التوعية الجنسية > الحياة والحقوق الجنسية والجندرية

G-spot ... البقعة المهبلية اللغز .. هل حسم العلم أمرها ؟

استمع على ساوندكلاود 🎧

لمحة تاريخية:

تذكر مخطوطات Kamasastra و Jayamangala الهندية العائدة إلى القرن الحادي عشر وجود منطقة ذات حساسية عالية ومرهفة قادرة على إثارة وتحريض لذة جنسية كبيرة في المهبل. و بعد ذلك، وفي القرن السابع عشر، وصف الطبيب الهولندي Regnier de Graaf المشهور بمشاركاته العلمية في مجال كيسات المبيض وجود مثل هذه المنطقة في المهبل أيضا.

لقد قال طبيب الأمراض النسائية الألماني Ernst Gräfenberg في مقاله المنشور في مجلة علم الجنس الدولية International Journal of Sexology عام 1950 بأنه "توجد منطقة حساسة جنسيا على الجدار الأمامي للمهبل مسايرة لمسار الإحليل". ولقد ذكر بأن عرض هذه المنطقة يبلغ حوالي 1 إلى 2 سم، كما ذكر أنه "خلال النشوة تنضغط هذه المنطقة لتشكل نتوءاً صغيراً يشبه القيلة المثانية cystocele ضمن القناة المهبلية"، مع العلم أن القيلة المثانية هي حالة تهبط فيها المثانة وتضغط المهبل بين الأحليل وفتحة الشرج.

أما ماسترز و جونسون Masters and Johnson فقد استبدلا مصطلح cystocele ب" انتفاخ Balooning أو نتوء Tenting في الجدار الأمامي للمهبل."

منذ 1800 وحتى 2013 تم نشر ما يقارب 300 مقال عن الأبحاث الخاصة ب G-spot وحرف G نسبة ل Gräfenberg

وخلال ثمانينات القرن الماضي اعتبر العديد من المؤلفين أن G-spot ليست حقيقة تشريحية وإنما عبارة عن مصطلح جنسي، لكن الكثير من الخبراء في هذا المجال يعتقدون حالياً أنها منطقة عالية الحساسية موجودة في المهبل، فقد أثبت شفيق وزملاؤه Shafik et al بالفحص الكهربائي للمهبل electrovaginogram وجود "منبه مهبلي"، وأشاروا إلى أنه قد يمثل G-spot، هذا وقد تم توثيق زيادة التدفق الدموي عبر جدار المهبل في مرحلة الشهوة الجنسية من حلقة الاستجابة الجنسية الأنثوية.

ولقد أُجريت دراسة من قبل Amichai Kilchevsky وزملائه نُشرت في مجلة الطب الجنسي Journal of Sexual Medicine عام 2012 تهدف إلى استعراض جميع الدلائل التي تدعم أو ترفض وجود الـG-spot كمنطقة تشريحية واضحة. أشار الباحثون في هذه الدراسة إلى وجود أعداد كبيرة من الدراسات والتجارب التي حاولت تأكيد وجود الـG-spot إما من خلال استطلاع آراء النساء في وجود هذه المنطقة أو دراسة المقاطع النسيجية أو التصوير بمختلف تقنيات التصوير أو حتى استخدام الواسمات الكيميائية الحيوية. لقد كان من الملفت للانتباه أن معظم النساء اللواتي أجري عليهن استطلاعات الرأي يؤمِنَّ بوجود هذه المنطقة رغم عدم استطاعتهن تحديد مكانها.

وفي نيسان 2012، نشر أوسترزنسكي Ostrzenski نتائج تاريخية تتعلق بالوجود التشريحي لG-spot، وبناء على هذه النتائج تم إجراء دراسة تشريحية لإثبات الخصائص المميزة ل G-spot مجهرياً ونسيجياً والتي تختلف عن الأنسجة الإحليلية والمهبلية المجاورة.

يعتقد البعض أن تحريض الG-spot قد يكون مسؤولاً عن الوصول لحالة النشوة والقذف الحاصل من الإحليل عند بعض النسوة. لقراءة مقالنا عن القذف عند النساء من الكومبيوتر هنا وللموبايل هنا

البنية التشريحية لG-spot:

في 19 آذار/مارس 2014 تم نشر دراسة تؤكد الوجود التشريحي والنسيجي ل G-spot ، فهي تتوضع على الجدار الأمامي للمهبل وتبعد عن فتحة الأحليل بمعدل 4.5سم، وقد تتوضع على يساره أو على يمينه ضمن جدار كيسي تصل سماكته إلى 2 مم، هذا ويختلف طول G-spot من امرأة لأخرى بمعدل يبلغ 7مم ، وتملك القدرة على التمدد ل5 أضعاف حجمها عند إزالتها من الكيس المحيط بها.

تتوضع بشكل مائل وتتراوح الزاوية بين حاجز الاحليل والجدار الأعلى لكيس G-spot بين 18-35 درجة ووسطياً 21 درجة.

ومن خلال الدراسة المجهرية بعد تلوين G-spot باستخدام صبغة الهيماتوكسيلين والايوزين (H&E) والتلوين المناعي النسيجي الكيميائي immunohistochemical، تبين أن G-spot عبارة عن معقد عصبي دموي يتوضع ضمن سرير ليفي شحمي يرتبط به بشكل وثيق.

المكون الدموي يتألف من بنية وعائية متشابكة تشكل ما يشبه وريداً ضخماً، وبعض الشرايين المغذية الصغيرة التي تتقاطع مع الأوعية السابقة في عدة مواقع. أما المكون العصبي فيتألف من الكثير من الألياف والحزم العصبية المحيطية مع عقدة عصبية ذاتية واحدة، والتي تعتبر اكتشافاً مهماً نظراً لأنه لم يسجل سابقاً وجود عقد عصبية في جدار المهبل.

هذا وقد كان يعتقد سابقاً أن G-spot هي عبارة عن نسيج غدي، لكن التشريح المجهري لها أثبت أنها لا تحوي أي خلايا غدية، كما أنها لا تحوي أي آثار من نسيج ناعظ على عكس البظر.

وبما أنه تمت الإشارة في العديد من الأبحاث إلى أن G-spot تلعب دوراً في النشوة الجنسية، بالتالي فإن عدم قدرة المهبل على الشعور بالنشوة قد يعود لخلل في وظيفة G-spot، والذي بدوره، افتراضياً، قد يكون ناتجاً عن مشكلة عصبية أو دموية أو الاثنين معاً، ويعزز هذا الاعتقاد أنه قد تم إثبات أن سوء الوظيفة الجنسية يعود في العديد من الحالات إلى مشاكل عصبية أو دموية، وبالتالي ومن خلال المزيد من الأبحاث قد يتم التوصل إلى طرق تشخيصية وعلاجية جديدة.

وقد ذكر أيضاً أن القذف ضمن الجدار الأمامي للمهبل قد يؤدي إلى أذية غير متعمدة في G-spot.

وفي دراسة أخرى للبنية التشريحية لهذه المنطقة تم نشرها في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 أجريت تحاليل نسيجية كيميائية مناعية تتضمن استخدام واسمات عصبية عامة (لدراسة كثافة الأعصاب في المناطق المختلفة للمهبل) وواسمات أخرى للعضلات الملساء الوعائية (لدراسة كثافة الأوعية الدموية في تلك المناطق). شاركت 32 امرأة في هذه الدراسة حيث أُخذت خزعات مهبلية منهن بعد الحصول على موافقتهن جميعاً، وترواحت أعمارهن بين 41-77 سنة.

حتى نفهم جيداً الهدف من هذه الدراسة وكيفية المقارنة بين المناطق المختلفة من المهبل يجب أن نأخذ تصوراً مبسطاً عن تقسيماته في هذه الدراسة. إذا قسمنا المهبل إلى منطقتين أمامية وخلفية، ثم قسمنا المنطقة الأمامية إلى ثلاثة أجزاء (أثلاث) فيمكن اعتبار هذه الدراسة مركزة على الثلثين القريب والبعيد من المنطقة الأمامية. وإذا تخصصنا أكثر نجد أن كل المناطق من جدار المهبل تحتوي على طبقات نسيجية، وسوف تركز هذه الدراسة على الطبقة العضلية وطبقة الصفيحة المخصوصة lamina propria.

وقد خلصت هذه الدراسة إلى أن الثلث الأخير من القسم الأمامي للمهبل أكثر غنىً إلى حد كبير بالأعصاب (على وجه التحديد في منطقة الطبقة العضلية و منطقة الصفيحة المخصوصة) وذلك عند مقارنته بالثلث الأول القريب للفتحة. هذا وكان عدد الألياف العصبية أقل في منطقة الصفيحة المخصوصة مقارنة بالطبقة العضلية. وبشكل عام كانت نسبة الحزم العصبية الكبيرة قليلة لكنها كانت أغزر ما يمكن في الثلث البعيد من جدار المهبل وذلك بفروقات بسيطة، وتعود هذه الاختلافات إلى المنشأ الجنيني.

اعتقد في دراسات سابقة أن الاحتقان الوعائي يحدث في الفترة الأولى من الإثارة الجنسية ولوحظ أن الاحتقان النسيجي (التورم) أثناء النشوة الجنسية كان واضحاً جداً في منطقة الثلث البعيد للمهبل.

كشفت هذه الدراسة عن وجود نسبة أكبر من الأوعية الدقيقة في منطقة الصفيحة المخصوصة والطبقة العضلية للثلث الأخير من المنطقة الأمامية لجدار المهبل. ويعتبر الاحتقان الوعائي للمهبل الآلية الأساسية للمنعكس الجنسي الأنثوي، كما أن الانزلاق الناتج عن هذا الاحتقان يخفف من ألم الجماع وصعوبته. وكلما زاد عدد الأوعية الدقيقة يزداد تورم المنطقة واستجابتها لتنبيهات اللمس وبالتالي الوصول إلى النشوة المهبلية. وجدت هذه الدراسة اختلافات كبيرة في عدد الأوعية الدقيقة لكننا بحاجة لمزيد من الأبحاث لمعرفة ما إذا كان لهذه الاختلافات التأثيرات الوظيفية المفترضة.

هذه الدراسة أوصت بالحذر عند القيام بالعمليات الجراحية على المهبل وخصوصاً في حالات هبوط الرحم أو الأعضاء الحوضية الأخرى، إذ يجب المحافظة على منطقة G-spot والابتعاد عنها قدر الامكان لما لها من دور في الاثارة في العملية الجنسية.

دراستنا الحالية التي أجراها Ostrzenski وزملاؤه زودتنا بدليل مقنع يدعم فكرة وجود الG-spot في الجدار الأمامي للمهبل لدى ثمان نساء تم تشريح جثثهن وإجراء التشريح المجهري على منطقة الG-spot .

لقد استطاع الباحثون في هذه الدراسة تحديد الG-spot إذ وجدوها متداخلة مع الأوعية الدموية في تلك المنطقة مشكلة معقدًا في كل الجثث المدروسة. كما قد وجدوا بنية شريطية الشكل بارزة من ذيل نسج الG-spot . لقد أظهرت الدراسة النسيجية للG-spot وجود بنية من معقد عصبي وعائي يتضمن حزم عصبية محيطية وعقد عصبية وأوعية كبيرة شبيهة بالأوردة إضافة إلى أوعية صغيرة من أجل التغذية. ويغطى معقد الG-spot بألياف عضلية مدورة وطولية.

لقد كشفت الجمعية الأمريكية لاختصاصيي التوليد وأمراض النساء أن "هناك تزايدًا في عدد الأطباء الذين يقومون بإجراء عمليات جراحية متعددة بهدف تحسين منظر المهبل وزيادة الرضا الجنسي". وعندما يتعلق الأمر بالG-spot فإن بعض اختصاصيي الجراحة النسائية قد (ابتدعوا) بشكل مثير للجدل طريقة غير ضرورية وغير مجدية لتضخيم الG-spot.

يعتبر البعض أن الجراحات التجميلية لأعضاء النساء التناسلية نوع من تشويه الأعضاء التناسلية من النوع الرابع (سنتحدث في مقال خاص عن تصنيفات منظمة الصحة العالمية لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية)

ويجدر الامتناع عن أي عملية حقن للكولاجين أو الهرمونات (الأستروجين، الأندروجين، الأوكسيتوسين)، والتي يسوق لها من قبل بعض المصادر غير الموثوقة، بحجة انها تضخم G-spot أو تقوي الفعالية الجنسية عند المرأة، لأن هذه الإجراءات بحاجة إلى المزيد من الدراسات الممنهجة للتأكد من فعاليتها وسلامتها.

هناك دراسة تم نشرها في 12 آب/أغسطس 2014 اعتمدت على تقنيات التصوير الطبية قالت بعدم وجود ال G-spot

أنتجت الأبحاث على المنطقة من المهبل ذات الاثارة العالية تحسناً جوهرياً في فهم التشريح والوظيفة المعقدة للاستجابة الجنسية لدى النساء.ومكنت تقنيات التصوير الحديثة من تصوير التفاعلات الحيوية للأعضاء الأنثوية خلال التحفيز الجنسي الذاتي أو الجماع.

على الرغم من أنه لم يحدد بتقنيات التصوير الطبية أي شكل ثابت يتفق مع G-spot فإن المهبل ليس عضواً منفعلاً (أي غير فعال) في العملية الجنسية بل انه تركيبة حيوية جداً مع دور فعال في الاثارة الجنسية والاتصال الجنسي.

العلاقات التشريحية والتفاعلات الحيوية بين البظر،الاحليل،والجدار الأمامي للمهبل أدت إلى طرح مفهوم"المعقد البظري الاحليلي المهبلي clitourethrovaginal (CUV) complex" ،وهي منطقة وظيفية شكلية متعددة الوجوده مختلفة، عندما تتنبه بشكل صحيح أثناء الايلاج أو التنبيه الذاتي فإنها تقوم بتحفيز استجابة النشوة الجنسية.

معرفة تشريح ووظيفة معقد CUV يمكن أن يساعد في تجنب الأذى الذي قد يلحق بمكوناتها العصبية ،الوعائية ،والعضلية خلال العمليات الجراحية النسائية والبولية.

والآن بعد أن قرأنا كل الشرح المطول أعلاه قد تتساءلون: هل ال G-spot هي النقطة السحرية للاثارة الجنسية لدى الأنثى ؟ وهل يجب التركيز عليها دون غيرها؟ أم يجب اعتماد مفهوم "المعقد البظري الاحليلي المهبلي" ؟

الجواب الأكيد هو أن العملية الجنسية هي توافق بين الشريكين وجسم الأنثى (وحتى الذكر) يحتوي على العديد من المناطق الحساسة التي تعتبر إثارتها أمراً محبباً لدى الشريكين، ويجب على الشريكين أن يكتشفا مع بعض ما يسعدهما أكثر، فالعملية الجنسية لها من الجانب النفسي قدر يوازي الجانب الجسدي الحسي أهمية وقد يفوقه، وسيكون لنا مقالات كثيرة تتناول هذه الجوانب.

المصادر:

هنا

هنا

هنا