الهندسة والآليات > الصناعة والأتمتة

أبسط المنازل الذكية

حلم المنزل الذكي أحد أحلام الكثير من متابعي التكنولوجيا. قد يتبادر للذهن أن تحقيق هكذا منزل سيتطلب تغير كل مافي المنزل الحالي من معدات ومفاتيح وحتى أسلاك، إلا أن ذلك قد يمكن تحقيقه بطرق أبسط وقد متوفرة لدى الجميع. في المقال التالي سنستعرض تجربة أحد المهندسين الذي استطاع أتمتة منزله بطريقة أفضل ما يقال عنها أنها "بسيطة"!

أول ما يتخاطر للذهن عند التفكير بأتمتة المنزل هو سؤال هل سيلزمني استبدال علب المفاتيح وتمديد أسلاك جديدة لنقل البيانات وأوامر التحكم؟ الجواب عن هذا السؤال كان بسيط جداً عند المهندس "بول واليتش" أحد محرري مجلة IEEE Spectrum. فقد اقترح بول استخدام محركات سيرفو (محركات قابلة للتصحيح تموضعها وفقا لاشارة التغذية الخلفية) للتحكم بفاتيح الانارة. أي أن محرك السيرفو سيقوم بتغير حالة مفتاح الضوء وفقا لإشارة تحكم، وبذلك وفر بول عناء تغير التمديدات الكربائية أو حتى خطر التعامل مع التوترات العالية.

تم البدء في المشروع في مكتب ذو مساحة صغيرة في وسط مدينة مونتبليير. أول خطوات المشروع كانت إيجاد حل لمشكلة فتح الباب والإجابة عن هاتف الباب الداخلي. فمن منا لا يستثقل قطع النشاط الذي يقوم به فقط من أجل اجابة الباب. ومن هذه النقطة تحديداً فكر بول بأنه من قد يكون من السهل والممتع بناء دارة صغيرة يمكن التحكم بها عن بعد لتقوم بدفع زر الباب.

خلال بناء النماذج التجربية تعلم بول العديد من الدروس. أولها، أن استخدام الملفات الكهربائية أو ظاهرة التحريض المغناطيسي لتحريك القواطع غير مجدي بسبب غلاء ثمنها واستهلاكها الكبير للطاقة. بالإضافة إلى أنها لن تقوم بمهمتها المتمثلة بدفع الزر بشكل صحيح إلا في حال كانت المسافة بينهما بحدود مليمتر واحد (حيث أنه في حال تموضع الملف على مسافة قريبة جدا فمن المحتمل اتلاف القاطع وفي حال كانت المسافة كبيرة فلن يكتسب القاطع طاقة كافية لتغير موضعه).

بعد ذلك خطرت لبول فكرة لاستخدام ذراع مثبتة على محرك سيرفو لتبديل وضع القاطع حسب الحاجة. ولكن العائق الأكبر والأمر الأكثر صعوبة الذي واجه بول كان في استخدام دارة المؤقت 555 للتحكم بمحرك السيرفو. حيث أن الفكرة المقترحة كان تشغيل المؤقت 555 في نمط الاهتزاز وحيد الاستقرار، حيث يتم في هذا النمط توليد قطار نبضات بعرض نبضة محدد للتحكم بموضع وسرعة المحرك.

ونتيجة لذلك فقد قام بول باستبدال دارة المؤقت الزمني 555 بمتحكم صغري من طراز ATTiny84. ما يميز هذا المتحكم ذو الـ 16 رجل تكلفته المنخفضة حيث لا يتجاوز دولار أمريكي واحد. فكان النموذج الجديد لبول مكون من المتحكم الصغري ومحرك سيفرو مصغر (سعره بحدود 5 دولارات أمريكية) مثبتين على قاعدة صغيرة (مطبوعة باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد) على لوحة مفاتيح الباب وموصولين عبر موائم جهد مستمر إلى مقبس التغذية الكهربائية في الحائط.

قام بول بتصميم القاعدة الخاصة بالجزئين الكهربائي والميكانيكي باستخدام برمجية penSCAD، وهي برمجية مفتوحة المصدر تتمتع بواجهة برمجية تناسب الأشخاص القادرين على توصيف متطلباتهم بدقة، لا رسمها. ثم قام بطباعة التصميم باستخدام طابعة PrintrBot JR ثلاثية الأبعاد.

بعد إضافة وحدتي إرسال واستقبال (بكلفة حوالي 12 دولار أميركي) لاسلكيتين تعملان على الأمواج الراديوية، أصبح على بول فقط الضغط على زر من جهة الارسال لتوليد نبضة عند وحدة الاستقبال مربوطة مع أحد مداخل المتحكم الذي يقوم بدوره بإرسال سلسلة نبضات إلى محرك السيرفو. عندها يقوم محرك السيرفو بتحريك الذراع المربوطة عليه لتغير وضعية الزر ومن ثم العودة إلى وضع الاستعداد والابتعاد عن الزر.

ويجدر بالذكر أن بول قد اعتمد على برنامج Arduino IDE لبرمجة المتحكم بشيفرة حجمها حوالي 1.2 كيلوبايت (1200 بايت) من أصل 8 كيلوبايت يوفرها لمتحكم ATTiny84. أما من أجل تبديل حالة قواطع الإنارة في قبو منزله، فكان على بول استخدام ذراع لمحرك السيرفو مختلفة نوعا ما عما استخدمه في أزرار فتح الباب. كما تطلب الأمر تعديل وحدة التحكم لعدم توفر مقبس كهرباء في القبو. فتم الاعتماد على بطاريات AA كمصدر للطاقة. مما خلق مشكلة مع وحدة الاستقبال التي استخدمت سابقا، حيث أن وحدة الاستقبال السابقة تستغرق زمناً طويلاً للعودة من وضعية السبات (نمط استهلاك الطاقة المنخفض) وفي حال تركها على نمط التشغيل المعتاد فإن البطاريات لن تصمد لأكثر من عدة أسابيع.

مما دعى بول للتفكير بإيجاد بديل، وبالفعل وجد بول وحدة مرسل-مستقبل (nRF24L01+) بمزايا جديدة من شركة Nordic المختصة بتصنيع الشرائح الالكترونية. ومع أن هذه الوحدة تحوي العديد من الميزات التي قد لا تلزم بول إلا أنها تستطيع العودة من نمط السبات خلال عدة ميلي ثانية وأداء المهمة المطلوبة منها والعودة لحالة السبات مجدداً. وبشكل مشابه لبرمجة وحدة التحكم السابقة ATTiny84 استطاع بول برمجة الشريحة الجديدة بالاستعانة بما يقدمه الهاكرز من مكتبات خاصة لبرمجة الشريحة RF24 ضمن برمجية Arduino.

وبما أن الوحدة الجديدة تستهلك بضعة ميلي أمبير فقط (ما يكافئ كمية الطاقة التي يستخدمها المتحكم في نمط السبات الخاص به) فإن أربع بطاريات AA تنتج تياراً بقيمة 2000 ميلي أمبير كافية لتشغيل هذا النظام لفترة قد تتجاوز الستة أشهر. ولمن يتسائل عن استهلاك المحرك للطاقة فمحرك السيرفو يقوم بسحب ما مقداره 1 ميلي أمبير ساعي خلال فترة تشغيل 3.6 ثانية عملياً، وبالتالي فلا خوف على استهلاك الطاقة. حتى أن بول قد اقترح ربط بعض الخلايا الشمسية مع النظام لتصبح البطاريات قادرة على العمل لفترة قد تتجاوز العام.

وفي الختام، نرى أن بول كغيره من المهندسين حريص على تقديم حلول عملية مفيدة وبسيطة . فإذا كنت ترغب في أتمتة منزلك فقد تستطيع الاستفادة من تجربة بول لبدء تجربتك الخاصة. وتذكر أن كل مشكلة ولها حل. وبالطبع لا تنسى مشاركتنا بنتائجك.

المصدر: هنا

مصدر الصورة: هنا