الكيمياء والصيدلة > كيمياء حيوية

الكيمياء على كوكب المرّيخ!

باستخدام تقنيات تحليلية مبتكرة، علماء كنديون يلقون نظرة على التركيب الكيميائي للمريخ! لتعرف المزيد عن ذلك، اقرأ معنا هذا المقال.

بُنيت منذ حوالي العام أكبر مركبةٍ استكشافيةٍ تمّ إنزالها على سطح كوكب المريخ سُميت بـ"الفضول Curiosity" أو مُختبر علوم المريخ

Mars science laboratory (MSL.

بُنيت هذه المركبة من قبل الإدارة الوطنية للمِلاحة الجوية والفضاء (ناسا)، وتحوي معدات خاصة بالكيمياء التحليليَّة مثل : الكروماتوغرافيا

الغازية Gas chromatograph، ومطياف الكتلة Mass spectrometer، ومطياف التحطم المُحدث بالليزرLaser-induced breakdown spectrometer.

استخدام المركبة Curiosity هو أمرٌ مثيرٌ للإعجاب حقاً، إلَّا أنَّ استخدام تقنيات الكيمياء التحليليَّة لمعرفة المزيد عن التاريخ الجيولوجي للمريخ قد تمَّ منذ عدة سنوات. وقد لعب العلماء الكنديون دوراً هاماُ بذلك سواءً عبر إرسال مختبر إلى الفضاء (مثل Curiosity) أو فحص عينات من كوكب المريخ على الأرض.

قامت وكالة ناسا عام 1976 بواحدة من أكثر التجارب الكيميائية شهرةً على سطح كوكب المريخ، حيث تم أخذ عينة من التربة ثم أُضيف إليها محلول من الأحماض الأمينية وجزيئات من المواد الغذائية الأخرى التي تم وسمها بذرات مُشعّة من الكربون 14C. بعد بضع ساعات، انطلقت كمية من ثاني أوكسيد الكربون CO2 موسومة أيضاً بـ 14C، مما يشير إلى أن جزيئات من الأرض قد جرى تحطيمها بفعل شيء ما في هذه التربة المأخوذة من المريخ، وربما شيء على قيد الحياة!

بعد أسبوع تم إضافة المزيد من الجزيئات العضوية ولكن ذلك فشل في رفع مستوى ثاني أوكسيد الكربون المنطلق. يعتقد معظم العلماء أن الأملاح غير العضوية في تربة المريخ (ربما مركبات أكاسيد فائقة Superoxide التي تحتوي على شوارد ¯O2) هي المسؤولة عن الأكسدة التي حصلت، وليس بسبب رد فعل حيوي بيولوجي.

قدَّمت بعض البعثات أدلة مؤكدة أنَّ الماء قد وُجد على سطح المريخ يوماً ما عن طريق صور الأقمار الصّناعية لمجاري الأنهار الجافة أو عبر الكشف عن المعادن مثل السيليكات، والتي لا يمكن أن تتشكل إلَّا من خلال البَلوَرة من وسط مائي. البعثات الإستكشافية اللاحقة بُنيت على هذا الاستنتاج وكان موضوعها "تَتبُّع الماء".

لذلك حاول العلماء بناء جهاز لديه القدرة على معرفة العناصر المكوّنة للصُّخور المريخية لمعرفة ما إذا كان الماء قد أثر في تشكيلها. واحدة من الطرق المستخدمة هي التحليل الطيفي بالليزر Laser Spectrometry، والتي تطلق نبضة قصيرة في بقعة ذات قطر أقل من ملليمترواحد وتصل هذه النبضة إلى سبعة أمتار، ممَّا يثير الإلكترونات الأقل ارتباطاً بالنواة، وعندما تعود هذه الإلكترونات إلى الحالة الأرضية، فإنها تعطي ضوء بطول موجة مُحدّد.

واستُعمِلت أيضاُ وسائل أخرى مثل تجريد الإلكترونات الداخلية من الذرة، عن طريق ضرب العينة بجُسيم ألفا أو أشعة X. تقيس هذه الطريقة بقعة بحجم القطعة النقدية المعدنية (وهي أكثر تمثيلا لتركيب الصخور ) بدقة وحساسية عالية جداً لكثير من العناصر الجيولوجية المهمة مثل الكبريت، والكلور، النيكل والزنك . قد يحتاج تكوين جُسيمات ألفا عالية الطاقة أو أشعة X مُعدات بحجم غرفة، إلَّا أنَّ جهاز المطياف الذي تم استخدامه في المريخ لإنتاج جسيمات ألفا (APXS) يفعل الشيء نفسه، ولكن حجمه صغير. السرّ هو الكوريوم-244 (244Cm)، والذي يعطي جميع الأشعة السّينية وجسيمات ألفا التي نحتاج إليها وبشكل طبيعي. صحيح أنَّه يأخذ وقتاً أطول قليلاً مما تحتاجه في المختبر، ولكن الوقت ليس مشكلة عندما تعمل على كوكب آخر.

تُشير النتائج إلى وجود الماء في السابق، المكون الرَّئيسي فيه هو الكبريتات (30 بالمئة من الوزن). يُحتمل أن هذه الكبريتات قد ترسبت عندما جَفّت كمية من المياه عالية الحموضة، وبالرغم من وجود كائنات حية يمكنها البقاء على قيد الحياة تحت تلك الظُّروف، ولكنها غير صالحة لمعظم أشكال الحياة الأخرى.

استخدم الباحثون أيضا تقنية مطياف رامان Raman Spectroscopy، الذي يستخدم ضوء الليزر لإثارة الجزيئات إمَّا بشكل فردي أو في مجموعات صغيرة، ممَّا يسبب الاهتزازات. ثمَّ يتم تحرير هذه الطاقة من الذَّبذبات على شكل ضوء بأطوال موجية مختلفة. التقاط الضوء يسمح للباحثين بتمييز الأنواع الكيميائية، بما في ذلك الجزيئات العضوية. كما يسمح بتحديد موقع هذه الجزيئات بشكل ثلاثي الأبعاد بدرجة كبيرة من الدّقة وهذا مهم لأنَّه يسمح أن نرى إن كانت هذه المواد الكربونية داخل الصُّخور، أو أنَّ شيئاً كان عالقاً على السَّطح.

لاتزال التجارب تمثل نوع من التفكير الإبداعي الذي يمكن أن يأخذنا إلى آفاق جديدة في استكشاف المريخ. التخطيط للبعثات إلى المريخ مازال مستمراً، بما في ذلك مشروع ناسا NASA’s Insight project لعام 2016، والذي سوف يحفر في عمق قشرة المريخ. في هذه المهمة، كما هو الحال مع الأعمال السابقة، ستلعب التقنيات الكيميائية دوراً حيوياً مهماً في توسيع حدود المعرفة.

المصدر :

هنا

مصدر الصورة:

هنا