الطب > موسوعة الأمراض الشائعة

داء النغف Myiasis

ينتج داء النغف عن احتشار (infestation) الجلد باليرقات الآخذة في التطور لعدة أنواع من الذباب من فصيلة ثنائيات الأجنحة Diptera، وأشهر أنواع الذباب المسببة للمرض عند الإنسان هي: (Dermatobia hominis) و(Human botfly) و(Cordylobia anthropophaga) و(tumbu fly).

يُوصِّل الذباب يرقاته إلى الإنسان بطرائق مختلفة؛ فبعض أنواع الذباب تلصق بيوضها على البعوض وعندما تعضُّ البعوضة الإنسان تفقس البيوض وتدخل اليرقات من مكان العضة، وتحفر أنواع أخرى من يرقات الذباب أنفاقها في الجلد وتُدعَّى بالدودة اللولبية ((screwworm؛ إذ إنها تدخل جلد الإنسان عندما يسير حافيًا على تربة غنية ببيوض الذباب أو عن طريق إلصاق نفسها على الثياب؛ ومن ثم اختراق جلد الإنسان، وهناك أنواع أخرى تضع بيوضها في الجروح أو القرحات المكشوفة أو الأنسجة المتموِّتة؛ لتفقس وتشكل اليرقات؛ لذا فإنَّ المرض لا ينتقل من شخص إلى آخر والطريقة الوحيدة لانتقاله هي عن طريق الذباب والبعوض.

الوبائيات:

ينتشر النغف في مختلف أنحاء العالم ويختلف نوع الذباب المسبب من منطقة لأخرى، وتكون نسب انتشاره أكثر في المناطق المدارية وتحت المدارية في أفريقيا وأمريكا، ويُفضِّل الذباب المسبب للمرض البيئة الحارة والرطبة؛ لذلك يكثر المرض في أشهر الصيف الحارة، ويصيب مختلف الأجناس والأعراق والأعمار.

السريريات:

غالبًا ما نجد في قصة المصاب سفرًا إلى البلدان المدارية أو وجود جرح سابق، ويختلف الشكل السريري للمرض باختلاف نوع الذباب المسبب وباختلاف مكان الإصابة ونشير هنا إلى أهم هذه الأشكال:

1- النغف الدُّمَّلي (Furuncular Myiasis):

يسبب نوعان من الذباب النغف الدُّمَّلي وهما human botfly و tumbu fly، ويتظاهر بآفات مهيجة غير قابلة للشفاء وتتوضع الإصابات بحالة ذبابة tumbu على الجذع والفخذ والأرداف؛ أمَّا الآفات التي تسببها human botfly فتتوضع على المناطق المكشوفة كفروة الرأس والوجه والسواعد والأرجل، وتبدأ الإصابة بالظهور بعد 24 ساعة من دخول اليرقات على شكل حطاطات (بقع ملوَّنة صلبة مرتفعة عن سطح الجلد) papules حاكَّة محمرة تزداد حجمًا حتى تصل إلى 1-3 سم قطرًا و1سم ارتفاعًا تقريبًا، وقد تكون الآفات مؤلمة وحساسة للمس ولكل آفة ثقب مركزي ينضح منه سائل مَصلِي وقد تتقيح الآفات وتكون حركة اليرقة مرئية بالعين المجردة ويُشاهَد رأس اليرقة ممتدًا من الثقب المركزي وقد تلاحظ فقاعات هوائية ناتجة عن تنفسها، وقد يترافق الالتهاب بالآفة بالتهاب الأوعية اللمفية وضخامة العقد اللمفية.

2- نغف الجروح:

في نغف الجروح تتوضع اليرقات في الجروح المتقيحة أو المفتوحة ويبدو التشخيص واضحًا برؤية اليرقة على سطح الجرح أو حوله ولكنه أكثر صعوبة إذا ما حفرت اليرقة أنفاقًا تحت سطح الجلد.

قد تحتشر اليرقات داخل القحف وتسبب التهاب السحايا أو التهاب الدماغ بعد تعرض الشخص لرضٍّ شديد في الوجه أو جرح بالفروة إذا لم تُعالَج الحالة في الوقت المناسب.

3- داء النغف الجلدي الزاحف (creeping):

يصيب داء النغف الجلدي الزاحف أو المتنقل الأشخاص الذين يتعاملون مع الماشية أو الأحصنة، وتبدو الإصابة على شكل خط متعرج يشبه الخيط ظاهر على سطح الجلد وينتهي بحويصل يُشكِّل مسارًا لليرقة في الجلد.

4- داء النغف العيني الخارجي:

في حالات النغف العيني يشتكي المريض من تهيج شديد بالعين واحمرار وألم ودُماع (زيادة إفراز الدموع) وشعور بوجود جسم أجنبي وتوذم الأجفان.

يتظاهر داء النغف العيني - الذي تسببه ذبابة Oestrus ovis - بالتهاب الملتحمة ووذمة الأجفان واعتلال القرنية النقطي السطحي استجابةً لحركة اليرقة على سطح كرة العين الخارجي، وقد تظهر اليرقات داخل القرنية أو العدسة أو الغرفة الأمامية أو الجسم الزجاجي، ولكنها نادرًا ما تتابع تطورها داخل كرة العين.

5- داء النغف الأنفي:

في حالات النغف الأنفي يشتكي المريض من الرعاف وشم رائحة كريهة وخروج الديدان من الأنف وألم في الوجه وانسداد الأنف ومفرزات أنفية وصداع وعسرة بلع وشعور بوجود جسم غريب في الأنف،

وعند فحص الأنف عند المصاب يُلاحَظ أن الغشاء المخاطي للأنف متوذِّم ومتقرح ومليء بمواد متنخرة ويرقات زاحفة، وقد يسبب المرض انثقاب الحاجز الأنفي أو شراع الحنك وقد يؤدي إلى تآكل في جسر الأنف والمناطق المجاورة من الوجه ويسبب التهاب هلل الحجاج ((orbital cellulitis أو التهاب هلل منتشر في الوجه، وفي عدد قليل من المرضى يُلاحَظ وجود تقرحات على اللوزتين وجدار البلعوم الخلفي.

6- داء النغف العرَضي (accidental):

يحصل داء النغف العرضي بطريقتين؛ إمَّا بتناول طعام ملوث بيرقات الذباب ويتظاهر بالإقياء والإسهال والألم البطني والحكة الشرجية، وتختلف شدة الأعراض حسب عدد اليرقات المتناولة، ولأن الذباب ينجذب إلى المخلفات كالبول والبراز؛ فإن الشكل العرَضي قد يصيب الجهاز البولي التناسلي أيضًا.

التدبير والمعالجة:

تقنية الخنق:

تعتمد هذه التقنية على إجبار اليرقات على الخروج من مسكنها عن طريق الثقب المركزي بحرمانها من الأوكسجين بتطبيق مادة كالبارافين السائل أو شمع النحل أو الزيوت الثقيلة أو غيرها فوق مسكنها فتخرج اليرقات عفويًّا في 3-24 ساعة؛ فتلتقط بملقط ويساعد تكبير الثقب المركزي منذ البداية في جعل إخراجها أسهل ولكن ينبغي الانتباه إلى عدم تطبيق مادة كاتمة تمامًا مثل طلاء الأظافر لأنها تؤدي إلى موت اليرقة داخلاً وعدم خروجها من الجلد؛ ومن ثَمَّ اللجوء إلى الإجراءات الجراحية لإخراجها.

الاستخراج الجراحي مع التخدير الموضعي:

تُخدَر المنطقة موضعيًّا باستخدام الليدوكائين ثم تُستخرَج اليرقة جراحيًّا بطرائق مختلفة، ومن المهم عدم محاولة إخراج اليرقة بعنف حتى لا تبقى منها أيَّة بقايا في الجلد قد تسبب فيما بعد ارتكاسًا تحسسيًّا نتيجة لوجود جسم أجنبي، وبعد استخراج اليرقة تُطبَق المحاليل المطهرة وتنظيف المنطقة جيدًا ووكذلك تنضير (تنظيف+تطهير) الجرح؛ إضافة إلى وصف الصادَّات الحيوية في حال وجود إنتان ثانوي.

إستراتيجيات علاجية أخرى:

من الطرائق الأخرى المستعملة حقن الليدوكائين في أسفل الآفة التي تستوطنها اليرقة ممَّا يجبرها على الخروج إلى السطح؛ فتُزال بسهولة بالملقط ويصعب تطبيق هذه الطريقة عند وجود عدد كبير من اليرقات لأن الكميات الكبيرة من الليدوكائين قد تكون سامة، ومن الطرائق استخدام أداة المِلْوَق (spatula) للضغط على النفق مما يجبر اليرقة على الخروج.

استخدام دواء Ivermectin الموضعي أو الجهازي:

يمكن استخدام هذا الدواء لمعالجة جميع أشكال داء النغف وبالأخص الداء العيني والفموي.

تدبير نغف الجروح:

يتطلب نغف الجروح تنضير debridement المنطقة وغسلها جيدًا لاستخراج اليرقات أو يحدث ذلك جراحيًّا.

لا تُستخرَج اليرقات جراحيًّا إلا لرغبة المريض؛ فاليرقات ستغادر الجلد تلقائيًّا في 5-7 أسابيع.

الوقاية:

ينبغي للأشخاص المسافرين إلى بيئة ينتشر فيها المرض المحافظة على تغطية أجسامهم بالقمصان ذات الأكمام الطويلة والسراويل والقبعات، وُيفضَّل النوم ليلًا على أسرَّة مرتفعة أو داخل غرف مغلقة أو ناموسيات مقاومة للبعوض، ويُوصَى باستعمال مضادات الحشرات وكَيِّ الثياب بحرارة وتجفيفها جيدًا أيضًا؛ للتخلص من أيَّة بيوض متبقية في المناطق الموبوءة.

وللوقاية من نغف الجروح؛ فإن المطهرات البسيطة كافية عادةً وينبغي تنظيف الجروح وغسلها بين الحين والآخر مع تطبيق ضمادات مناسبة، ولا ينبغي للمريض المجروح النوم خارجًا أو إبقاء النوافذ مفتوحة إلا بعد تطبيق الحماية المناسبة.

الإنذار:

النغف هو مرض محدِّد لذاته (self-limited) مع مستوى منخفض للإمراضية والوفيات وغالبًا ما يكون السبب الأساسي للعلاج تجميليًّا أو نفسيًّا أو للتخلص من الألم، وحالما تُستخرَج اليرقة تُشفَى الآفة سريعًا، وعلى كل فإنَّ بعض أنواع اليرقات المسببة لنغف الجروح قد تستوطن حول فتحات الوجه وتحفر أنفاقها وتصل إلى الدماغ.

مصادر الصور:

هنا

هنا

هنا

مصادر المقال:

هنا

هنا

هنا