البيولوجيا والتطوّر > التطور

لماذا لا تملك الطيور أسناناً؟

لا تمتلك الطيور أسناناً، تماما كآكل النمل وحوت البالين والسلاحف، ولكنها لم تكن هكذا دائماً فالسلف المشترك لكل الطيور التي تقطن عالمنا اليوم كان يمتلك طقماً لؤلؤياً من الأسنان وذلك قبل 116 مليون سنة، وهذا حسب دراسةٍ جديدة. في هذه الدراسة درس العلماء بقايا المورثات الطافرة للأسنان عند الطيور الحالية ليكتشفوا متى فقدت الطيور أسنانها أو ما يعرف بظاهرة غياب الأسنان (edentulism).

تركت الطيور القديمة سجلاً أحفورياً متقطعاً ولكن دراسة مورثات الطيور الحديثة تساعد في فهم كيفية تغير نسل الطيور عبر الزمن. ويعتبر تحليل الـ DNA أداةً قويةً لحل ألغاز التاريخ التطوري.

تملك الطيور الحديثة مناقيرَ معقوفةً وسبيلاً هضمياً قوياً يساعدها على طحن ومعالجة الطعام وبذلك تستعيض عن وجود الأسنان، ولكن مستحاثة طائر الأركيدوبتيريكس Archaedopteryx التي عُثر عليها في عام 1861 في ألمانيا، تُشير إلى أن الطيور الحديثة انحدرت من أسلافٍ ذوات أسنانٍ تابعة للزواحف. ويعتقد العلماء اليوم أن الطيور تطورت عن الديناصورات ذوات الأقدام theropods ، وهي وحوشٌ لاحمةٌ كديناصور التيرانوسوراس ريكس Tyrannosausus rex والتي يحتوي فمها على أسنانٍ حادة.

ولكن لم يعرف أحد ما الذي حدث حقاً للأسنان خلال تطور هذه الحيوانات منذ ذلك الوقت حتى الآن، حيث أن تاريخ اختفاء الأسنان عند أسلاف الطيور الحديثة بقي لغزاً لأكثر من 150 سنة.

في هذه الدراسة التي قادها الدكتور سبرينجر تساءل الباحثون عمّا إذا فَقدت أنسال الطيور القديمة أسنانها في حدثٍ واحدٍ أي أن السلف المشترك لكل الطيور كان بلا أسنان، أم أن غياب الأسنانِ حدث بشكل مستقلٍ بمعنى أنه حدث لكل نسلٍ من الطيور على حدة أثناء تاريخه التطوري. ولحل هذا اللغز قام الباحثون بتحليل المورثات المسؤولة عن إنتاج الأسنان. ففي الفقاريات تشترك ست مورثاتٍ في تشكيل الأسنان وهذه المورثات جوهريةٌ لتشكيل مينا الأسنان (enamel)، ومادة الدنتين( dentin) وهي المادة المتكلسة الموجودة تحت المينا. فتش الباحثون عن طفراتٍ يمكن أن تُعطّل هذه المورثات الست في 48 نوعاً من الطيور تمثل تقريباً كل رتب الطيور الموجودة حالياً.

يعتقد الباحثون أن وجود طفرةٍ مشتركةٍ بين أنواع الطيور في مورثات الدنتين والمينا قد يدل على أن سلفها المشترك فقد القدرة على تشكيل الأسنان. ووجدوا بالفعل أن كل أنواع الطيور التي تمت دراستها تملك نفس الطفرات في مورثات الدنتين والمينا. إن وجود عدة طفرات تعطيل مشتركةٍ بين أنواع الطيور

الـ 48 كلها يُشير إلى أن المينا الخارجي المغطي للأسنان قد فُقد قبل 116 مليون سنة.

كما وجد الباحثون طفراتٍ في مورثات الدنتين والمينا عند فقارياتٍ أخرى لا تملك أسناناً أو مينا ومن بينها السلاحف وحيوان المدرع والكسلان وخنزير الأرض والبانغولين. ويجدر بالذكر أن الزاحف الحديث الأقرب للطيور هو التمساح الأمريكي. يُعتبر هذا الاكتشاف واحداً من النتائج العديدة لجهد علميٍ واسع النطاق لدراسة تطور الطيور وقد نشرت نتائج هذا الجهد الضخم في مجلة Science وغيرها من المجلات العلمية بتاريخ 12-12-2014.

المصدر

هنا