الطب > متلازمات طبية

متلازمة تريتشر كولينز (سوء التعظم الوجهي الفكي السفلي):

تعتبر متلازمة تريتشر كولينز، أو ما يعرف بسوء التعظم الوجهي الفكي السفلي، من الاضطرابات التطورية المنتقلة وراثياً، تبلغ نسبة انتشارها حالة ولادة واحدة من كل 40.000 – 70.000 حالة ولادة لوليد حي.

تؤثر هذه المتلازمة سلباً على نمو البنى القحفية الوجهية المشتقة من القوس والميزاب والجيب البلعومي الأول والثاني* بحيث يقل نمو هذه البنى بشكل متناظر وثنائي الجانب، ويمكن الكشف عن هذه المتلازمة لدى الإنسان عند ولادته مباشرة أو حتى قبل الولادة عن طريق تقنيات التصوير بالأمواج فوق الصوتية.

تمت تسمية هذه المتلازمة باسم (تريتشر كولينز) تكريما لاختصاصي أمراض العيون Edward Treacher Collins الذي قام بوصف الخصائص الرئيسية لهذه المتلازمة عام 1900، على الرغم من أنه تم نشر بعض خصائص هذه المتلازمة من قبل Thomson و Tonybee عامي 1846-1847.

الأسباب:

قد تكون هذه المتلازمة ناتجة عن فشل خلايا جنينية (تعرف بخلايا العرف العصبي) في الهجرة من موقعها الأساسي في الأنبوب العصبي إلى الأقواس البلعومية الأولى والثانية، مما يؤدي إلى سوء أو نقص أو عدم تصنع البنى العضلية والهيكلية العظمية المشتقة من هذه الأقواس، وهذا ما يشرح كون الإصابة متناظرة وثنائية الجانب.

لكن قد تكون هذه المتلازمة مسببة عن طريق خلل في أحد الجينات، وينتقل المرض في هذه الحالة على شكل صفة جسمية سائدة أو متنحية. تلعب الجينات TCOF1 و POLR1C و POLR1D دوراً رئيسياً في تشكيل العظام وبعض النسج الأخرى ضمن الوجه عن طريق البروتينات المسؤولة عن تشكيلها، وتعتبر هذه البروتينات مسؤولة عن تشكيل جزيئات معينة من RNA (يدعى rRNA) والتي تساهم بدورها في تشكيل بروتينات أخرى تساعد الخلايا على البقاء حية، وبالتالي فإن الطفرات الحادثة في هذه الجينات تسبب نقصاً في تصنيع الـ rRNA وبالتالي تتموت أنواع معينة من الخلايا التي تعتبر مسؤولة عن تشكيل العظم وبعض النسج الوجهية الأخرى.

ويجدر بالذكر أن بعض الحالات قد تنتج عن طفرات لا تكون موروثة من أحد الأبوين، أي أنها طفرات جديدة، في حين أن بعض الآخر من الطفرات قد يلزم وجود هذا الجين الطافر لدى أحد الأبوين أو كليهما معاً.

المظاهر السريرية:

من السهل تشخيص الإصابة بهذه المتلازمة عندما يظهر على المريض جميع الخصائص والصفات التي تتألف منها هذه المتلازمة، لكن قد يكون التشخيص صعباً عندما تكون الإصابة بهذه المتلازمة في حدودها الدنيا.

يكون وجه المصاب بهذه المتلازمة مميزاً عن شكله في بقية الأمراض، إذ يكون الأنف ذا حجم طبيعي لكنه يظهر كبيراً بسبب نقص تصنع الحواف السفلية للحجاج (المسكن العظمي للعين) ونقص تصنع عظم الوجنة في الجانبين. كما تكون الوجنتان منخفضتين والأذنان مشوهتين والذقن متراجعة والفم كبير ومنخفض.

ومن المميز أيضاً في وجه المريض أن تكون الشقوق الجفنية الخارجية لكلا العينين قصيرة ومائلة نحو الأسفل، كما يظهر على الجفن السفلي ثلمة وقد تكون الأهداب ناقصة على هذا الجفن.

أما الأذنان فغالباً ما تكونان مشوهتين أو مجعدتين أو متوضعتين أسفل من موضعها الطبيعي.

أما على مستوى الفم فيُلاحظ أن ثلث مرضى هذه المتلازمة مصابون بشق في قبة الحنك. وتكون الغدة اللعابية النكفية مفقودة أو ناقصة التصنع، كما يكون البلعوم ناقص التصنع أيضاً واللسان ناقص التصنع ومتراجع ضمن الفم، إضافة إلى وجود صعوبات في البلع بسبب نقص التطور الحاصل في العظام والعضلات المتعلقة بالبلع إضافة إلى وجود شق في قبة الحنك.

كما قد تكون الرؤيا لدى المريض مضطربة بسبب نقص تطور بعض العضلات المحركة للعين.

لكن على المستوى الذهني فيكون مرضى هذه المتلازمة طبيعيي الذكاء وقد يحدث تأخر في التطور المعرفي لدى الطفل بسبب خلل غير مشخص في السمع (الناتج عن الخلل في تطور القناة السمعية والعظيمات السمعية).

التدبير والعلاج:

لا علاجات دوائية مطروحة لهذه المتلازمة، و يتطلب تدبير متلازمة تريتشر كولينز وقتاً طويلاً ويحتاج إلى مشاركة عدة اختصاصات طبية مختلفة لعلاج أعراض ومظاهر المرض. ينبغي إيلاء الاهتمام المباشر إلى سلامة الطرق التنفسية وآلية البلع عند حديثي الولادة المصابين بالمتلازمة.

• عندما يكون هناك عجز واضح في التنفس لدى المولود المصاب يجب إجراء عملية خزع للرغامى (فتحه في العنق أسفل الحنجرة من أجل السماح للهواء بالدخول إلى الرئتين)، وقد نبقي على هذه الفتحة عدة سنوات إلى أن ينمو الفك السفلي بشكل يسمح للمجرى الهوائي الطبيعي أن يأخذ حجماً ملائماً. لكن في الحالات الأخف شدة يكفي توجيه رأس الطفل بشكل معين للحفاظ على مجرى تنفسي مقبول.

• عند وجود صعوبات في البلع يستطب إجراء تفميم للمعدة من أجل توصيل الغذاء الكافي للطفل.

• يجب تطبيق التجيهزات المساعدة للسمع في حالات فقدان السمع لدى المريض وذلك بعد الولادة بفترة قصيرة وذلك لأن السمع عنصر هام جداً في تطوير مهارات الطفل في التواصل وتقوية العلاقة مع عائلته.

• الدعم النفسي من العائلة له أثر إيجابي كبير على نفسية الطفل.

• كما يجب ألا ننسى دور التداخلات الجراحية في تصحيح التشوهات الناجمة عن هذه المتلازمة والتي يتم تطبيقها في أوقات معينة اعتماداً على شدة الحالة وعلى مدى تأثر الفعاليات الفيزيولوجية الضرورية لحياة الطفل.

الهوامش:

*الأقواس والميازيب والجيوب البلعومية: هي انتفاخات تظهر حول رأس الجنين في الأسابيع القليلة الأولى من الحمل تنشأ منها أغلب البنى والنسج المكونة للرأس والعنق.

المصادر:

هنا

هنا

مصدر الصورة:

هنا