الطب > موسوعة الأمراض الشائعة

التهابُ المرارةِ الحادُّ و المُزمِنُ

استمع على ساوندكلاود 🎧

تعريفُ المرارةِ ووظيفتُها:

المرارة (Gallbladder) عضوٌ صغيرٌ يقعَ أسفلَ الكبد، ويؤدّي دورًا مُهمًّا في هضمِ الطّعامِ من خلالِ تخزينِ سائلٍ يساعِدُ في عمليّة الهضم؛ إذ يستَخدِمُهُ الجسمُ لهضمِ الدّهُونِ داخلَ الأمعاءِ الدّقيقة، ويُسمَّى السائلُ المراريّ (الصّفراء)، ويمرُّ هذا السائلُ من المرارةِ إلى الأمعاءِ الدّقيقةِ من خلالِ القناةِ المراريّة.

سنتعرّفُ في البدايةِ على واحدٍ من أمراضِ المرارة، وهو التهابُ المرارةِ الحادُّ Acute cholecystitis، فما التهابُ المرارةِ الحادّ؟ وما أسبابُه؟

هو تورُّمٌ مفاجِئٌ وتهيّجٌ في المرارة، يحدثُ في 95% من الحالاتِ عندَ وجودِ انسدادٍ في القناةِ المراريّةِ بسببِ وجود حُصَياتٍ صفراوية (calcucous)، ما يؤدي إلى إعاقة تدفق الصفراء، فتتراكمُ داخلَ المرارةِ ما يؤدّي إلى حُدُوثِ حالةٍ التهابيّة، وألمٍ شديد، وفي 5% من الحالاتِ يحدُثُ الالتهابُ من دونِ وجودِ حُصَيّاتٍ صفراويّة (acalculous cholecystitis). وتشملُ الأسبابُ الأُخرى (غير العائدةِ للحُصيّاتِ الصّفراويّة):

- حالات ترتبطُ بركودِ الصّفراء، مثل إجراءِ جراحةٍ كُبرى، ورُضوضٍ أو إصاباتٍ شديدة، وتجرثُم أو إنتان الدم (sepsis)، والصيام مُدّةً طويلة.

- تشملُ الأسبابُ الأخرى أيضًا: الأحداثَ القلبيّة، كاحتشاءِ العضلةِ القلبيّة، وفَقرِ الدّم المِنْجَلي، والعدوى ببكتيريا السالمونيلا، والعدوى بمِكرَويّات الأبواغ (Microsporidiosis) أو خفيّات الأبواغ أو الفيروس المضخّم للخلايا لدى مرضى العوز المناعي المكتسب AIDS أو الدّاء السّكري، وأورام المرارة (نادراً).

ومن الجديرِ بالذّكرِ أنَّ بعضَ الناسِ أكثرُ عرضةً لتشكُّلِ حُصيّاتٍ في المرارة، وتشملُ عواملُ الخطورة:

• الإناث.

• الحمل.

• العلاج الهرموني.

• كبارَ السّن.

• الأشخاصَ من أصلٍ أمريكي، أو إسباني.

• البدانة.

• فقدانَ الوزن، أو اكتسابَه بسرعة.

• مرضى السكّري.

ما أعراضُ التهابِ المرارة؟

• الألم: يبدأ الألمُ من مِنطقةِ الشرسوف، Epigastrum (المِنطَقَةُ فوقَ المعديّة، أو رأس المعدة) ثُمَّ يتوضّعُ في الرّبعِ العلويِّ الأيمنِ من البطن، وقد ينتشرُ الألمُ إلى الكتفِ الأيمن، أو عظمِ الكتف.

• مغصٌ بطني، وغثيان، وإقياء.

• حُمَّى (بسببِ وجودِ التهاب).

• تسرُّعٌ بضرباتِ القلب Tachycardia.

• قد تظهرُ علاماتُ التهابِ البريتوان.

• اصفرارُ الجلد، وابيضاضُ العينينِ (اليرقان).

• برازٌ بلونِ الغُضار، (بلونٍ أفتحَ من المُعتاد).

علماً أنَّ هذهِ الأعراضُ تختلفُ حسبَ حالةِ المريض؛ فكبارُ السنِّ مثلًا (وبخاصّة مرضى السكّري) لا يعانون أعراضًا مَمِيْزةٌ أو شديدةً مثل الألمِ أو الحُمّى، وإنّما فقط إيلامٌ في الجانبِ الأيمنِ للبطن، (ألمٌ عندَ تحسُّسِ مكانِ المرارة، وشعورٌ بتورُّمِها)، ويتطوّرُ التهابُ المرارةِ لديهم بسرعة، وبآليّةٍ مُعقّدَةٍ من دونِ سابقِ إنذار.

وقد لا يظهرُ لدى الأطفالِ المصابينَ بالتهابِ المرارةِ الكثيرُ من العلاماتِ السريريّة.. ويشكِّلُ التهابُ المرارةِ مشكلةً بخاصّةٍ عند من يعانونَ مرضَ فَقرِ الدّمِ المِنجلَي، وأمراضَ الدّمِ الانحلاليّةَ، وبعضَ الشّذوذاتِ الخَلْقِيّة، وتلكَ المتعلّقةَ بالمرارة.. ولذا فغيابُ الأعراضِ السريريّةِ لا يَستبعِدُ تشخيصَ التهابِ المرارة.

كيفَ يُشخَّصُ هذا المرض؟

الجسُّ في الجانبِ العُلويِّ الأيمنِ للبطن، (ألمٌ عندَ الجس، وشعورٌ بتورُّمِ المرارة)، كما يعتمدُ تشخيصُ التهابِ المرارةِ الحادِّ على الاختباراتِ المخبريّةِ التّالية:

• تعدادُ الدّمِ الكاملِ CBC (يزدادُ عددُ الكريّاتِ البِيضِ مع وجودِ نسبةٍ من الكُريّاتِ غيرِ النّاضجةِ أكثرَ من الحالةِ الطّبيعية).

• أنزيماتُ الكبدِ AST/ALT لتقييمِ عملِ الكبد.

• فحوصاتُ البيليروبين والفوسفاتاز القَلويّة.

• فحوصاتُ الأميلاز، واللّيباز؛ لتقييمِ عملِ البنكرياس.

بالإضافةِ إلى الاختباراتِ التّصويريّةِ التي تُبيّنُ وجودَ حصًى والتهابٍ في المرارة، وتَشملُ الخِيارات:

1. الموجاتُ فوقَ الصّوتيّةِ Ultrasonic، وهو الاختبارُ الأوّليُّ والمُفضّلُ لتشخيصِ هذه الحالة.

2. تصويرُ الطّبقي المحوري CT.

3. التصويرُ بالأشعّةِ السّينية.

4. التصويرُ بالرّنينِ المغناطيسي MRI.

5. تصويرٌ ومضانيٌّ للكبد.

6. صورةٌ للمرارةِ عن طريق الفم.

أمّا الآن فسنتعرّفُ على طرائقِ علاجِ التهابِ المرارةِ الحاد:

يعتمدُ العلاجُ على شدّةِ الحالةِ، وعلى المُضاعفاتِ في حالِ وُجودِها، ويشمَلُ العلاجُ غيرُ الجراحي:

المضادّاتُ الحيويّةُ الوريديّة، مثل (ليفوفلوكساسين، وميترونيدازول)، والحِميةُ منخفضةُ الدُّهون، إضافةً إلى مضادّاتِ الإقياء، ومسكّناتِ الألم.

ولكن متى نحتاجُ إلى إجراءِ عمليّةٍ جراحيّة؟

قد تُجرى العملية الجراحية عند انسداد المرارة بسبب الحصيات الصفراوية.

وتُجرى في حالِ وجودِ مُضاعفات، مثل: الغرغرينا (تَمَوُّتُ الأنسجة)، و وجودِ ثُقبٍ في جدارِ المرارة، والتهابِ البنكرياس، وانسدادٌ مستمرٌّ في القناةِ الصّفراويّة، والتهابٌ عامٌّ في القناةِ الصفراوية.. ومن الجديرِ بالذِّكرِ أنَّ مُعظمَ النّاسِ الذين خَضعوا لعمليّةٍ جراحيّةٍ يتعافَون، ولكن قد تحدثُ مضاعفاتٌ بعدَ إجراءِ العمليّة، مثلَ أذيّةٍ لاحقةٍ في القناةِ الصّفراويّةِ تستنزفُ الكبد.

بعد أن تعرَّفنا على التهابِ المرارةِ الحاد، سنتعرَّفُ الآنَ على التهابِ المرارةِ المُزمِنُ (Chronic cholecystitis)، فما التهابُ المرارةِ المزمن؟

تنسدُّ-أحيانًا-القناةُ الصفراويّةُ مؤقّتًا، ولكن عندما يكونُ هذا الانسدادُ متكرّرًا فإنّهُ يؤدّي إلى التهابِ مرارةٍ مزمن، ويستمرُّ هذا التورّمُ والاحمرارُ مدةً طويلةً من الزّمن، ما يجعلُ جدرانَ المرارةِ سميكةً وصلبة.

ما أسبابُه؟

يعودُ السّببُ الأساسيُّ إلى هجماتٍ متكرِّرَةٍ حادّةٍ ومفاجِئةٍ لالتهابِ المرارة، وتعودُ معظمُ هذه الهجماتِ لوجودِ حُصيّة، أو حُصَيّاتٍ صفراويّةٍ في المرارة. تُسبِّبُ هذه الهجماتُ ازديادَ ثخانةِ جدرانِ المرارة، ومع مرورِ الزّمنِ تبدأ المرارةُ بالانكماش، وتصبِحُ أقلَّ قدرةً على تخزينِ الصّفراءِ وتحريرِها. يحدُثُ هذا المرضُ عند النّساءِ أكثرَ من الرّجال، كما أنَّه أكثرُ شيوعًا بعدَ سنِّ الأربعين.

ما أعراضُهُ؟

التهابُ المرارةِ الحادُّ حالةٌ مؤلمةٌ تؤدّي إلى التهابِ المرارَةِ المُزمن، وليس من الواضحِ ما إن كان التهابُ المرارةِ المزمنُ يُسبِّبُ أيَّ أعراض.

تشخيصُهُ:

تُتَّبع في تشخيصِهِ طرائقُ تشخيصِ التهابِ المرارةِ الحادّ نفسُها.

علاجُهُ:

إجراءُ عمليّةٍ جراحيّةٍ لاستئصالِ المرارة، وهي العلاجُ الأكثرُ شيوعًا، ويجري الاستئصالُ بتنظيرِ البطن، وذلكَ بإجراءِ شُقوقٍ صغيرةٍ في البطن، ما يؤدّي إلى شفاءٍ أسرع.. ولكن أحيانًا يتطلَّبُ إجراءُ عمليّةٍ جراحيّةٍ أكثرَ شمولًا إجراءَ شقوقٍ أكبرَ في الجزءِ العُلويِّ الأيمنِ من البطن.

أمّا علاجُ المرضى الذينَ لا يستطيعونَ إجراءَ عمليّةٍ جراحيّةٍ بسببِ أمراضٍ أو حالات أخرى=فيكونُ عن طريقِ أخذِ أدويةٍ فمويًّا تحلُّ الحصى في المرارة.. ولكن قد يستغرِقُ ذلكَ سنَتَينِ أو أكثر.. ويجبُ التّنبيهُ على إمكانيّةِ عودةِ الحصى بعدَ العلاجِ (في حالِ عدمِ إجراءِ جراحة، والاكتفاءِ بالعلاجِ الدوائي).

المضاعفاتُ المحتملةُ لالتهابِ المرارةِ المُزمن:

• سرطانُ المرارةِ (نادرًا).

• اليرقان.

• التهابُ البنكرياس.

وفي النهايةِ يجبُ التنبيهُ على ضرورةِ اتّباعِ نظامٍ غذائيٍّ قليلِ الدّهون، ما يُخفِّفُ أعراضَ التهابِ المرارة.. ومع ذلك لم تثبت فائدتُه في الوقايةِ من التهابِ المرارة.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا