الرياضيات > الرياضيات

مبرهنة كرة الشعر

يستمتع الرياضيون في إطلاق الدعابات، فيختلقون أسماءً مثيرة للاهتمام لبعض المبرهنات والنظريات. واحدةٌ من أغرب الأسماء وأكثرها ملائمة تلك التي أطلقت على "مبرهنة كرة الشعر". توضِّحُ هذه المبرهنة أنه إذا كانت لدينا كرة مغطاة بالشعر بالكامل، فإنه لا يمكننا تمشيط الكرة بحيث يصبح لدينا كل الشعر المغطّي لسطح الكرة ممشطاً (مسطحاً). سننتهي دائماً بنقطة واحدة على الأقل غير ممشطة (نقطة يقف فيها الشعر منتصباً)، أو نقطة غير مغطاة بالشعر (حفرة يظهر منها سطح الكرة الغير مغطى بالشعر).

لاشكَّ أنّك قد رأيت الكثير من تصفيفات الشعر المختلفة. كصقل الشعر للوراء، أو التفريق في المنتصف، أو التصفيفة الشائعة لدى الأطفال خصوصاً (حيث يتم تصفيف الشعر كله بشكلٍ أملس)، وتبقى حينئذٍ بقعة غير مغطاة بالشعر (أشبه بحفرة) في أعلى الرأس وللناحية الخلفية قليلاً، يمكن من خلالها رؤية فروة الرأس، أو خصلة منتصبة حيثُ يلتقي فيها كل الشعر.

في كل هذه النماذج المختلفة لتصفيفات الشعر، الشعر يغطي فقط نصف الرأس. ماذا لو أنَّ الشعر غطاهُ بالكامل؟ حسناً، سنجد بأنَّه أياً كانت طريقة تصفيفه، ستبقى دائماً حفرة ينتشر منها كل الشعر، أو خصلة قائمة يلتقي فيها كل الشعر.

بالطبع الرياضيّون ليسوا راضين أبداً بهذا الوصف المبسَّط للغاية وغير الدقيق لهذه المبرهنة. النسخة الرياضية لمبرهنة "كرة الشعر" أثُبتت عام 1912 من قبل لويتسن إيغبختوس يان بخوفر (LEJ Brouwer)، وهي كالآتي:

من أجل أي حقل شعاعي مماسي على سطح كرة في فضاء ثلاثي الأبعاد، يوجد حتماً على الأقل نقطة واحدة ينعدم فيها الحقل الشعاعي.

بينما لا نُصادف الكرات الشعرية كثيراً في حياتنا اليومية، يمكننا تطبيق مبرهنة كرة الشعر في العديد من المواضع الأخرى، كأنماط الرياح. على كلِّ نقطة من سطح الأرض، يمكننا تحديد سرعة واتجاه الرياح، وهذا قد يكون مماثلاً لاتجاه شعر ممشط على كرة. فإذا كانت الرياح تهبُّ في اتجاه ما، في كلِّ نقطةٍ على سطح الأرض، لابُدَّ من وجود نقطةٍ تكون سرعة الرياح فيها صفراً، أي تكون الرياح ساكنة.

هذا بافتراض جريان الرياح أفقياً، لكن في الواقع الهواء قادر على التحرك علوياً سفلياً ومن جانب إلى آخر. لذلك في النقطة صفر (النقطة التي تنعدم فيها سرعة الرياح) حسب المبرهنة، نستطيع القول بأن سرعة الرياح الأفقية هي التي تكون معدومة. فالرياح قد تتحرك عمودياً إلى الأعلى أو الأسفل كما في الأعاصير القمعية (Tornado)، والتي يُمكِنُ لها حملُ الأجسام في الهواء، وبتأثيراتٍ هائلة.

الأشكال الشعرية الأخرى:

بالطبع الرؤوس ليست كروية، كذلك ليست كل الكرات. على سبيل المثال كرة القدم الأمريكية (Rugby) تكون متطاولة، لكنَّ ذلك ليس له أي تأثير على المبرهنة. فحتى لو تسطّحت الكرة تماماً لتصبح مثل صحن العشاء، يمكننا أيضاً تطبيق مبرهنتنا، لكنَّهُ سيطلق عليها في تلك الحالة (مبرهنة صحن العشاء)!

الطوبولوجيا تعطينا الكثير من الأشكال التي يمكننا الاشتغال بها. شكلٌ آخر أكثرُ تعقيداً من الكرة هو الطارة (Torus)، أو شكل الكعك المحلى (Doughnut). هنا الحديث عن الدونات الأمريكي الذي تتوسطه فجوة (مثل شكل حلقة) وليس الدونات البريطاني الذي يحتوي في وسطه على مربى الفاكهة. فإذا كان لدينا دونات شعرية –سيكون تناولها أمراً كريهاً جداً- عندئذ نستطيع التفكير بشأن إمكانية تمشيط كافة الشعر المغطّي لها، سنرى أننا ببساطة يمكننا تمشيط الشعر حول الفجوة في وسط الكعكة، حيث أنَّ كلَّ الشعر سيتوضع على طول الدائرة التي مركزها هو محور الدونات، وهذا ليس الحل الوحيد.

لذلك وأثناء تخيُّل الرياضيين الكرات الشعرية، يتوجب عليهم تناول الكعك المحلى دون اللجوء إلى تخيّل وجود كعك شعري أيضاً!

المصادر:

هنا