الرياضيات > الرياضيات

محاربة الأوبئة باستخدام الرياضيات.

الأمراض المعدية هي أكثر ما يشغل بال الجميع في الآونة الأخيرة..

تبذل حالياً جهود حثيثة من أجل تطوير لقاح للإيبولا وربما على المدى البعيد... علاج أيضاً.

نعلم تمام العلم أن هناك مهام للبحوث الطبية، ولكن، هناك أيضاً دور كبير للرياضيات!

تستخدم الرياضيات على نطاق واسع في نمذجة الأمراض المعدية، أي معرفة واكتشاف سلوكها، كيف يمكن أن تنتشر؟ ما هي سرعة انتشارها؟ كم عدد الناس الذين سيتأثرون؟ وأيضاً، ما هي نسبة السكان الذين يجب أن يتم تطعيمهم (تلقيحهم) في حال وجد لقاح لهذا المرض؟

وللإجابة عن هذه الأسئلة، طور العلماء في عشرينيات القرن الماضي نموذجاً رياضياً أساسياً هو نموذج SIR والذي لا يزال يستخدم (يعمل به) حتى يومنا هذا!

ولمعرفة كيف يعمل هذا النموذج:

أولاً: تخيل أنك تلعب لعبة على الحاسوب، بداخلها عدد من السكان (لمدينة ما، أو لبلد، لقارة أو حتى للعالم) مقسمة إلى ثلاثة صفوف (فئات)، الغير مرضى حتى الآن ولكن عرضة للإصابة بالمرض (الصف S)، المرضى والمصابين (الصف I)، والذين ذهب المرض عنهم، إما لأنهم شفوا وأصبحوا ذوي مناعة أو لأنهم ماتوا (الصف R)

ثانياً: هنالك أيضاً مجموعة من المعادلات تصف وتحدد عدد الأشخاص الذين يتحولون من صف لآخر (أي من مرضى لغير مرضى وبالعكس) خلال فترة زمنية معينة ومدروسة (في يوم أو في شهر الخ).

والآن، بضغطة زر واحدة، تستطيع أن تشاهد كيف يحاكي الكمبيوتر تطور المرض بمرور الوقت!

هذه باختصار طريقة استخدام العلماء نموذج SIR!

بالطبع، كل شيء في نموذج الـ SIR الأساسي يعتمد على المعادلات التي تحكم الانتقال من صف لآخر، هذه المعادلات تعتمد بشكل حاسم وأساسي

على احتمال أن يعدي (يصيب) شخص مصاب شخصاً آخر، وعلى متوسط الفترة الزمنية لشخص مريض قبل أن يتعافى (يشفى) أو يموت.

عندما يستخدم العلماء نموذج ال SIR لتوقع تطور مرض ما، يعملون على تقدير هذه المتغيرات من خلال مراقبة كيف يتصرف هذا المرض في الحياة الحقيقة (الواقعية) وذلك من خلال معرفة تأثير التداخلات، كقيود السفر، أو التحسينات في العادات اليومية مثل (النظافة، النظام اليومي، الخ...)، على المتغيرات المهمة في المعادلات ويمكن لهم أيضاً أن يتوقعوا كيف من الممكن أن تكون مفيدة هذه التداخلات.

بعد الدراسة، اتضح أن النموذج يتعلق كثيراً برقم خاص واحد يدعى نسبة التكاثر الأساسية، والذي يرمز له عادة بالرمز Ro.

أما عن عمل الـ Ro ، فهو يقيس عدد الأشخاص الذين سيقوم الشخص المصاب بعدواهم، وفي هذه الحالة يكون جميع الناس عرضة للإصابة.

بالنسبة للحصبة، والتي تحمل عن طريق الهواء ويمكن أن تنتشر بسهولة، Ro يقدر بأن يكون بين ال 12 وَال 18، أمّا للإيبولا فيقدر بين ال 1 وَ ال 2.

ومن فوائد الرقم الأساسي بأنه يخبرنا عن سرعة انتشار المرض في البداية وبناء على ذلك يعطينا فكرة عن الخطورة المحيطة بالسكان، فمثلاً إذا كان ال Ro أكبر من 1 فإن نموذج ال SIR يتوقع بأن عدد الحالات سوف يرتفع بسرعة في بداية انتشار المرض، في حين، أنه إذا كان أقل من 1، المرض سوف يفشل دائماً في الإنتشار (حبذا!)، Ro يساعدنا أيضاً في تقدير عدد الأشخاص الذين من الممكن أن يكونوا بعيدين عن العدوى وبشكل جوهري، Ro يعطي نسبة عدد السكان الذين يجب أن يلقحوا للقضاء على المرض، هذه النسبة هي 1-1/Ro.

نموذج ال SIR كما وصفناه هنا هو بالطبع بسيط جداً لتطبيقه على جميع الأمراض في الحياة الواقعية، وقد نضطر لتعديله للحصول على توقعات أكثر دقة، مثال، بعض الأمراض مثل أمراض الطفولة وال AIDS (الإيدز)

تصيب بعض الفئات من الناس أكثر من بعضهم الآخر، لذا قد نضطر لأن نقسم السكان لصفوف أخرى.

قد تختلف نسبة الإصابة بمرور الوقت، مثال: هي أعلى بين طلاب المدارس خلال الفصول الدراسية من أيام العطل.

ويجب أن يأخذ بالحسبان أيضاً بأن هناك نماذج متطورة أكثر، ففي بعض الأمراض مثل الملاريا تنتقل من خلال الحيوانات لذا يجب على النموذج أن يكون أعقد وأن يشمل الحيوانات مثلهم مثل البشر، ولكن يبقى نموذج ال SIR بداية جيدة لبناء هذه النماذج الأعقد.

المصدر:

هنا