الفيزياء والفلك > فيزياء

النقاط الكمومية quantum dots: بلورات نانوية نصف ناقلة ستلوّن مستقبلنا بتطبيقاتها

النقاط الكمومية هي بلورات نانوية بقطر يتراوح بين 2- 10نانومتر مكونة من مئات إلى ألاف من ذرات أي مادة نصف ناقلة مثل السيليكون ، سيلينيد الكادميوم CdSe و كبريتيد الكادميوم و العديد من المواد الأخرى، تم اكتشاف النقاط الكمومية لأول مرة عام 1980 عن طريق الفيزيائي الروسي أليكسي ايكيموف خلال عمله في معهد فافيلوف الحكومي المختص في البصريات في أواخر عام 1982 كما اكتشف الكيميائي الأمريكي لويس.ي. بروس نفس الظاهرة في المحاليل الغروية أثناء عمله في مختبرات بيل، كُرم هذان العالمان بجائزة روبرت ويليامز وود عام 2006 من الجمعية الأمريكية للبصريات.

تحكم قوانين ميكانيك الكم الطريقة التي تتوزع فيها الإلكترونات في الذرات على مدارات الالكترونات ( تسمى أيضاً بسويات الطاقة ) فمثلا تنص أحد نتائج هذه القوانين بأن الالكترونات يسمح لها أن تتواجد في سويات طاقة محددة فقط داخل الذرة. اذا قدمنا طاقة لذرة فستُثار أي يحصل الإلكترون على طاقة و سيتنقل من سوية طاقتها أقل إلى سوية أعلى.وعند عودة الالكترون الى السوية الأدنى سيفقد طاقته على شكل فوتونات (ضوء). لون الضوء الذي تصدره الذرة يعتمد على نوع الذرة فالصوديوم يظهر بلون أصفر اذا ماتعرض للهب حار،وذلك يعود إلى الطريقة التي تترتب فيها سويات الطاقة. فالذرات المختلفة تعطي ألواناً مختلفة.

بشكل مشابه النقاط الكمومية أيضاً لها سويات طاقية مكممة (أو محددة) ولأن الالكترونات في هذه البلورات النانوية الحجم تسلك نفس السلوك الذي تسلكه في الذرة المحكومة بقواعد ميكانيك الكم لذلك أطلق عليها اسم النقاط الكمومية أو الذرات الاصطناعية إلا أن النقاط تكون مصنوعة من نفس المادة كالسيلكون مثلاً وستعطي ألواناً مختلفة عند تعريضها لأشعة فوق بنفسجية اعتماداً على مدى حجمها.النقاط الكمومية الأكبر ستنتج الطول الموجي الأكبر ستعطي لون أحمر (التردد الأقل)،بينما أصغر النقاط بالعكس ستعطي لوناً أزرق.ففي سويات طاقة النقطة الصغيرة "الفجوة الطاقية" أكبر أي أنها في حاجة لطاقة أكبر لتستطيع اثارة الإلكترون بينما تحوي النقاط الأكبر على سويات طاقة أكثر وبالتالي تكون أكثر قرباً،لذلك ستعطي ترددات أقل.يرجع سبب تغير السويات الطاقية بتغير حجم البلورة إلى مايعرف بمفعول الحصر الكمومي .

ماهو الحصر الكمومي:

يمكن ملاحظة أثر الحصر الكمومي عندما يكون قطر المادة من نفس مرتبة طول موجة دي بروي الموافقة للإلكترون(حيث للالكترون طبيعة مثنوية موجية -جسيمية)، عندما تكون المادة بهذا الصغر فإن خصائصها الالكترونية والبصرية تختلف كثيراً عنها في المواد الأكبر، حيث تعتمد الفجوة بين سويات الطاقة على الحجم وكلما نقص الحجم زاد البعد بين السويات الطاقية أي أن الضوء الصادر سيكون ذو طاقة أعلى(تردد أعلى) . يشبه ذلك العزف على الكمان فعندما يضرب العازف على الوتر فسيعطي نغمة معينة إذا ما وضع اصبعه على الوتر فقصر طول الوتر،سيحصل على نغمة أعلى.

تطبيقات النقاط الكمومية :

-التطبيقات البصرية :

تجذب النقاط الكمومية أكبر قدر من الاهتمام لما لها من خصائص بصرية فريدة : فهي تستخدم في جميع أنواع التطبيقات التي يكون فيها التحكم الدقيق بالضوء الملون مهماً ، ففي تطبيق بسيط نسبياً تم تطوير مرشح رقيق مصنوع من النقاط الكمومية بحيث يمكن وضعه على رأس مصباح فلوري أو صمام ثنائي باعث للضوء ويحول ضوؤه من لون مزرق إلى لون أكثر احمراراً وأكثر جاذبيةً مماثل للضوء الذي يتم إنتاجه بواسطة المصابيح المتوهجة القديمة .

ويمكن استخدام النقاط الكمومية أيضاً عوضاً عن الأصباغ ومواد التلوين ، بحيث تُضمّن في مواد أخرى تمتص الضوء القادم بلون ما وتعطي لوناً أخر مختلفاً تماماً ، وهي أكثر سطوعاً وأكثر قابلية للتحكم من الأصباغ العضوية.

كما أن النقاط الكمومية تلعب دوراً مهماً في تطوير خلايا شمسية أكثر كفاءةً . فالنقاط الكمومية تنتج عدداً أكبر من الالكترونات ( أو الثقوب ) لكل فوتون تقوم بضربه مما يقدم احتمالية زيادة الكفاءة بنسبة 10 بالمئة .

كذلك ضمن الـ CCDs ( أجهزة اقتران الشحنة ) و هي رقائق كشف الصورة في أجهزة الكاميرا الرقمية وكاميرا الويب تعمل بشكل مشابه للخلايا الشمسية عن طريق تحويل الضوء القادم إلى أنماط من الإشارات الكهربائية : يمكن استخدام النقاط الكمومية الفعالة لصناعة أجهزة اقتران شحنة أصغر وأكثر فعالية .

كما أن للنقاط الكمومية تطبيقات في شاشات الحواسيب وشاشات العرض حيث تقدم ثلاث ميزات مهمة :

أولاً تُضبط النقاط الكمومية لتعطي ضوءاً من أي لون نريد وبالتالي ألوان شاشة النقاط الكمومية ستكون أكثر واقعية .على عكس الـLCD أو شاشات عرض الكريستال السائل، فالصورة التي تكونها هذه الشاشات مؤلفة من دمج لكريستالات حمراء وخضراء وزرقاء ( يتم التحكم باللون بمرشحات خاصة تفتح وتغلق إلكترونياً) تضاء من الخلف من ضوء خلفية.

ثانياً بما أن النقاط الكمومية تنتج ضوءاً بنفسها فهي لا تحتاج إلى اضاءة خلفية مما يجعلها أكثر كفاءة طاقية وهو شيء مهم في الأجهزة المحمولة كالهواتف النقالة حيث عمر البطارية مهم جداً . ثالثاً النقاط الكمومية أصغر بكثير من البلورات السائلة ممايعطي صوراً ذات دقة أكبر بكثير .

الحوسبة الكمومية :

تصبح أجهزة الحاسوب أسرع وأصغر كل عام، لكن سيأتي الوقت الذي ستمنعنا فيه الحدود الفيزيائية للمواد من التقدم لأبعد من ذلك الا اذا قمنا بتطوير تقنيات مختلفة تماماً . أحد الاحتمالات تخزين ونقل المعلومات باستخدام الضوء عوضا عن الالكترونات وهي تقنية معروفة على نطاق واسع ويطلق عليها اسم الضوئيات .

الحواسيب البصرية يمكنها استخدام النقاط الكمومية بنفس الطريقة التي تستخدم بها الحواسيب الالكترونية الترانزستورات كمكون رئيسي في رقاقات الذاكرة و البوابات المنطقية .إمكانية التوصل لهذه الحواسيب تعتمد على مدى التقدم في التقنيات المنافسة الأخرى بما فيها الحواسيب الكمومية.حيث تخزن البتات في هذه الحواسيب في الذرات الفردية ،الأيونات ،الالكترونات أو الفوتونات ترتبط ببعضها وتتأثر بما يعرف بال qubits . لكن من الصعب التحكم بالذرات الفردية بهذه الطريقة، ويمكن أن يكون التعامل مع النقاط الكمومية التي تعتبر أكبر حجماً أسهل.

تطبيقات كيميائية وبيولوجية :

للنقاط الكمومية تطبيقات طبية هامة أيضاً بما فيها علاجات السرطان المحتملة . حيث يمكن تصميم النقاط الكمومية بحيث تتراكم في أجزاء محددة من الجسم لتقوم بعدها بايصال الأدوية المضادة للسرطان المرتبطة بها . ميزتها الكبرى هو أنه بالامكان توجيهها الى أعضاء محددة كالكبد مثلا بدقة أكبر من الأدوية الأخرى مما يقلل من الآثار الجانبية الضارة .تستخدم النقاط الكمومية أيضاً في الأبحاث البيولوجية،على سبيل المثال يمكن أن تستخدم كمصباح ضوئي نانوي ليُنيْر ويلوّن خلايا محددة ينبغي دراستها تحت المجهر.

المصادر:

Nanotechnology for Dummies by Richard Booker and Earl Boysen

هنا

هنا