الطب > موسوعة الأمراض الشائعة

السلّ (التدرُّن) Tuberculosis

في تاريخ الأدب، لم يُذكر مرضٌ معقدٌ وغامضٌ كما السل؛ المرض الذي عُرف بالعديد من التسميات كالطاعون الأبيض العظيم والسُّحاف، قبل أن يطلق عليه الاسم غير اللطيف "السلّ" في منتصف القرن التاسع عشر للميلاد. يقف مرض السلِّ منفردًا في عالم الأدب مقابل أمراض أخرى ويرجع ذلك إلى شيوعه، حيث كان هذا المرض ولا يزال حتى اليوم واحدًا من الأمراض القاتلة للبشرية في هذا العالم.

مرض السل هو مرض معدٍ وخطير تسببه بكتيريا تسمى المتفطّرة السُّلّية (Mycobacterium tuberculosis)، ويصيب عادةً الرئتين. وهو يعدّ المرض الخمجي (المُعدي) الثاني بعد الإيدز من حيث عدد الوفيات حول العالم. ينتشر السل من شخص إلى آخر عن طريق الهواء، فعندما يسعل الأشخاص المصابون بسل رئوي أو يعطسون أو يبصقون، ينفثون جراثيم السل في الهواء، ولا يحتاج الشخص إلا إلى استنشاق القليل من هذه الجراثيم حتى يصاب بالعدوى .ومن النادر أن يكتسب الشخص العدوى من الغرباء فغالباً ما يكون مصدر العدوى الناس الذين يعيش معهم الشخص أو أصدقاؤه في العمل ولحسن الحظ فإن الشخص المصاب يتوقف عن نقل العدوى للآخرين بعد أسبوعين من بدئه بالعلاج.

على الرغم من أن الجسم قد يؤوي البكتيريا التي تسبب مرض السل، إلا أن الجهاز المناعي عادةً ما يحمي الجسم من أن يصاب بالمرض، لهذا السبب، يتبع مرض السل نمطين اثنين:

• العدوى الكامنة (Latent TB) في هذه الحالة تبقى البكتيريا داخل الجسم في حالة غير نشطة وغير معدية ولا تسبب أعراضًا ولكنها قد تتحول إلى عدوى نشطة لذلك من الضروري معالجته للحد من انتشار المرض.

• العدوى النشطة (Active TB) وفي هذه الحالة تظهر أعراض الإصابة ويكون المريض قادرًا على نقل العدوى للآخرين. تظهر عادة الأعراض بعد العدوى بعدة أسابيع، وقد لا تظهر إلا بعد أشهر أو سنوات.

الأعراض:

• السعال المستمر لثلاثة أسابيع أو أكثر

• خروج دم مع السعال.

• ألم في الصدر عند التنفس أو السعال.

• فقدان الوزن والشهية.

• خمول.

• حمى شديدة.

• تعرق خاصةً في الليل.

• دم في البول إذا أصيبت الكليتان بالعدوى.

• ألم في الظهر إذا أصيب العمود الفقري بالعدوى.

قد تنتشر البكتيريا المسببة للسل إلى أعضاء أخرى في الجسم كالسحايا وتسبب مايعرف بالتهاب السحايا السلِّي (Tuberculous meningitis) يتطورهذا المرض ببطء على مدار أسبوع أو أسبوعين، يعاني المريض خلالهما من آلام الرأس، وقد ترافقه حمى وتغيرات في التصرفات، وفي بعض الحالات الحادة من الممكن أن يؤثر المرض على حالة الوعي ويسبب حالةً من الغيبوبة (Coma).

كما قد يصيب السل الجهاز العضلي الهيكلي (Skeletal tuberculosis) مسببًا آلامًا وتصلبًا في الظهر وشللاً في الأطراف السفلية إذا أصاب الفقرات ويدعى عندها بداء بوت ( التهاب الفقار السلي) كما قد يؤثر على المفاصل كمفصل الورك و الركبة .

وقد ينتشر السل إلى الجهاز التناسلي البولي (Genitourinary tuberculosis) مسببًا آلامًا في الخاصرة وعسرًا في البول مع تبول متكرر، وعند الرجال قد يسبب تورمًا في كيس الصفن والتهابًا في البروستات والخصية والبربخ. أما عند النساء فقد تحاكي أعراضه أعراض الداء الالتهابي الحوضي.

وقد يصيب السل الجهاز الهضمي (gastrointestinal tuberculosis) وتعتمد أعراضه على الموقع المصاب، ويمكن أن تشمل مايلي: تقرحات لا تشفى في الفم أو الشرج، صعوبةً في البلع، آلامًا في البطن تحاكي آلام القرحة الهضمية، سوءاً في الامتصاص، إسهالًا و تغوطًا مُدمَّى.

متى ينبغي استشارة الطبيب؟

ينبغي مراجعة الطبيب إذا كان لديك حمى أو فقدان غير مبرر للوزن أوتعرق ليلي أوسعال مستمر. هذه الأعراض غالبًا ما تكون علامات لمرض السل، ولكنها قد تنجم عن مشاكل طبية أخرى.

من هم الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالسل؟

• حاملو فيروس نقص المناعة والمصابون بالإيدز.

• مرضى السكري.

• المصابون بأمراض الكلى.

• بعض المصابين بالسرطان والذين يتلقون العلاج الكيماوي.

• الأشخاص الذين خضعوا لعملية زراعة أعضاء ويتم إعطاؤهم أدوية مثبطة للمناعة.

• الذين يتناولون بعض الأدوية التي تعالج الروماتيزم والصدفية وداء كرون.

• التواجد أو السفر إلى المناطق التي تكثر فيها حالات الإصابة بالسل مثل: جنوب أفريقيا، الهند، الصين، المكسيك، وبعض دول شرق آسيا.

• التواجد بشكل يومي مع شخص مصاب؛ لذا يجب الحرص على ارتداء كمامة، وغسل اليدين بشكل متكرر عند ملامسة الأغراض الشخصية للمصاب.

• سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية كمدمني المخدرات والكحول ومدخني السجائر.

المضاعفات المحتملة:

قد يؤدي عدم علاج السل إلى الموت، وعادةً ما تؤثر العدوى النشطة على الرئتين إلا أنها قد تنتشر إلى أماكن أخرى في الجسم عبر مجرى الدم، ومن مضاعفات المرض:

• آلام العمود الفقري

• تورم الأغشية التي تغطي الدماغ (التهاب السحايا)

• مشاكل في الكبد والكلى

• أمراض القلب- نادرًا- يمكن أن يصيب السل الأنسجة التي تحيط بالقلب مما قد يسبب الالتهاب وتجمع السوائل التي قد تؤثر على قدرة القلب على ضخ الدم بشكل فعال وتسمى هذه الحالة بالدكاك القلبي ( Cardiac tamponade)

التشخيص:

• الفحص السريري للعلامات والأعراض، كما يتحقق الطبيب من العقد اللمفاوية للكشف عن

وجود تورم، كما يستخدم السماعة للاستماع بعناية إلى صوت الرئتين أثناء التنفس.

• اختبار السلين الجلدي: يتم عن طريق حقن الجلد على الوجه الأمامي للساعد بمادة سائلة تسمى (tuberculin)، ثم فحص التفاعل الحاصل في المنطقة بعد مرور يومين إلى ثلاثة أيام من الحقن. في حال حدوث انتفاخ أو تورم أو تحجر في منطقة الحقن يتم قياس حجمه ويعد الفحص إيجابيًّا حسب حجم الانتفاخ. اختبار الجلد هذا ليس مثاليًا، أي أنه قد يعطي نتائج إيجابية كاذبة إذا كان الشخص قد أخذ لقاح (BCG) الخاص بالسل مؤخرًا ، وقد يعطي نتائج سلبية كاذبة في بعض الأحيان إذا طُبق على الأطفال أو المسنين أو المصابين بفيروس الإيدز.

• فحوصات الدم وتستخدم عادةً لتأكيد أو استبعاد الإصابة بمرض السل الخامل أو النشط.

• الفحص بالأشعة السينية والأشعة المقطعية (التصوير المقطعي المحوسب) CT.

• فحص البلغم: حيث يأخذ الطبيب عينات من بلغم المريض ويرسلها إلى المختبر ليتم فحصها بحثا عن البكتيريا المسببة كما يتم استخدامها لفحص السلالات المقاومة للعقاقير وهذا يساعد الطبيب في اختيار الدواء الأنسب للمريض.

العلاج:

الأدوية هي حجر الزاوية في علاج مرض السل. إذا كنت مصابًا بمرض السل فيجب أن تتناول الصادات الحيوية لمدة لا تقل عن 6-9 أشهر، ويعتمد اختيار العلاج ومدته على العمر والحالة الصحية وعلى نمط السل (كامن/نشط) وعلى مكان العدوى في الجسم.

في حالات العدوى الكامنة قد تحتاج إلى أخذ نوع واحد من الصادات الحيوية، أما في حالات العدوى النشطة، وخصوصًا إذا كانت السلالة مقاومة للعقاقير، ينبغي الجمع بين العديد من الصادات الحيوية في وقت واحد.

الأدوية الأكثر شيوعًا لعلاج السل:

• آيزونايازيد (Isoniazid)

• ريفامبين ( Rifampin)

• إيثامبيتول (Ethambutol)

• بيرازينامايد (Pyrazinamide)

بعد عدة أسابيع من العلاج يبدأ المريض بالشعور بالتحسن وتقل فرصة نقله للعدوى؛ لكن يجب الاستمرار في أخذ العلاج حتى انتهاء المدة المحددة من قبل الطبيب.

إن إيقاف العلاج قبل انتهاء مدته المحددة أو ترك بعض الجرعات وعدم الانتظام في تناولها يسمح للبكتيريا التي لاتزال على قيد الحياة بأن تصبح مقاومة للصادات الحيوية مما يجعل المرض أكثر خطورة ويُصعِّب من علاجه.

الآثار الجانبية للعلاج:

الآثار الجانبية الخطيرة لأدوية السل ليست شائعة، ولكنها قد تكون خطيرةً عند وقوعها. تعتبر جميع أدوية السل عالية السمّية للكبد (hepatotoxic)، لذا ينبغي إخطار الطبيب على الفور حين مواجهة أي مما يلي :

o الغثيان أو التقيؤ

o فقدان الشهية

o اليرقان

o البول الداكن

o حمى مستمرة لثلاثة أيام وليس لها سبب واضح

الوقاية:

للوقاية من انتشار مرض السل، ينصح المصاب بما يلي:

• المكوث في المنزل أو في غرفة خاصة (خصوصًا في الأسابيع الأولى من العدوى)

• تهوية الغرفة باستمرار.

• تغطية الفم والأنف عند الحديث والعطس والسعال.

• ارتداء الكمامة عند التجول أو التواجد مع أشخاص آخرين.

• الحرص على أخذ الدواء في وقته ومدته الكاملة.

اللقاحات:

في البلدان التي ينتشر فيها مرض السل، غالبًا ما يتم تلقيح الأطفال الرضع بلقاح (BCG) للحد من إصابة الأطفال، إلا أنه لاينصح به للبالغين لعدم فعاليته التامة.

هناك العديد من اللقاحات الجديدة الخاصة بالسل إلا أنها ماتزال قيد التطوير والاختبار.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

مصدر الصورة:

هنا