الاقتصاد والعلوم الإدارية > اقتصاد

صناديق المؤشرات المتداولة

قبلَ الدخولِ بموضوع ِ صناديقِ المؤشراتِ المتداولة (ETF)، سنلقي نظرة سريعةً على صناديقٍ الاستثمارٍ العادية، وذلكَ حتى نتمكنَ من مقارنتها معَ صناديقِ المؤشراتِ المتداولة، واكتشافِ المميزاتِ التي تقدمها لنا الأخيرة.

تعريفُ "الصناديقِ الاستثمارية المشتركة":

هي إستراتيجيةٌ استثمارية، تعتمدُ على مبدأ تجميعِ أموالِ صغارِ المستثمرين في صناديق استثمارية، لغرضِ الاستثمارِ في الأوراقِ الماليةِ كالأسهمِ، والسنداتِ، إضافةً لأدواتِ سوقِ المال، والأصولِ الماليةِ الأخرى.

يتمّ تشغيلُ هذهِ الصناديقُ الاستثماريةُ من قبلِ مدراءَ ماليين، يقومونَ باستثمارِ رأسِ مالِ الصندوقِ في محاولةِ منهم لتحقيقِ أرباحٍ رأسماليةٍ، ومكاسبَ للمستثمرين. وتجدرُ الإشارةُ هنا، إلى أنّ صلاحياتِ المدراء تتحددُ من خلالِ شروطِ الاكتتابِ في هذه الصناديق، بحيث تتناسبُ مع الأهدافِ الاستثماريةِ للصناديق، ومع أهدافِ المستثمرين.

من أهمّ مزايا الصناديقِ الاستثماريةِ المشتركةِ، أنها تعطي صغارَ المستثمرينَ إمكانية الوصولِ إلى محافظ متنوعة من الأسهم، والسندات، والأوراقِ الماليةِ الأخرى التي تدار باحترافيةٍ يصعبُ (إن لم يكن يستحيل) إنشاؤها برأسِ مالٍ صغير!

يقومُ المستثمرونَ في هذه الصناديقِ بالمشاركةِ كلّ حسبَ نسبةِ مساهمتهِ في الربح، أو الخسارة المحققةِ في الصندوق.

عند الاكتتابِ لإنشاءِ صندوقٍ استثماري مشترك، فإنّ مديرَ الصندوق يقومُ بإصدار أسهم، يمكنُ أن تباع، وتشترى، أو حتى أن تستبدل، وتحتسبُ قيمةُ هذهِ الأسهمِ اعتماداً على القيمةِ الحاليةِ الصافيةِ لأصولِ الصندوق (NAV)، وهو ما يعبرُ عنه أحيانا (NAVPS).

كيفَ يتمّ حسابُ صافي قيمةِ الأصول (net assets value per-share NAVPS) ؟

تعريفُ "صافي قيمةِ الأصول - NAV"

يتم احتسابُ سعرُ السهمِ في صناديقِ الاستثمارِ المشتركة، أو صناديقِ المؤشراتِ المتداولة (ETF) في كلتا الحالتين، من خلالِ حسابِ القيمةِ النقديةِ (الدولارية) لكل سهمٍ في الصندوق، عن طريقِ قسمةِ القيمةِ الإجمالية لجميعِ الأوراقِ المالية في الصندوق مطروحاً منها الالتزامات، على عددِ الأسهمِ في الصندوق.

وبعبارةٍ رياضية :

}صافي قيمة السهم الواحد = (إجمالي قيمة الأوراق الموجودة – إجمالي قيمة الالتزامات) / عدد الأسهم{

يتمّ احتسابُ صافي قيمةِ الأصولِ للسهمِ الواحدِ (NAVPS) مرةً واحدةً في اليوم، وذلك بناءً على أسعارِ الأوراقِ الماليةِ الموجودةِ محفظةِ الصندوقِ عند إغلاقِ السوق، ويتم ذلكَ بمعالجةِ جميعِ أوامرِ البيعِ، والشراءِ في الصندوق، حسب صافي قيمةِ الأصول (NAV). ومع ذلك، يجبُ على المستثمرينَ الانتظارُ حتى اليومِ التالي للحصولِ على السعر التجاري.

صناديقُ المؤشراتِ المتداولةِ (ETF) :

هي أوراقٌ تجاريةٌ، تعكسُ حركةَ مؤشرِ بورصةٍ ما مثل: داو جونز، وناسداك، أو مؤشر سلعةٍ ما مثل: النفطِ، أو الذهبِ، أو قد تعكسُ مؤشرَ سلةّ منَ الأصول (كأصول شركات النقل مثلا !). تعملُ هذه الصناديقُ كمؤشرٍ للبورصة، ويجري التعاملُ بها كالأسهمِ بيعاً، وشراءاً، كما أن تغييراتِ الأسعارِ تجري عليها طوالَ اليوم حسبَ كمية العرض، والطلب. لتبسيطِ مفهومِ هذهِ الصناديق فلنفترض أننا قمنا بشراءِ (ETF) يعكسُ حركةَ مؤشرِ النفط، في هذهِ الحالةِ إن ارتفعَ مؤشرُ النفط في البورصة، فإنّ قيمةَ الـ (ETF) سترتفع، والعكسُ صحيح. وبلغةٍ أخرى، فإن مؤشر هذهِ الصناديق، يتبعُ مؤشرَ البورصة ولا يتجاوزه. لا يمكنُ حسابُ صافي قيمةِ أصولِ هذهِ الصناديق يومياً! كما هو الحال في صناديقِ الاستثمارِ المشتركة، إذ أنّ هذهِ الأوراق التجارية يتم تداولها كما يتم تداولُ الأسهم.

يعتبرُ (SPDR) أحدَ أشهرِ صناديقِ المؤشراتِ المتداولةِ (ETF)، وهوَ عبارةٌ عن اختصارٍ لـ (Standard & Poor's depositary receipt)، أو(صندوقُ الودائع الصغيرة والمعيارية)، وهيَ عبارةٌ عن صندوقِ مؤشراتٍ متداولة (ETF) يدارُ من قبلِ مؤسسةِ (ستيت ستريت جلوبال للاستشارات) والتي تقومُ بمراقبةِ حركةِ 500 مؤشر في صندوقِ (S & P 500). كل سهمٍ في (SPDR) يتداولُ بنحوِ عُشرِ مستوى قيمةِ الدولار من (S & P 500)، وهوَ مسجلٌ ضمن بورصة نيويورك (NYSE) تحت رمز التداول ((SPY. يستخدمُ (SPDR) من قبلِ المؤسساتِ الكبيرة كرهانٍ على الإتجاهِ العامِ للسوق، كما أنهُ يستخدمُ من قبل المستثمرين الأفراد العادين.

إن مقارنةَ صناديقِ المؤشراتِ المتداولةِ (ETF) بطريقةِ تداولِ صناديقِ الاستثمار المشتركة، تعتبرُ من أسهلِ الطرقِ لتسليطِ الضوءِ على كيفيةِ الاستفادةِ من التعاملِ بصناديقِ المؤشرات المتداولة ETF)) كأسهم.

أشرنا في السابق إلى أن صناديقَ الاستثمارِ المشتركةِ يتمّ تسعيرها مرةً واحدةً في نهايةِ كل يومِ عمل، حيثُ أن جميع مشترياتِ الصندوق في ذلك اليوم تحصلُ على نفس السعر، بغض النظرِ عن توقيتِ الشراءِ في ذلك اليوم. (بمعنى أنه لو تم شراءُ أوراقٍ بسعرٍ مرتفعٍ خلالَ جلسةِ التداولِ، ثم انخفضَ هذا السعر في نهايةِ اليوم، فإن الصندوقَ يكون قد حقق خسارةً والعكسُ بالعكس. بمعنى آخر، لا يلتفت إلى السعرِ في توقيت الشراء، وإنما ما يهم هو سعرُ الإغلاق).

أما صناديقُ المؤشراتِ المتداولة، فإن تداولها ممكنٌ خلالَ اليوم، أي أنهُ يمكن بيعها خلالَ فترةٍ قصيرة، وهي بهذه الحالةِ توفرُ فرصةً للمستثمرين، والمضاربين للمراهنة على اتجاهِ تحركاتِ السوقِ على المدى القصير، وذلكَ من خلال تداولِ ورقةٍ ماليةٍ واحدة. فعلى سبيلِ المثال، إذا كان مؤشر (S & P 500) يشهدُ ارتفاعاً حاداً في الأسعار خلال اليوم، فإن باستطاعةِ المستثمرينَ في هذه الحالةِ الاستفادة من هذا الارتفاع من خلالِ شراءِ (ETF) يعكسُ مؤشرَ (SPDR)، فيحتفظونَ بما اشتروه لبضعِ ساعات، ومن ثم يقومونَ ببيعها قبلَ نهايةِ اليوم عندَ ارتفاع السعر ( كل هذا يعتمد على توقعاتِ المستثمرين ودراستهم للسوق، حيثُ أن عمليةً مثل هذه فيها مجازفةٌ كبيرةٌ، إذ لا أحدَ يعلمُ على وجهِ الدقةِ إلى أين يتجهُ السوق).

وللمقارنةِ فإن المستثمرين في صناديقِ الاستثمار المشتركةِ ليسَ لديهمُ هذهِ القدرة - حسب طبيعة التداول - حيثُ أن صناديق الاستثمارِ المشتركةِ لا تسمحُ للمستثمرين المضاربين بالاستفادةِ من التقلباتِ اليوميةِ لسلةٍ من الأوراق المالية، وذلكَ لأنها لا تأخذ إلا بالأسعارِ الختامية في نهايةِ جلسة ِالتداول، فلو أن السعر كان منخفضاً، وارتفعَ خلالَ الجلسة، لا يمكنُ للمستثمرين الاستفادةُ من ارتفاع السعر، لأن عليهم الانتظار حتى تنتهي الجلسةُ لمعرفةِ الأسعارِ حسبَ صافي القيمة، والتي من ممكن أن تكون قد انخفضت، وبهذا فإنهم لن يتمكنوا من الاستفادةِ من هذا التقلبِ الذي حصلَ، على عكسِ صناديقِ الاستثمارِ المتداولةِ التي تسمحُ لهم بالاستفادة من ارتفاعِ الأسعارِ وتحقيقِ الأرباح من خلالِ الشراءِ ثم البيعِ خلال جلسةِ التداول.

عندَ الاستثمارِ في صناديقِ المؤشراتِ المتداولةِ (ETF) يستطيعُ المستثمرُ التنويعَ في المؤشراتِ التي يستثمرُ بها مما يساعدهُ على تقليلِ المخاطرِ الاستثماريةِ، فهو يستطيعُ مثلا ضمّ مؤشر يعكس حركة أسعارِ الذهب إلى مؤشرٍ يعكسُ أسعارَ النفط ومؤشرات سلعٍ أخرى، فضلا عن هذا فإنه يستطيعُ بيعها في فترةٍ قصيرةٍ قد تصل أحياناً إلى ما يقل عنِ الساعةِ الواحدة.

من الميزاتِ الأخرى لصناديقِ المؤشراتِ المتداولةِ (ETF) أن نسبَ المصروفاتِ فيها تكونُ أقل من متوسطِ المصاريفِ التي تتحملها صناديقُ الاستثمار المشتركة، إذ أن نسبة العمولةِ المدفوعةِ للوسيط عندَ دخولِ أو خروجِ المستثمرِ من هذه الصناديق لا تتعدى نسبة العمولةِ لأيّ عملٍ آخر يقوم به المستثمر. وكمثالٍ بسيطٍ عن الفرق في المصاريف، فإنّ عمولاتِ شراء الصناديقِ المشتركةِ قد تصل إلى 20 $، بينما تنخفضُ العمولاتُ إلى 9.90 $ عند شراءِ صناديقِ المؤشرات المتداولة (ETF) وقس على ذلك.

الخلاصة:

إنّ الاستثمار بـ (ETF) يشبهُ الاستثمارَ بالأسهمِ الجيدةِ التي تسمحُ للمستثمرِ النشطِ بأكثرِ من تداولٍ خلال اليوم الواحد، على عكسِ صناديقِ الاستثمارِ المشتركةِ التي لا تسمحُ بذلك. كما أنّ صناديقَ المؤشراتِ المتداولةِ ETF)) تمكن المستثمرين أيضاً من استخدامِ إستراتيجياتِ التداول والمضاربة، مثل البيع على المكشوف، والتداولُ على الهامش (أي يستطيع المستثمر أن يشترى كمية ما من الأسهم بنصفِ أو ربعِ قيمتها). باختصار، فإن صناديقَ المؤشراتِ المتداولة (ETF)، تعطي المستثمر حرية التداولِ في السوق، بيعاً، وشراءً، كأنه يتداولُ أسهمَ شركةٍ ما، فلا حدودَ، ولا روابط، ولا حواجز للقيمِ المسموحِ التداولِ بها، ولا أوقاتَ تقيدهُ عن الاستفادةِ من التقلباتِ الحاصلةِ في السوق.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا