا وكان أنطونيوس قد وضع بمساعدة بعض النبلاء خطة لاغتياله عند وصوله إلى الميناء لكن خطته باءت بالفشل.

أما الآلهة فقد أرسل زيوس هيرمس لإنقاذ أوديسيس، وقد نجح هيرمس في إقناع كاليبسو بإطلاق أوديسيس والسماح له ببناء سفينةٍ لمغادرة الجزيرة. إلا أن إله البحر بوسيدون علم بإبحار أوديسيس على متن سفينته وأرسل عاصفة لتدميرها، قبل أن تتدخل أثينا وتنقذ أوديسيس. لذا وبدلاً من أن يصل أوديسيس إلى مملكته فقد وصل إلى أراضي الفياشن، حيث استقبلته الأميرة نوسيكا (Nausica) وقادته إلى القصر الملكي، لينال أوديسيس ترحيباً حاراً من الملك والملكة.

بعد أن أطلعهم أوديسيس على هويته قضى الليلة يحكي مغامراته وما حدث معه منذ أن ترك طروادة مع رجاله.فبعد أن أبحر أوديسيس مع رجاله من مدينة طروادة نهبوا الأهالي المحليين في أول محطة رست سفينتهم فيها. بعد ذلك تقاذفتهم العواصف في البحر حتى وصلوا جزيرة آكلي اللوتس (Lotus Eaters)، هناك أكل بعض رجاله أزهار اللوتس فأنستهم وطنهم وعائلاتهم وأُجبروا على العودة إلى السفينة.

بعد ذلك وصلوا إلى أرض العمالقة ذوي العين الواحدة (Cyclopes)، ودخلوا كهف أحد العمالقة الذي أغلق الكهف عليهم وأكل بعض الرجال قبل أن يتمكن أوديسيس بذكائه من أن يصيب العملاق بالعمى ويهرب مع رجاله. إلا أن غرور أوديسيس جعله يرتكب خطأً إذ صرخ موبخاً العملاق أثناء مغادرته، وأخبره باسمه كنوع من التحدي والتفاخر. أغضب ذلك بوسيدون إله البحر فقد كان العملاق ابنه، لذا حاول بوسيدون لاحقاً أن ينتقم من أوديسيس.

بعد مغادرة جزيرة العملاق وصل أوديسيس ورجاله إلى جزيرة أيولوس (Aiolos) لكنهم لم يمكثوا فيها طويلاً. فقد كان إله الرياح قد جمع لأوديسيس داخل حقيبةٍ كل الرياح التي يحتاجها ما عدا الرياح الغربية وأعطاه الحقيبة. لكن رجال أوديسيس لم يعرفوا بالأمر وظنوا أن الحقيبة تحوي كنزاً، وحين فتحوها هبّت الرياح وعصفت راميةً إياهم إلى جزيرة الساحرة سيرس (Circe) التي حولت معظم الرجال إلى خنازير.

بمساعدة الآلهة استعاد الرجال هيئاتهم البشرية، وبعد مضيّ ما يقارب العام قرروا جميعاً العودة للوطن. وجب عليهم أولاً الذهاب برحلةٍ إلى العالم السفلي للقاء تيريسيس (Tiresias) وسماع نصائحه. في العالم السفلي أخبر تيريسيس أوديسيس أنه سينجح في العودة إلى الوطن لكن بعد مواجهة بعض المصاعب. وتحدث أوديسيس أيضاً مع أرواحٍ أخرى منها روح أمه التي ماتت حزناً حين ظنت أنه مات.

بعد تلك الرحلة عاد الرجال إلى جزيرة سيرس، وهناك مروا قريباً من سيرنز (Sirens) الامرأة الوحش ذات الصوت العذب الذي يجذب البحارة إليها ليلاقوا حتفهم. أمر أوديسيس رجاله بإغلاق آذانهم وربطه هو إلى صاري السفينة، فتمكن من سماع أغنية سيرنز دون أن يذهب إليها وكان الشخص الوحيد الذي سمعها وبقي حياً.

بعد ذلك قابلوا وحشين إنثيين رهيبين هما سايلا و تشابريدس (Scylla & Chabrydis)، وكما توقعت الساحرة سيرس فقد أكلت سكايلا ستة رجال بينما استطاع الآخرون النجاة من تشاريبدس بصعوبة.

بعد الهرب من الوحشين رست سفينتهم في جزيرة هيليوس (Helios) إله الشمس الذي يربّي ماشيته المميزة في الجزيرة، ورغم تحذيرات تيريسيس وسيرس بشأن عدم أكل الماشية إلا أن الرجال لم يقدروا على التحكم بجوعهم الشديد. وما إن أكلوا منها حتى هبت عاصفة أودت بحياتهم جميعاً ما عدا أوديسيس، الذي اكتمل سوء حظه بوقوعه أسيراً لدى كاليبسو إلى أن أنقذته أثينا.

بعد أن انتهى أوديسيس من رواية مغامراته للفياشن قاموا بإيصاله إلى إيثيكا، حيث ذهب إلى كوخ صديقه مربي الخنازير أومايوس (Eumaeus) الذي رحّب به أشد الترحيب. سرعان ما اجتمع أوديسيس بابنه ووضعا معاً خطة لاستعادة السيطرة على مملكتهم.

فذهب أوديسيس إلى القصر متنكراً بهيئة متسول محتملاً إهانات النبلاء له، ولم يتعرف عليه أحد عدا ممرضته التي أقسمت على كتم سرّه. كما راودت بينيلوبي شكوك بشأنه فاعتقدت أنه قد يكون زوجها المفقود. ولكي تتحقق من الأمر أقامت مسابقة رماية في اليوم التالي، ووعدت بالزواج من الرجل الذي يستطيع أن يستخدم قوس أوديسيس ليطلق سهماً يعبر خلال إثني عشر فأساً، وهو أمرٌ لن يستطيع أحد أن ينفذه إلا أوديسيس نفسه.

حاول العديد من الرجال إتمام المهمة لكنهم فشلوا جميعاً، إلى أن حان دور أوديسيس الذي ما إن أتم المهمة حتى وجه سهمه إلى النبلاء الخائنين، وبمساعدة ابنه وخدمه المخلصين قتلهم ثم كشف عن هويته. ثارت أسر النبلاء لمقتلهم وحاول العديد أن يهاجموا القصر لكنه أوقفهم من خلال قتله لوالد أنطونيوس. أخيراً استعاد أوديسيس زوجته ومملكته وزار أباه المسن في الريف وعادت كل الأمور إلى طبيعتها لتنتهي الأوديسّة بسلام.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

مصدر الصورة:

هنا