الهندسة والآليات > كيف تعمل الأشياء

كيف تعمل الطائرة؟ ج6

الاتصالات هي عصب الحياة، ولم تترك الاتصالات مجالاً إلّا وطرقته وانتزعت موقع الصدارة فيه، وبالطّبع لم توفّر الطائرات.

ما أهميّة الاتصالات بالنسبة للطائرات ؟ ومع من يتّصل الطيّار؟ ولماذا يعد التواصل الدائم مع الطائرة أمراً مهمّاً جدّا للسلامة؟ بالإضافة للإجابة عن هذه الأسئلة سنسلّط الضوء أخيراً على مظلّة النجاة وكرسي ذو تكنولوجيا عالية مقارنة بالكرسي الّذي تجلس عليه أثناء قراءتك لحلقتنا الأخيرة في هذه السلسلة.

الاتصالات في الجو

هناك آلاف الطائرات تجوب السماء بشكل دوري. كيف لهذا الكمّ الهائل من الطائرات تفادي الاصطدامات فيما بينها؟

الكترونيّات الطيران (Avionics) تتضمّن جميع الأنظمة الالكترونيّة للتحكّم بالطائرة، كوسائل الاتصالات ونظام الملاحة وأنظمة الوقاية من التصادم وأنظمة الرصد الجوّي. بالإضافة لهذه الأنظمة الموجودة على متن الطائرة فهناك أنظمة التحكم بخطوط الطيران ومراقبة المجال الجوي الموجودة على الأرض. ما يضمن بقاء الطيران كوسيلة آمنة للتنقّل هو التعاون والتنسيق بين جميع هذه الأنظمة في الجو وعلى الأرض، حيث تعمل هذه الأنظمة على إبقاء الطائرات على مسافات آمنة فيما بينها وتحويل مسارها بعيداً عن أماكن الجوّ السيّء. ومن الجدير بالذكر أنّ تنظيم الخطوط الجويّة على مستوى العالم يعتبر مهمّة ضخمة جدّا، ولذلك فإنّها تتضمّن إدارة وجهات معنيّة فقط بالسماء.

يتم تقسيم السماء على مستوى العالم إلى مجالات جويّة عديدة فوق كل دولة. لنأخذ مثلاً المجال الجوّي الأمريكي، فهو يتألف بدوره من 21 مركزاً للتحكّم بحركة مرور الطائرات، وكلّ مركز مسؤول عن منطقة معيّنة يمكن أن تتجاوز مساحة ولاية كاملة. عادةً ما يكون مسار رحلة الطائرة ممتدّاً فوق عدّة دول، أي ضمن عدّة مجالات جويّة، وبالتالي عدد أكبر من مراكز التحكّم بمرور الطائرات. هذه المراكز تزوّد الطائرات الموجودة ضمن منطقة المركز بالتعليمات اللازمة، وعندما تدخل الطائرة إلى المجال الجوّي الدولي (وهو المجال الجوّي فوق المياه الدوليّة)، يبقى اعتماد طاقم الطائرة على مراكز التحكّم القريبة، وفي هذه الحالة يكون للتواصل بين الطيّار والمركز الدور الأكبر في عمليّة التوجيه والحفاظ على سلامة الطائرة، ذلك أنّ الطائرة أصبحت خارج مجال الرادار الموجود في المركز.

وسائل الهروب من الطائرات

إن الطّائرات الحديثة تقدّم لك كافّة وسائل الراحة الّتي يمكن أن تتخيّلها، من الوجبات الفاخرة إلى نوم هادئ ومريح، دون أن تشغل تفكيرك بارتفاع الطائرة الهائل والآليّات الّتي تبقيها في الجو، ولكن لا تخلو أي رحلة طيران من توضيح الإجراءات والأدوات المستخدمة إذا ما حدث طارئ ما أثناء الرحلة.

لنتعرّف الآن على أهم الطرق المستخدمة في إخلاء الطائرات:

أوّلا لدينا مزالج الإخلاء (Evacuation slide): لا يودّ أحد من المسافرين أن يترك الطائرة قبل هبوطها، ولذلك يحاول الطيّار في حالات الطوارئ إبقاء الطائرة قدر الإمكان تحت السيطرة لتحقيق هبوط اضطراري ناجح دون أن يتضرر أحد من الركّاب. وبعد أن تصل الطائرة لحالة السكون على الأرض يجب على جميع المسافرين الابتعاد عن الطائرة بأسرع وقت ممكن دون الوصول لحالة من الفوضى مربكة للجميع، وهنا يأتي دور هذه المزالج عند مخارج الطائرة، التي يتم نفخها أوتوماتيكيّا بوساطة غاز مضغوط فتأخذ شكل المزالق كي تسرّع من خروج المسافرين. في حالات الهبوط الاضطراري على مسطّح مائي، يستخدم الطيّار هذه المزالق المملوءة بالغاز كوسائل لتطفو الطائرة على الماء.

المظلّة:

تسعة أعوام فصلت اختراع الطائرة عن استخدام المظلّة للخروج من الطائرة، ففي عام 1912 تم استخدامها لأول مرّة. وتبقى المظلّة حتّى وقتنا الحالي من الأساسيات في عالم الطيران، سواء لإنقاذ قائد الطائرة أو لتخفيف سرعة بعض الطائرات على المدرّجات بعد هبوطها. ويعتقد البعض أنه من الغريب عدم وجود مظلّات طوارئ لركّاب وطاقم الطائرات المدنيّة، ولكن هذا يعود إلى السرعات والارتفاعات العالية المستخدمة في هذه الرحلات، فالقفز بالمظلّة من طائرة مدنيّة يحتاج إلى معدّات إضافية للحفاظ على حياة الشخص،

خاصّة وأنّ معظم الركّاب لم يتدرّب على القفز المظلّي. وعلى فرض وجود مثل هذه الأدوات على متن الطائرة فإنها تحتاج إلى الكثير من الصيانة وتحتاج إلى أماكن كبيرة داخل الطائرة يسهل الوصول إليها من قبل الركاب وهذا لا يمكن تحقيقه، بل ويمكن أن يخلق فوضى عارمة في طائرة متضرّرة.

مقعد القذف:

هذه الميّزة تبقى إلى يومنا هذا محصورة فقط بالمجال العسكري والطائرات التجريبيّة. سابقاً كان الطيّار يستطيع الخروج من طائراته المنكوبة والقفز منها ثمّ كان يقوم بفتح مظلّته، ولكن الطائرات الحديثة تتميّز بسرعات كبيرة جدّا وأداء ومناورة تتفوّق بأشواط على طائرات الزمن السابق، ولذلك فإن الطيّار يحتاج إلى وسيلة أوتوماتيكيّة للخروج من طائرته المصابة، فبعد أن يفعّل الطيّار آليّة القذف، يسري كل شيء بشكل أوتوماتيكي ويخرج الطيّار بسلام من طائرته، حتّى إنّ بعض المقاعد الحديثة مزوّدة بنظام يتعرّف على وضع الكرسي في الجو، وبناء على وضعه، يتم توجيه الدفع ليصبح المقعد بوضع ملائم بعيد عن الطائرة لفتح المظلّة.

كبسولة النجاة:

آخر الصّيحات في عالم النجاة هو كبسولة النجاة الموضوعة ضمن الطائرات التجريبيّة والعسكرية الّتي تخضع لظروف شديدة جدّاً. تعتمد على نفس مبدأ مقعد القذف، ولكن في هذه الحالة يتم قذف حجرة صغيرة، وفي بعض الحالات يتم قذف كامل قمرة القيادة والطاقم داخلها ثم يتم فتح المظلّة.

طائرة ضمن طائرة:

إنها فكرة جميلة جدا، إلّا أنها غير قابلة للتنفيذ، بسبب المخاطر العديدة المترافقة مع المغادرة على متن طائرة نجاة من طائرة متعثّرة. لذا لم تجتاز هذه الفكرة مرحلة التجارب.

بهذا نكون قد وصلنا إلى نهاية رحلتنا في هذه السلسلة عن الطائرات، الّتي حاولنا فيها جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات بشكل مبسّط .

الآن هل تستطيع على الأقل أن تضع تصميم واحد لطائرة صغيرة الحجم تلبّي المعايير الرئيسية في السلامة و قادرة على القيام برحلات قصيرة و مزودة بالأجهزة اللازمة للملاحة و محرّك مناسب؟

لمتابعة باقي الاجزاء

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

المصدر: هنا

هنا

هنا

هنا

مصدر الصورة: هنا