الفيزياء والفلك > فيزياء

هل تتحول المادة المظلمة في الكون تدريجياً الى طاقة مظلمة ؟

كشف فريق من علماء الكونيات في المملكة المتحدة وإيطاليا عن وجود دلائل على سيناريو محير محتمل يتمثل بكون المادة المظلمة التي تشكل حوالي 27% من الكون تتحول ببطء إلى طاقة مظلمة والتي تشكل 68% من الكون. وفي حين أن طبيعة التفاعل الذي يقود هذا التحول غير معروفة إلا أن هذه العملية قد تكون مسؤولة عن تباطؤ نمو المجرات وغيرها من البنى واسعة النطاق في الكون عبر ثمانية مليارات عام سابقة. إذا استمر التحول بالمعدل الحالي فإننا ننتظر مصيراً للكون بارداً ومظلماً وفارغاً أسرع من المتوقع.
منذ أن تم اكتشاف تسارع توسع الكون في العام 1998، كان أفضل نموذج لتوسع الكون يحتوي على الثابت الكوني لأينشتاين (Λ) – الذي يصف التوسع المتسارع – إلى جانب المادة المظلمة الباردة (CDM) افترض أن هذه المادة تضم جسيمات بطيئة لا تتفاعل مع الإشعاع الكهرومغناطيسي وقد وجدت لفترة طويلة من الزمن. وتمثل هذه الجسيمات 85% من المادة في الكون، وبالتالي تهيمن قوتها التجاذبية على تشكيل البنى الواسعة في الكون. في حين أن نموذج ΛCDM مدعوم بالعديد من الأرصاد المختلفة، إلا أن تناقضات عديدة مع النموذج ظهرت في الآونة الأخيرة. بالاستفادة من بيانات تلسكوب بلانك الفضائي في عام 2013 لإشعاع الخلفية الميكروي، استطاع نموذج CDM التنبؤ بالمعدل الذي وجب على البنى الكبيرة في الكون النمو به خلال تاريخ الكون، ومع ذلك تشير العديد من الدراسات المختلفة إلى أن معدل نمو البنى الكونية هو أبطأ من الذي تنبأت به بيانات بلانك باستخدام نموذج ΛCDM مما يعني أن المادة المظلمة الباردة تختفي من الكون.
وقد حاول علماء الكون معالجة هذه التناقضات من خلال إضافة تعديلات طفيفة لنموذج ΛCDM –عن طريق السماح لـ Λ بأن تتغير مع الزمن، أو اضمحلال المادة المظلمة الباردة إلى مادة وطاقة عادية – ولكن يبدو أن هذه التعديلات طرحت أسئلة أكثر من الإجابات.

أما الأن، فالنتينا سالفيتيلي، نجلاء سعيد واليساندرو ميلتشوري من جامعة روما، إلى جانب ديفيد وندز وماركو بروني من جامعة بورتسموث، قد توصلوا لطريقة جديدة للتوفيق بين هذه الأرصاد، فقاموا بتوسيع نموذج ΛCDM للسماح للمادة المظلمة بأن تضمحل لطاقة مظلمة، وللتحقق من تطابق نموذجهم مع الأرصاد، قاموا بمقارنة تطور البنى الكونية الكبيرة كما تم توقعها من قبل مرصد بلانك ونموذج ΛCDM، مع أرصاد البنى الكونية الواسعة.
حيث قام الباحثون بتقسيم تاريخ الكون إلى أربع أقسام متساوية تقريباً، ووجدوا أن تأثيرا التفاعل المفروض يصبح ذو أهمية في القسمين الثالث والرابع –وهذا تقريباً بين 8 مليارات عام سابقة والوقت الحاضر-. يبدو أن النموذج المعياري ΛCDM لم يعد كافياً لشرح كل البيانات، ونعتقد أننا وجدنا نموذجاً أفضل للطاقة المظلمة، يقول وندز.
وعلى الرغم من أن المعدل الذي تتحول به المادة المظلمة إلى طاقة مظلمة يبدو بطيئاً جداً، يقول وندز أنه اذا ما استمر بالمعدل الحالي، ستزول كل المادة المظلمة من الكون خلال 100 مليار عام، وبنمو الطاقة المظلمة وتلاشي المادة المظلمة فسنكون بالنهاية أمام كون كبير فارغ وممل لا يحوي أي شيء تقريباً.
تصف كاثرين هيمانز من جامعة إدنبرة البحث على أنه نتيجة رائعة وتشير إلى أنه جزء من جهد أكبر للتوفيق بين التناقضات بين القياسات التي أجراها مرصد بلانك وتلك التي أجرتها التلسكوبات الأخرى، وقال باحثون أخرون أن هذه التناقضات يمكن حلها إذا كانت جسيمات المادة المظلمة هي نيوترينوات عقيمة * إلا أن البعض لا يزال يبحث في نظريات أخرى لتفسير الأمر وتشرح هيمانز أن هذه التناقضات قد تكون نتيجة أخطاء منهجية في كيفية إجراء واحد أو أكثر من هذه الأرصاد، مزيد من البيانات وإجراء المزيد من التحليل الدقيق لهذه البيانات والنظاميات التي تترافق معها هي وسيلة لمعرفة ما إذا كانت هذه النظرية الرائعة صحيحة.

* النيوترينوات العقيمة وهي جسيمات افتراضية تشبه النيوترينوات العادية التي هي جسيمات أولية تنتمي لعائلة الليبتونات (كالإلكترونات) لكنها عديمة الشحنة الكهربائية،وتتفاعل مع المادة عن طريق القوة الضعيفة أما النترينوات العقيمة فلا تتفاعل بأي من القوى التي يقترحها النموذج المعياري لذلك سميت بهذا الاسم.

المصدر: هنا