التاريخ وعلم الآثار > التاريخ

لعنة الفراعنة.. بين الحقيقة والخيال

لا تزال الحضارة الفرعونية محاطة بهالة من الغموض، فهي لم تكشف جميع أسرارها حتى يومنا هذا. ولا تزال هناك الكثير من التساؤلات حولها. فما حقيقة وجود لعنة للفراعنة؟ وما سبب الوفاة الغامضة لعدد كبير من الذين عملوا في مجال التنقيب عن الآثار المصرية القديمة؟ تابعوا معنا هاد المقال لتعرفوا أكثر.

تشير لعنة الفراعنة (The Curse of Pharaohs) إلى الاعتقاد بأن هناك لعنة ستحل على أي شخص يزعج مومياء لشخص مصري قديم ، وخصوصاً إذا كان فرعوناً. وقد سببت هذه اللعنة، التي لم تفرق بين اللصوص، علماء الآثار والعاملين في مجال التنقيب عن الآثار، الحظ السيء، المرض والموت.

ومع ذلك فإن الأصول الحديثة لحكايات لعنة المومياء المصرية تحولت من اضطراب للموت إلى تسلية الجماهير في أفلام الرعب. مما يشير إلى أن لعنة الفراعنة هي ظاهرة ثقافية في المقام الأول وليست محصورة بالعلم فقط.

ثمة حالات عرضية من اللعنات القديمة الحقيقية تظهر داخل أو على واجهة قبر، كما هو الحال في المصطبة (مدفن مصري قديم) لخنتيكا اخيكي Khentika Ikhekhi، من السلالة السادسة في سقارة. ويظهرون بهذا توجيهاً مباشراً لحماية المقبرة بعناية والحفاظ على طقوس الطهارة بدلاً من التحذير من اللصوص. وعلى الرغم من أن هناك قصص لعنات تعود إلى القرن التاسع عشر، فإنها تضاعفت بعد اكتشاف هوارد لمقبرة توت عنخ آمونTutankhamun .

لعنات المقابر :

اللعنات المتعلقة بالمقابر نادرة للغاية، قد يكون ذلك لأن فكرة التدنيس لا يمكن تصورها، ولخطورة كتابتها. وهي غالباً ما توجد في مقابر خاصة بعصر الدولة القديمة. حيث يحتوي قبر انختيفي Ankhtifi ( من السلالة التاسعة أو العاشرة) على الانذار "أي حاكم يرتكب شراً أو يؤذي هذا التابوت، لن يقبل هيمن (آلهة مصرية قديمة) القرابين التي يقدمها، ولن يرث وريثه." كما يحتوي قبر "خنتيكا اخيكي " Khentika Ikhekhi (من السلالة التاسعة أو العاشرة) على نقش "بالنسبة لجميع الرجال الذين يدخلون قبري هذا.. نجس.. سيكون هناك حكم يضع حداً له، وسأحيط بعنقه كالطائر، وسألقي بخوفي الداخلي إليه."

اللعنات بعد عصر المملكة القديمة هي أقل شيوعاً ، على الرغم من أنها أكثر حدة في التعبير، فهي في بعض الأحيان تستدعي غضب تحوت أو تدمير سيخمت.

يقتبس زاهي حواس مثالاً لإحدى اللعنات "اللعنة على من زعزع راحة الفرعون. من يقوم بكسر خاتم هذا القبر سيواجه الموت بمرض لا يستطيع أي طبيب تحديده."

افتتاح مقبرة توت عنخ آمون :

فتح فريق عالم الآثار هوارد كارتر Howard Carter مقبرة توت عنخ آمون عام 1922، وقد لفت أنظارهم عند دخول المقبرة نقوش هيروغليفية مكتوب عليها (سيذبح الموت بأجنحته الخاطفة كل من يحاول إزعاج أمن الملك).

في طريق عودة كارتر إلى منزله ظن بأنه سمع صوتاً خافتاً شبيهاً ببكاء أحد ما. ورأى عند وصوله قفص الطيور محاطاً بأفعى الكوبرا، رمز النظام الملكي المصري. توفي طائر الكناري الذي كان في القفص، وهذا ما غذى الشائعات المحلية للعنة.

نقل آرثر ويجل Arthur Weigall ، المفتش العام السابق للآثار المصرية الحكومية أن تفسير هذا هو بأن منزل كارتر أقتحم من قبل نفس الكوبرا الملكية التي ترهق رأس الملك لضرب الأعداء في نفس اليوم الذي افتتح قبر الملك.

أول حالات الوفاة الغامضة أصابت اللورد كارنافونLord Carnarvon ، أحد الحضور وممول كارتر، فقد تعرض للدغة بعوضة، وبينما كان يحلق جرح مكان اللدغة. وأصيب بتسمم الدم ثم توفي.

توالت المصائب بعد ذلك وبدأ الموت يحصد غالبية من شارك بالاحتفال، ومعظم حالات الوفاة كانت بسبب حمى غامضة. وفي كثير من الأحيان تعدى الأمر هذه الحمى، فقد توفي سكرتير كارتر دون أي سبب، وانتحر والده حزناً عليه. وأثناء تشييع جنازته السكرتير دهس الحصان الذي يجر عربة التابوت طفلاً صغيراً وقتله. وأصيب عدد كبير ممن ساهم بشكل أو بآخر في اكتشاف المقبرة بالجنون، وبعضهم انتحر دون سبب. مما حير علماء الآثار الذين وجدوا أنفسهم أمام لغز غامض ليس له تفسير.

ارتفع عدد ضحايا لعنة الفراعنة إلى 40 شخصاً، ولم تقتصر الوفيات على إثر افتتاح مقبرة توت عنخ آمون، بل امتدت لتشمل قبور الفراعنة وموميائاتهم جميعاً. و بغياب التفسير العلمي في أغلب هذه الحالات ، كان المجال واسعاً أمام الاشاعات و الخرافات للانتشار بين عامة الناس و حتى بعض الآثاريين ، الا أننا اليوم في عصر الوعي العلمي و التفسير المثبت و التقنيات المتطورة لدينا فكرة جيدة عن ما يحدث في هذه الحالات الغريبة

بعض التفسيرات العلمية :

توقع البعض أن هناك فطريات قاتلة زرعت في المقابر المغلقة وانتشرت في الهواء عندما فتح القبر، كما يتوقع أن هذه الفطريات قد وضعت عمداً لمعاقبة سارقي القبور.

في حين أنه لا يوجد اية أدلة على ان مسببات هذه الامراض قد قتلت كارنارفون، إلا أنه لا يوجد شك بأن هناك مواد خطيرة تتراكم في القبور القديمة.

وقد أظهرت دراسة جديدة لمقابر فتحت حديثاً ولم تتعرض بعد للملوثات، وجود بكتيريا مسببة للأمراض داخل هذه المقابر كالمكورات العنقودية Staphylococcus واجناس الزائفة Pseudomonas genera وفطريات الرشاشيات السوداء وتدعى العفن الاسود Aspergillus niger والرشاشيات الصفرء Aspergillus flavus. بالإضافة الى ذلك فإن المقابر المفتوحة حديثاً غالباً ما تصبح مجاثم للخفافيش، وفضلات هذه الخفافيش قد تسبب مرض المنسجات histoplasmosis .ومع ذلك، فإن التركيزات الموجودة عادة ما تكون مسببة للأمراض الخطيرة لضعيفي المناعة فقط.

وأظهرت عينات الهواء المأخوذة من داخل ثقب صغير في جدار تابوت غير مفتوح تركيزات عالية من غاز الأمونيا، ammonia الفورمالديهايد formaldehydeh ،وكبريتيد الهيدروجين hydrogen sulfide. وهذه الغازات كلها سامة، ولكن تم اكتشافها بسهولة عن طريق روائحها القوية. كبريت الهيدروجين قابل للاكتشاف في تركيزات منخفضة (100PPM) والتي تمثل بمثابة عامل عصبي على حاسة الشم. لكن نسبة التركيز (1000ppm) تقتل الشخص عند استنشاقها.

وتشير الاكتشافات الحديثة أن الحجارة المستخدمة في بناء المقابر المصرية غالبا ما تحتوي على اليورانيوم، والذي قد يتحلل لينتج غاز الرادون، وهو غاز مشع يسبب سرطان الرئة وأمراض أخرى الجهاز التنفسي مطابقة بعض الأعراض التي عانى منها أولئك الذين لقوا حتفهم بعد وقت قصير من فتح القبر.

قد لا تكون هذه هي كل الأسباب وراء هذه الظاهرة الغريبة، ولا يزال البحث جاري حتى يومنا هذا.

لمعرفة أسرار أخرى عن الحضارات المصرية القديمة تابعونا في المقالات القادمة.

المصادر:

هنا

هنا

هنا