الطب > مقالات طبية

الحازوقة (الفواق)

من الطبيعي تعرّض الإنسان لما يسمّى بالحازوقة (الفواق) بين حين وآخر، ومعظم حالاتها تُحل بشكل تلقائي خلال فترةٍ قصيرةٍ من الوقت، ولكن تُعتبر هذه الحالة خطيرةً عندما تستمر لفترة ٍطويلةٍ (أكثر من ثلاث ساعات وقد تستمر لأيام) وترتبط مع الكثير من الأمراض وربما حتى الموت.!!

لنتعرف في البداية على الحازوقة وآلية حدوثها....

الحازوقة، والمعروفة طبياً بـ SDF (synchronous diaphragmatic flutter) أي التشنج الحجابي المتزامن أو الفواق. وهي تقلص مفاجئٌ غير إراديّ للحجاب الحاجز والعضلات التنفسية الشهيقية (مع تثبيط للعضلات الزفيرية) والذي يُحدث في نفس الوقت تقلصاً في الحنجرة، مغلقاً الطريق الهوائي "فتحة المزمار" (الجزء المتوسط للحنجرة حيث توجد الحبال الصوتية) مانعاً الهواء من الدخول ومؤدياً لصوت الحازوقة.

إنّ ملاحظة هذه المتتالية من التقلصات العضلية تدفعنا للشك في احتمال وجود مركز عصبيٍّ مسؤولٍ عن آلية حدوث الحازوقة، وهو منعكس شرطي كوننا لا نعاني منها بشكل دائم! وقد لوحظت الحازوقة عند الأجنة بالتصوير بالأمواج فوق الصوتية، وقد ظهرت هذه الحركات قبل ظهور الحركات التنفسية في تطور الجنين وتبدو شائعة جداً عند حديثي الولادة وتقل تدريجياً في الأشهر التالية، مما يدفعنا للشك بأن مركز الحازوقة قد يكون أثراً باقياً من مراحل سابقة من التطور.

كما تجدر الإشارة إلى أن نسبة احتمال حدوثها عند النساء مساوية للرجال، ولكن الحازوقة التي تستمر لأكثر من "48 ساعة" أكثر شيوعاً عند الرجال.

ما هي أسباب حدوثها؟؟

لم يتمكن الخبراء من التأكد من أسباب حدوث الحازوقة، إلا أن معظمهم يتفقون على احتمال انطلاقها نتيجةً لاضطرابات طفيفةٍ في المعدة، ويقال في بعض الأحيان أن سببها قد يعود للعامل النفسي أكثر من الجسدي.

ولكن يمكننا ربط مجموعةٍ من الحالات الفيزيولوجية مع حدوث الحازوقة، أكثرها شيوعاً انتفاخ أو توسع المعدة (نتيجة تناول كميات كبيرة من الطعام أو تناول الطعام بسرعة)، أو نتيجة لتسرب الحمض المعدي إلى المري (الارتداد المريئي)، كما أن التهيُّج في الصدر قد يكون مسؤولاً عن ذلك. وغالباً ما يقع اللوم على العصب الحجابي في حدوث ذلك، بالإضافة إلى الإدمان على المخدرات والكحول، وكذلك التعرّض لعمليات جراحيةٍ في البطن بشكل خاص، ولكنها كما قلنا مجموعةٌ من التكهنات حول الآلية التي مازالت غير دقيقة.

سنعرض الآن مجموعةً من الأمراض التي لها صلة بالحازوقة:

• الأمراض الهضمية: أمراض التهاب الأمعاء، انسداد الأمعاء، التهاب المرارة، التهاب البنكرياس، التهاب البريتوان، بالإضافة إلى التهاب الزائدة الدودية.

• الأمراض التنفسية: التهاب الجنب (pleuritis)، التهاب الرئة، الربو، شذوذات الصوت، وأورام الصدر.

• يضاف إليها بعض الأمراض التي تؤثر على الاستقلاب: ارتفاع ونقص سكر الدم، مرض السكري.

• كما يمكن للحازوقة أن تنشأ من مجموعةٍ متنوعة من أمراض الجهاز العصبي المركزي: إصابات الدماغ وأورام المخ والسكتات الدماغية والتصلب اللويحي.

• أمراض الجهاز القلبي الوعائي: عدم انتظام ضربات القلب، احتشاء عضلة القلب (IM)، التهاب التامور، واللانظميات القلبية.

• الأمراض التي تؤثر على العصب المبهم: التهاب السحايا والتهاب الفم والبلعوم وتضخم الغدة الدرقية.

• إضافة لبعض الحالات النفسية كالحزن والأرق والقلق والإجهاد والصدمة والاضطراب العاطفي.

وبما أن الهجمات طويلة الأمد على صلةٍ بالكثير من الأمراض، يجب القيام ببعض الفحوصات المخبرية، ونذكر منها مايلي:

• شوارد الصوديوم والبوتاسيوم، كلس الدم، والسكر في الدم.

• اختبارات وظائف الكلى.

• اختبارات وظائف الكبد.

• مستويات الأميلاز(Amylase) والليباز((lipase

• تعداد خلايا الدم البيضاء (WBC): في البول والبلغم أو السائل النخاعي (CSF).

وتشمل طرائق التصوير ما يلي:

• التصوير الشعاعي للصدر.

• التنظير لحركة الحجاب الخاجز.

• التصوير المقطعي المحوسب (CT) للرأس والصدر والبطن.

• التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI).

إضافة إلى: تخطيط قلب كهربائي ودراسات التوصيل العصبي وتنظير القصبات واختبار ارتداد الحمض المريئي.

التدبير والعلاج:

أمّا الآن سنتعرف على طرق تدبير الحازوقة:

لم يتم حتى الآن إيجاد علاج نهائي لهذه الحالة، ولكن إن لزم الأمر هناك بعض التدابير الدوائية وغير الدوائية التي قد تكون مفيدة.

تشمل العلاجات غير الدوائية ما يلي:

• تقنياتٌ تتدخل في وظيفة الجهاز التنفسي الطبيعية: حبس النفس، فرط التنفس (التنفس بسرعة) أو اللهاث، التنفس في كيس من الورق (إعادة تنفس 5% من ثاني أكسيد الكربون)، سحب الركبتين إلى الصدر والميل إلى الأمام، الضغط الهوائي الإيجابي المستمر.

• تقنيات تُؤثر على منعكس الحازوقة: تحفيزٌ بلعوميٌّ مباشر، تحفيزٌ أنفي بلعومي، تحفيز المنطقة C3-5 (منطقة في النخاع الشوكي إصابتها تضر بخلايا القرن الأمامي للنخاع الشوكي، والتي تُفقد تعصيب العصبين الحجابيين)، إزالة محتويات المعدة.

• تقنيات تُحفّزالعصب المبهم: غسيل المعدة بالثلج، تدليك الجيب السباتي، تدليك المستقيم الرقمي.

أمّا العلاجات الدوائية فتشمل ما يلي:

بعض الأدوية كالكلوربرومازين (الدواء المفضل) والهالوبيريدول، ميتوكلوبراميد، الفينيتوين وغيرها، بالإضافة إلى: المُرخيات العضلية (ماعدا البنزوديازيبينات) والمهدئات والمسكنات.

وهناك بعض الاعتقادات التي قد تفيد في هذه الحالة مثل: تشتيت الانتباه العقلي، التنويم المغناطيسي والوخز بالإبر.

ويمكن أن تحتاج الحالة للتدخل الجراحي (عادة ما يكون الخيار الأخير) وتشمل:

• استئصال العصب الحجابي (من جانب واحد أو جانبين حسب الحالة).

• تخفيف ضغط الأوعية الدموية الدقيقة في العصب المبهم.

المصادر:

هنا

هنا

مصدر الصورة:

هنا