التاريخ وعلم الآثار > تحقيقات ووقائع تاريخية

حجر الرشيد، أو شاهدة بطليموس، القصة التاريخية الكاملة، أكبر أسرار مصر ... الجزء الثاني

بطليموس الخامس (205 ق.م- 181 ق.م ) و مصر في حكمه

بعد ترجمة حجر الرشيد أو شاهدة بطليموس التي تعتبر من أهم المقتنيات الأثرية التي تدل على المجتمع المصري القديم بالإضافة الى انها كانت بوابة الى اللغة الهيروغليفية ، وقع على كاهل الآثاريين و المؤرخين كتابة تاريخ مصر في الفترة التي كتب بها هذا الحجر ، و محاولة فهم كل ما يستطيعون الحصول عليه من حجر الرشيد و غيره من الكتابات الموجودة على جدران المعابد و الوثائق و العملات .

من هو بطليموس الخامس ؟

بطليموس الخامس ابيفانس ( الظاهر ) - باليونانية ( Πτολεμαῖος Ἐπιφανής ) ، توفي عام 180 قبل الميلاد و هو خامس ملوك الدولة البطلمية المصرية و أيضاً ابن بطليموس الرابع فيلوباتور و ارسينوى الثالثة .

نبذة عن تاريخ الفترة :

أُعلِن موت الملك والملكة، وقد كان هذا أمرًا مريبًا للشعب، مما جعل شعب الإسكندرية فى حالة ثورة وحزن شديدين، وبخاصة لموت الملكة، فى حين لم يُعيروا موت الملك أدنى اهتمام. كما زادت كراهية الشعب لأسرة «أجاتوكليس» بسبب قتل الملكة.

أصبحت أسرة «أجاتوكليس» هى الحاكمة فى البلاد دون منازع باسم الطفل «بطليموس الخامس». وقد قام «أجاتوكليس» بمحاولات لتهدئة الأمور الداخلية من خلال: كسب مودة الجنود بإغداق الأموال عليهم، وإبعاد «فيلامون» ـ الذى أشرف على قتل الملكة ـ بتعيينه حاكمًا خارج البلاد، وتنشئة الملك الطفل تحت رعاية أمه وأخته، وإبعاد كل الرجال البارزين الذين يخشى معارضتهم إياه بسبب ما يعرفونه عنه، وبث عيونه فى كل مكان لكشف ما يحاك من مؤامرات ضده أو ما يقال عنه، مثل قتله شخصًا يُدعى «دينون» ـ اشترك فى جريمة قتل الملكة ـ بسبب حديثه مع الشعب عن أسرار مفزعة بِشأن هذه الجريمة.

وهكذا سيطر «أجاتوكليس» على مِصر بكل ظلم وتسلُّط وتجبُّر، وكان الشعب ينتظر من يمكنه قيادة ثورتهم ضده. إلى أن ظهر القائد «تليبوليموس» والذى عمِل على استمالة الجنود إليه. وعندما أدرك «أجاتوكليس» هذا، أشاع أن القائد خان البلاد وأنه سيسلمها إلى ملك سوريا، ولكن الشعب لم يصدقه، فحاول استمالة الشعب والجنود إليه فلم يستطِع. وعندما شعَر القائد «تليبوليموس» بتطور الأمور ضد الوصى على الملك، أسرع بتعجيل الثورة ـ التى كادت أن تنفجر ـ بمنع وصول الطعام إلى الإسكندرية. وقد ساعد على اندلاع الثورة ما قام به «أجاتوكليس» نفسه، إذ قبض على أشخاص ظن أنهم على اتصال بالقائد الثائر، ومنهم: حاكم مدينة «بوبسطة»، ـ والذى قام بتعذيبه للاعتراف بمؤامرة يحيكها ضده فثار الشعب ـ وأيضًا القائد «موراجين» الذى هرب عاريًا ـ قُبيل وضعه على آلات التعذيب ـ إلى معسكر قريب للجنود الذين ثاروا وثارت معهم المدينة كلها محاصرين القصر مطالبين برؤية الملك.

قام الجنود بمحاولة الوصول إلى الملك، وعندئذ شعَر «أجاتوكليس» بالخطر، فأعلن استعداده للتنازل عن وصاية الملك وسلطته هو وأقاربه وكل ما يملك مقابل حياته. ولكن الشعب رفض، مطالبين بالمَلك. وعند رؤية الشعب للملك، فرِحوا وأجلسوه على العرش وطالبوا بالقصاص من المجرمين. وفى أثناء هذا ظهر أحد أتباع «أجاتوكليس» ووبخ الشعب على موقفهم منه، فما كان من الثائرين إلا أن قتلوه، وبدأت مذبحة لم تنتهِ إلا بعد قتل «أجاتوكليس» بالحِراب، ثم قُتل «نيكون» القائد وأحد أقاربه، وقُتلت أخته ومعها أخواتها وكل أفراد أسرتها، أعقبه قتل أمه المتجبرة.

بعد القضاء على «أجاتوكليس» وأسرته، قام الشعب بتعيين «تليبوليموس» وصيًا على الملك. ولم يكُن عند حُسن ظن الشعب به، فقد كان مغرورًا وإداريًا فاشلاً فى تصريف أمور الدولة. واستولى على الأموال من خِزانة الدولة للصرف على نفسه وأصدقائه فى الولائم واللهو. لم يهتم بإدراة شؤون البلاد ففقدت مِصر أملاكها فى الخارج. وفى حالة الضعف هذه، اتفق كل من ملك سوريا وملك مقدونيا على الاستيلاء على ممتلكات مِصر بل اقتسام مِصر فيما بينهما. وبالفعل فقدت مِصر كل أملاكها فى آسيا الصغرى ـ ما عدا «أفسس» ـ بالإضافة إلى سوريا الجوفاء.

وفى ظل هذه الأحداث، شعَر المصريون بالخجل من ضياع ممتلكات مِصر، وأدركوا أنهم وضعوا ثقتهم فى غير موضعها عندما نصّبوا «تليبوليموس» وصيًا على الملك وأساء التدبير. فغضب الشعب عليه، وعُزل وعُيِّن مجلس وصاية من شخصين: «أريستومين»، و«سكوبوس».

قام «سكوبوس» بالتجهيز لاستعادة سوريا الجوفاء وحقق انتصارات فى بادئ الأمر، ولكنها لم تكُن بسبب كفاءته أو حسن قيادته، فسرعان ما هُزم شر هزيمة وعاد إلى مِصر وهو ممتلئ بالغيظ. حاول بعدها مع أتباع له عمل انقلاب على الوصى الثانى «أريستومين»، والذى أدرك ما يُعد له من مكائد، فقام بمراقبته وقدمه إلى محاكمة عادلة أدانته هو وكل من شاركه وأُعدموا. وبهذا عاد السلام والهدوء الإسكندرية.

تتويج «بطليموس الخامس» ملكًا فرعونيًا على مِصر

تُوِّج «بطليموس الخامس» فِرعَونًا على مِصر بالطريقة المِصرية القديمة، وهى المرة الأولى فى عهد البطالمة التى يجرى فيها تتويج الملك فِرعَونًا، وذلك بهدف استرضاء الشعب ورجال الدين حتى تُخمد ثوراتهم. فقد كانت الأمور فى عهد «بطليموس الخامس» دقيقة، لفقد مِصر أملاكها فى الخارج، واشتعال نار الفتنة فى الداخل منذ موقعة رفح، وشعور المصريين بعزتهم وهُويتهم المِصرية، وقد ظهر بطلان مِصريان أسسا مملكة فى إقليم طيبة. وقد أرسل الملك جيشًا ضد الثوار لمحاصرتهم، وبعد فترة لم يجدوا حلاً سوى الاستسلام بعد أن أعطاهم الملك الأمان فسار إليه زعماؤهم، ولكنه نكث عهده وعاملهم بقسوة بالغة.

فى بَدء حكم بطليموس الخامس كان يكِنّ كل محبة لـ«أريستومنيس» الذى أدار البلاد بكل حكمة واقتدار ولا يفعل شيئًا إلا بمشورته، إلى أن أفسد العَلاقة بينهما تدخل بعض الأصدقاء المغرِضين، وهو ما تسبب فى كراهية «بطليموس» تجاه «أريستومنيس»، حتى إنه حكم عليه بالإعدام بتجرع السم.

خلف «أريستومنيس» شخص يُدعى «بوليكرانتيس» وكان نائبًا للملك فى قبرص. لكنه لم يكُن كفئًا لهذا المركز، فقد كان ينصح الملك بما يتفق وأهواؤه وميوله. وفى هذه الفترة حكم «بطليموس» مِصر بقسوة ووحشية، مما جعل المصريين يكرهونه.

وقد مات «بطليموس الخامس» فجأة وهو يُعِد العُدة لمهاجمة ملك سوريا، وقيل إنه مات بالسم. وتولى بعده «بطليموس السادس»

لمتابعة الجزء الأول من المقال:

حجر الرشيد، أو شاهدة بطليموس، القصة التاريخية الكاملة، أكبر أسرار مصر ... الجزء الأول

هنا

المراجع:

Hölbl، G.A (2007) History of the Ptolemaic Empire. London: Routledge

Bowman، A.K. (1996) Egypt after the Pharaohs: 332 BC-AD 642; From Alexander to the Arab Conquest. Berkeley: University of California Press

Thompson، D.J. (1994) 'Literacy and Power in Ptolemaic Egypt'، in Alan K. Bowman and Greg Woolf (eds.)، Literacy and Power in the Ancient World . Cambridge: Cambridge University Press

Thompson، D.J. (2003) The Ptolemies and Egypt in Andrew Erkine (ed.)، A Companion to the Hellenistic World. Oxford: Wiley-Blackwell

الأمين، خرار محمد. (1997) عبقرية الحضارة المصرية القديمة. القاهرة: دار الكتب المصرية.

الحناوى، هشام (2005) حجر رشيد وكشف أسرار اللغة المصرية القديمة. القاهرة: المكتبة الأكاديمية.

حسن، سليم (2000) مصر القديمة من بطليموس الخامس الى بطليموس السابع. القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب.