الفلسفة وعلم الاجتماع > الفلسفة السياسية

وسائل القوة

لا بد للدول الساعية للتأثير على الدول الأخرى، ولتنفيذ مصالحها ورغباتها وتطلعاتها، امتلاك الأدوات التي تعمل على تحقيق أهدافها. وتتراوح أهمية هذه الأدوات من عدة نواحي. كل الدول تسعى للحصول على جزء منها إن لم تتح لها الإمكانيات الحصول عليها كلها. لا شك بأنَّ امتلاك الدولة لمجمل هذه الأدوات يحقق لها مكسبا كبيراً. ومن الجدير بالذكر بأن الوسائل تختلف عن بعضها بتأثيرها، فبعضها قوي التأثير و الآخر ضعيف، وبعضها قريب المدى و الآخر بعيد.

بعد أن تحدثنا في مقال سابق عن مفهوم القوة في العلاقات الدولية: هنا

وعن عناصر القوة: هنا

تابعوا معنا اليوم مقالنا عن وسائل القوة في العلاقات الدولية.

 الوسائل الاقتصادية:

ترتبط هذه القدرة، بالتصدير والاستيراد والسلع والخدمات وتبادل الثروة والمعاملات المالية والعقوبات والمقاطعات الاقتصادية ومنح الأفضليات كوضع الدولة الأكثر رعاية، وأدوات تحديد سعر الصرف للعملة المحلية والاستثمارات. و لقد أصبح الاقتصاد محور عمليات تفاعل واسعة النطاق بين الدول. هذه الوسائل لا تؤثر فقط على رفاهية الشعوب، وإنما على أمن الدول كذلك.

 الوسائل العسكرية:

فشل القوة الاقتصادية لدولة ما قد يؤدي إلى الفقر، بينما قد يعني فشل القوّة العسكرية لها الموت. وتشمل القوة العسكرية لأي دولة بصفة رئيسية قواتها المسلحة بأفرعها البرية والبحرية والجوية، وتسليحها التقليدي وغير التقليدي، وكفاءتها القتالية، ومواقع انتشارها. إضافة إلى العلاقات الدفاعيّة التي تربط الدولة بالدول الأخرى، بما تشمله من تعاون أو تحالف عسكري. و هذا فضلاً عن العنصر العسكري المتمثل بالصناعات الحربية .

و كما يقول ميكافيللي :" إن الأسس الرئيسية للدول اليوم كما هي بالأمس هي نوعان : القوانين الجيدة والجيوش الجيدة " . [1]

 الوسائل الاستخباراتية:

وتعني عمليات جمع وتقييم المعلومات الخاصة، بقدرات ونوايا وخطط وتحركات الأطراف الأخرى ذات العلاقة بمصالح الدولة. على غرار ما تقوم به عادة أجهزة الاستخبارات، مستخدمة وسائل الاستطلاع والتنصت والجواسيس.

تمتد العمليات الاستخباراتية إلى أعمال أوسع، كالتي اصطلح على تسميتها في العلاقات الدولية تقليديا "بالنشاطات السرية"، التي تصل بالنسبة لبعض الدول إلى تنفيذ أعمال الاغتيال والحماية والاختطاف والتوريط أو تهريب الأسلحة أو الأموال.

 الوسائل الدبلوماسية:

لم تعد الدبلوماسية ترتبط فقط بالمراسم أو الترتيبات أو توصيل الرسائل، و إنما تعدتها إلى شرح السياسات وتوضيح المواقف والتنسيق السياسي وإجراء المفاوضات وعقد المعاهدات والتوصل إلى تفاهمات. فقد أصبحت الدبلوماسية إطاراً لأنشطة واسعة. وتعتمد هذه الوسيلة على شبكة واسعة من السفارات، والقنصليات، والمفوضيات التي لا تضم دبلوماسيين فقط، إنما ملحقين تجاريين وثقافيين وإعلاميين وعسكريين .

 الوسائل الرمزية :

تشتمل على وسائل غير مادية، كالأدوات الإيديولوجية الرمزية التي تسهم في نشر تصوّر مثالي لما ينبغي أن يكون عليه المجتمع في المستقبل. كمحاولات الترويج للفكر الماركسي اللينيني في فترة الحرب الباردة، أو الترويج للنمط الأمريكي للحياة.

أما عن تراتبية هذه الوسائل من حيث أهميتها، فترى المدرسة الواقعية، أنّ القوة العسكرية تمثل الأداة الرئيسية لقوة الدولة. وتنظر إلى كل الوسائل الأخرى من زاوية دعمها أو إضعافها لقوة الدولة العسكرية. أي بالقدر الذي يمكن تحويلها أو عدم تحويلها إلى قوة عسكرية. ولكن ظهرت تيارات بعد الحرب البادرة قالت بأنّ القوة العسكرية قد تقلصت، لصالح قوة و قدرة الدولة الاقتصادية. وتيار آخر حديث يركز على المعرفة بأبعادها الثقافية و العلمية والتكنولوجية.

وقد أثبتت بعض الدراسات أن الأدوات الدبلوماسية عموماً، أكثر أدوات التأثير الخارجي استخداماً، تليها الأدوات الاقتصادية ثم تأتي العسكرية أخيراً.

المصادر:

[1] نيكولاس ميكافيللي،الأمير، ترجمة فايزة نجيب خليل (دمشق: دار البشير،2009).

[2] سعيد مسلم،قضايا عالمية معاصرة،(دمشق:منشورات جامعة دمشق/كلية العلوم السياسية،2011).