الطب > مقالات طبية

ماذا لو استطعنا الاستغناء عن النوم؟!

وجدت دراسة أجريت عام 2007 أن البخاخات الأنفية التي تحتوي على هرمون " orexin-A" تعكس أثار الحرمان من النوم عند القرود. ومع ذلك، يقول الأخصائيون بأن النوم يلعب دوراً رئيسياً في كيفية بناء الأشخاص لحياتهم، والحرمان منه يمكن أن يؤدي لمشاكل اجتماعية كثيرة. يقول أحدهم: "الناس لا يدركون أهمية علاقتنا المتبادلة مع النوم، فالنوم في الحقيقة يبني حياتنا، ونحن كذلك ننظم نومنا بناءً على حياتنا الاجتماعية "

و هذه بعض النواحي من حياة الناس التي يمكن أن تتأثر اذا تم إلغاء النوم:

· الإنتاجية:

يظن الكثير من الناس أنهم سيكونون أكثر إنتاجيةً فقط لو كان لديهم المزيد من الوقت. ففي عالم من غير نوم – والذي سيكون لدى الناس فيه 8 ساعات زائدة - من الجميل أن نتخيل أن الجميع سينجزون المزيد من العمل، وستُحلّ المزيد من المشاكل .

ولكن الخبراء يعتقدون بأن أغلب الناس لن تستفيد من الوقت الزائد، فالتفكير بأن الجميع سيكونون أذكى وأكثر انتاجية أمرٌ مغرٍ فعلاً، و لكن هذه الحالة قد لا تنطبق بالضرورة. فعلى سبيل المثال، يتطلب الدماغ البشري وقتاً معيناً من الراحة ليعمل على الوجه الأمثل، ويؤثّر الكثير من العمل أو الضغط على التفكير، وبسبب ذلك تأتي أفضل الأفكار أثناء الاستحمام أو في أوقات مشابهة.

ويوافق بعض الخبراء النفسيين بأن غالبية الأشخاص لن تزيد إنتاجيتهم اذا كان لديهم المزيد من الوقت، فعندما يتاح للأفراد المزيد من الوقت فإنهم يميلون لقضاء ذلك الوقت بالراحة أو إضاعة ذلك الوقت، فالبشر بالنهاية ليسوا آلات ونحن لا نستطيع أن نستمر بالعمل طوال الوقت بل نحتاج إلى أن نرتاح لنجدد نشاطنا.

وبغض النظر عن فكرة زيادة إنتاجية البشر، فإن التطور التكنولوجي في العقود الأخيرة سمح للناس بالعمل على مدار الساعة، ولكنهم ليسوا بالضرورة أكثر إنتاجية مما كانوا عليه في الماضي، بل في الحقيقة أنهم أكثر انشغالاً فقط. فالنوم ببساطة يضع حداً لانشغالنا وبدونه سيغرق البشر في دوامات من الانشغال المتواصل...

· تغييرات في جداول الأعمال:

التوقعات حول العمل قد تتغير أيضاً، فبدون الحاجة للنوم لن يجد رئيسك في العمل مسوغاً كي لا ترد على الهاتف في الساعة الثالثة صباحاً...

يتوقع الباحثون أنه باختفاء الحاجة للنوم فإنه من المتوقع زيادة عدد ساعات العمل بدون راحة. و كجزء من دراسة تجرى في المملكة المتحدة، تم سؤال عدد من الأشخاص في تخصصات مختلفة عمّا سيحصل إذا كان هناك دواء يستبدل النوم، فوجدوا أن الأشخاص الذين يعملون بدوام صباحي ومسائي (كالأطباء والممرضات ورجال الشرطة) كانوا قلقين حول استغلال الرؤساء لموظفيهم، أو وضعهم تحت ضغوط كبيرة للعمل ساعات أو مناوبات زائدة.

أيضاً.. سيحتاج المجتمع عدداً أكبر من العاملين في مجالات الخدمات كرجال الشرطة والإطفاء (بالرغم من وجود نوبات مسائية في هذه المجالات) لأن الناس يكونون أكثر نشاطاً أثناء الليل.

· مشاكل في العلاقات بين الأشخاص:

وجود علاج للنوم سيؤثر كذلك على علاقات الناس مع بعضها. فبالرغم من أن الناس سيقضون المزيد من الوقت مع من يحبونهم، ولكن هذا الوقت الزائد له بعض السلبيات، فإذا كان الجميع نشيطين، لن يحظي الناس بالوقت الذي يوفره النوم لإبعادهم عن هؤلاء الاشخاص الذين يحبونهم والذي يكون بمثابة راحةٍ احياناً.

كذلك سنخسر بعض العلاقات مع العائلة إذا اختفت العادات التي نقوم بها والتي تتعلق بالنوم، كقراءة القصص للأطفال قبل النوم.

· تأثيرات على الاقتصاد:

بالرغم من أن اختفاء النوم قد يساهم في إيجاد المزيد من الفرص لكسب المال، إلا أنه بالمقابل سيوجد المزيد من الفرص لإنفاق هذا المال، فمثلاً سيحتاج الناس إلى تدفئة منازلهم على مدار الساعة، وكذلك سيزداد عدد الوجبات التي يحتاجها الفرد، وسيحتاج العالم الخالي من النوم إلى المزيد من الموارد لإدارته...

هنالك أيضاً بعض التساؤلات عن مصير صناعة الأدوية المنومة، فالشعب الأمريكي لوحده ينفق حوالي 5 مليار دولار سنوياً على الحبوب المنومة، وهذا الاقتصاد سيختفي بالكامل.

· مشاكل صحية:

قد يسبب التخلي عن النوم اضطرابات صحية، فمشاكل النوم قد تم ربطها بعدد من المشاكل الصحية (كالبدانة، وأمراض القلب)، ووجود دواء يسمح للناس بالاستغناء عن النوم قد لا يلغي خطر هذه المشاكل الصحية المرتبطة بقلة النوم.

إضافة الى ذلك سيكون هنالك فرص أكبر لتناول الطعام، والذي سيقود بدوره إلى المزيد من البدانة. سيملك الناس "نظرياً" المزيد من الوقت للذهاب الى صالات الرياضة، و لكن البشر يميلون أكثر للانجذاب للنشاطات التي تسبب السعادة، فحتى عندما يملك الناس الوقت للقيام بخيارات صحية، غالباً لا يقومون بذلك.

النوم كذلك يعد ضروريا للذاكرة، فحتى لو لم يشعر الناس بالتعب، فإن نقص النوم قد يؤثر على نشاط أدمغتهم.. وحتى الآن ليس من الواضح ما هي تأثيرات الاستخدام طويل المدى للأدوية التي تساعد على الابتعاد عن النوم..

المصدر:

هنا

مصدر الصورة:

هنا