الاقتصاد والعلوم الإدارية > اقتصاد

شهيتك للمخاطرة وسياسة تخصيص الأصول الاستراتيجي

تخصيص الأصول الاستراتيجي:

هي استراتيجيةٌ لإدارة المحافظ الاستثماريةِ التي تحتوي على فئاتٍ مختلفةٍ من الأصول (أسهم، سندات، عقارات... الخ). تقومُ هذه الاستراتيجيةُ على الحفاظِ على التوازنِ بين نسبِ الأصولِ الاستثماريةِ في المحفظةِ الواحدةِ، وذلكَ بناءً على رغبةِ المستثمرينَ في ذلك. غالباً وكنتيجةٍ لاختلافِ العوائدِ المحققةِ من هذه الأصول، فإن نسبَ الأصولِ المستثمرِ بها قد تبتعدُ كثيراً عما كانت النسبُ عليه في بداية عمليةِ الاستثمار، مما يعني ضرورة التدخلِ لإعادةِ التوازنِ إلى هذه النسب.

إن استراتيجيةَ تخصيصِ الأصولِ هي استراتيجيةٌ تعتمدُ على عددٍ من العوامل، مثل شهيةِ المستثمرين للمخاطر، ومدى تقبلهم لها، والنظرةُ المستقبليةُ للاستثمارِ في هذه الأصول، إضافةً إلى الأهدافِ الاستثماريةِ لهم والتي قد تتغيرُ مع مرورِ الوقت.

مع هذا فإنهُ يجدرُ الإشارةُ إلى أن إستراتيجيةَ تخصيصِ الأصولِ تتماشى مع إستراتيجيةِ (اشترِ واحتفظ)، لكنها تتناقضُ مع تكتيكِ تخصيصِ الأصول، والذي يناسب المستثمرين ذوي النشاط التداولي الدائم. إذ أن استراتيجية تخصيصِ الأصولِ تعتبرُ بشكل عام الأنسب للمستثمر المتحفظ الذي لا يحبذ المخاطرة، حيث يقوم بشراء أصولٍ معينةٍ كالسندات، ويحتفظ بها وبأرباحها، أي لا يقومُ بتداولها في السوق مع تقلبِ أسعارها. أما تكتيك تخصيصِ الأصولِ فهو يناسبُ المستثمرينَ الناشطين في السوق، والذين يتبعونَ سياسةَ المراهنةِ على حركةِ السوق من خلال شراءِ أصولٍ معينة، وترقبِ ارتفاعِ أسعارها من أجلِ تحقيقِ الأرباح. مع هذا فإن كلاً الطريقتين تقومانِ على نظريةِ إدارةِ المحافظِ الاستثمارية الحديثة، والتي تعتمد على مبدأ تنويعِ الاستثمارات في المحفظة، وذلك لتخفيض المخاطر الاستثمارية، وتحسين العوائد الاستثمارية.

ولتبسيطِ مصطلحِ تخصيصِ الأصول الاستراتيجي سنقوم بطرح المثال التالي :

السيدة سميث، والتي ستتقاعدُ بعدَ خمسِ سنوات، تتبعُ نهجاً متحفظاً في الاستثمار، ولذلك فإنها لجأت لاستخدامِ مبدأ توزيعِ الأصولِ الاستراتيجي، وذلك بتحديدِ النسبِ التالية كتخصيص للأصولِ الموجودة في محفظتها الاستثمارية (40% أسهم، 40٪ سندات (بوند) ،20٪ نقد – وديعة عند البنك). لنفترض أن محفظةً السيدة سميث كانت بقيمةِ 500 ألف دولار أمريكي، وأن عملية إعادةِ التوازنِ لمحفظتها الاستثمارية تتم في نهايةِ كل عام، لذلكَ فإن توزيعَ الأصولِ حسبَ التوزيعِ المستهدف الذي ترغب به سيكون كالآتي ( الأسهم 200 ألف دولار، السندات 200 ألف دولار، والنقد 100 ألف دولار).

بعد مرورِ عام، وجدت السيدة سميث بأن الأسهمَ في محفظتها ولّدت عوائدَ إجمالية بنسبةِ 10%، في حين أنّ السنداتِ قد حققت عوائد بنسبةِ 5%، أما الأصولُ النقديةُ فقد حققت فوائد (ربا) بنسبة 2%. وبهذا فإن تكوين محفظتها صارَ كالتالي - الأسهم 220ألف دولار، السندات 210 ألف دولار، والوديعة البنكية (الربوية) 102 ألف دولار.

أي أن قيمةَ المحفظةِ صارت 532 ألف دولار، مما يعني أن العائدَ الكلي على المحفظةِ خلال العامِ الماضي كان 6.4 %، وأصبحَ تكوينُ المحفظةِ الآن ( الأسهم 41.3%، السندات 39.5%، والنقد 19.2%).

هنا يأتي أساسُ موضوعنا، فنتيجةً للسياسةِ التي تتبعها السيدة سميث، يجبُ القيام بإعادة نسب الأصول الاستثمارية إلى النسب القديمة التي حددتها عند بداية الاستثمار وقت تخصيص الأصول، وبالتالي ينبغي إعادةُ تخصيصِ قيمةِ المحفظةِ الحالية ( 532000 $) على النحوِ التالي:

الأسهم 212.800 $، السندات 212.800 دولار، والوديعة البنكية (الربوية) 106.400$.

الجدول أدناه يبينُ التعديلات التي يجبُ إدخالها على كل فئةٍ من فئات الأصول للرجوعِ إلى مستوى التخصيصِ الأصلي.

وبالتالي، فإن ما قيمتهُ (7,200 $) من الأسهمِ في محفظتها يجبُ بيعه، وذلك لإعادة الأسهم إلى نسبتها الأصلية 40٪، إضافة إلى شراء 2,800 $ من السندات حتى تعود إلى ما نسبته 40%، وإيداع مبلغ 4,400 $ في الوديعة البنكية الربوية لتشكل 20% من قيمة محفظتها، وبهذا يكون التوازن قد عاد إلى محفظتها.

يجب التنويه إلى أن تغير التخصيصاتِ (النسبَ) المستهدفة في المحفظة يمكنُ القيامُ به في أي وقت. في هذه الحالة، السيدة سميث تستطيعُ تغييرَ تخصيصاتها في الخمسِ سنوات (عندما تكون على وشك التقاعد) إلى 20٪ الأسهم، 60٪ سندات مالية، و 20٪ وديعة في البنك (الربوي) وذلك للحد من مخاطر المحفظة. اعتمادا على قيمة المحفظة في ذلك الوقت.

ملاحظة المدقق: هذا النوع من الاستثمارات في النهاية يعتمدُ على شهيةِ المستثمر للمخاطرة، إذ بناءً على شهيتهِ سيتم تحديدُ نسب الاستثمارات في كل أًصل من الأصول. فإن كان المستثمر متحفظاً فإنّ السنداتِ المالية، والودائع البنكية ستحتل الجزءَ الأكبر من محفظتهِ الاستثمارية، أما إن كان المستثمر محباً لتحملِ المخاطرِ والمغامرة، فإنّ معظمَ استثماراتهِ ستكونُ في الأسهم أو السنداتِ ذاتِ المخاطرِ العالية. إن المستثمر هوَ من يحددُ شكلَ محفظتهِ الاستثمارية، ونوعَ وشكلَ المخاطرِ التي يود الاسثتمار بها، وذلكَ بناءً على عواملَ مختلفة كالعمر، والعائد المتوقع من الاستثمار وحالةِ السوقِ وغيرها من المؤثراتِ الأخرى.

المصدر

هنا