الهندسة والآليات > الالكترونيات

وداعاً أيها الطيف الكهراطيسي مثلما عرفناك

عندما يسمع أحدنا عبارة "تحويل الضوء إلى صوت" فإن أول ما سيخطر بباله -على الأغلب- أن الأمر متعلق بفيلم حديث من أفلام الخيال العلمي.. و لكن هذا الأمر ليس خياليا، بل أصبح مسألة تنتمي إلى العالم الحقيقي..

كيف يبدو هذا الأمر؟ و كيف تم التوصّل إلى هذه التقنية؟ و أين يمكن استخدامها؟

تمكن العلماء من التوصل إلى جهاز بإمكانه "الإصغاء" إلى الأمواج الكهرطيسية، و يعتمد هذا الجهاز في عمله على ما يعرف بأشعة ( T-rays ). هذه الإشعاعات تتميز بترددات من مرتبة " تيرا هرتز".

يمكن لهذه الأمواج أن تساعد رجال الأمن في المطارات في كشف الأسلحة الكيميائية و غيرها، و في تصوير النسج الحية بأقل ضرر على المناطق السليمة، كما بإمكانها أن تساعد علماء الفلك على ابتكار أدوات و أجهزة جديدة تسهم في كشف المزيد من أسرار كوننا.

ولكن بسبب القدرات المحدودة للحساسات و الكواشف الموجودة حاليا لكشف الأمواج الإشعاعية ضمن مجال التيرا هرتز كان على المهندسين إجراء بعض التعديلات على هذه الأجهزة. ولكن بفضل تصميم الباحثين في جامعة ميتشيغن لكاشفٍ مخصص للأمواج الواقعة ضمن مجال تيرا هرتز و نظام صوريّ لها، تم ردم "فجوة التيرا هرتز" في الطيف الكهرطيسي.

الطيف الكهرطيسي هو المجال من الترددات و الأطوال الموجية الذي يمتد بدءاً بالأمواج الراديوية ( ذات طول الموجة الكبير والطاقة القليلة ) التي تحمل الصوت وحتى أمواج أشعة غاما ( ذات طول الموجة القصير والطاقة العالية ) التي تنتج من النشاط الإشعاعي للمواد المشعّة. و بين هذين النوعين من الأمواج توجد الأمواج الميكروية التي تنقل إشارات الهواتف المحمولة، الأمواج تحت الحمراء المستخدمة في تقنيات الرؤية الحرارية، الأمواج المرئية التي تضيء العالم حولنا و تظهره ملوّناً و أشعة X المعروفة.

فجوة التيرا هرتز هي مجال ضيق من الأمواج تقع بين حزمة الأمواج الميكروية و حزمة الأمواج تحت الحمراء.

يعتقد الباحثون أن حزمة أمواج "تيرا هرتز" يمكن أن تكون ذات فائدة كبيرة في التطبيقات العلمية. ولكن تعاني الأجهزة و الكواشف المتوفرة حاليا من بعض الصعوبات كضخامة الحجم وحاجته إلى التبريد المستمر كما أنه لا يستطيع العمل في الزمن الحقيقي، وهذا ما يجعل تطبيق هذه التقنية صعبا حتى الآن سواء في المجال العسكري أو الطبي أو الفحوص الكيميائية.

يقول الخبراء " لقد تمكنا من تحويل أشعة (T-rays) إلى صوت وذلك من خلال تطويرنا لجهاز محوّل للطاقة يجعل تحويل الضوء إلى صوت أمرا ممكنا.

هذا الجهاز يقوم بتحويل الأمواج الضوئية ( الكهرطيسية ) إلى أمواج فوق صوتية لا تستطيع أذن الإنسان إدراكها.

هذا الجهاز يُصنَع من مزيج من البلاستيك الإسفنجي المسمى -polydimethylsiloxane- أو (PDMS) و أنابيب نانوية من الكربون.كيف يعمل هذه النظام ؟

عندما تسقط أمواج أشعة (T-rays) على الحساس فان أنابيب الكربون النانوية تمتصها وتحول طاقتها إلى حرارة هذه الحرارة تؤدي إلى تسخين الـ (PDMS) مما يؤدي إلى تمددها مولدة أمواج ذات ترددات عالية أو هي أمواج فوق صوتية، هذه الأمواج فوق الصوتية يمكن كشفها بعدة طرق. بالتالي يمكننا هذا الجهاز من تحويل مشكلة صعبة الحل ( التعامل مع أمواج أشعة "T-rays" و كشفها ) إلى مشكلة تم حلها سابقا ( كشف الأمواج فوق الصوتية ).

كما قام الباحثون بوصل هذا النظام إلى الكمبيوتر لإجراء عمليات المسح و المعالجة للنتائج التي يظهرها هذا الجهاز.

كما أن الجهاز يتمتع بسرعة استجابة فائقة قد تصل إلى جزء من مليون من الثانية، لذا فإنه سيكون قادرا على إعطاء صور في الزمن الحقيقي خلال السنوات القليلة القادمة. يختلف هذا النظام بشكل كلي عن أنظمة الفحص القديمة والتي تستخدم أشعة الـ (T-rays) لأن هذا النظام يستجيب لطاقة نبضات أشعة "T-rays" -individual pulses- وليس على التعرض المستمر –streams- لها ولهذا السبب فهي لا تتأثر بتغيرات درجة حرارة الوسط المحيط.

و اخيرا فالسؤال المطروح هل ستتمكن هذه الإشعاعات من أن تلعب دورا أكبر بعد تطوير هذا الجهاز وهل ستحل مكان أشعة ( X-RAY ) ذات الأثر المؤين في بعض التطبيقات ؟؟

المصدر: هنا