البيولوجيا والتطوّر > التطور

كيف تحمي البكتريا نفسها من تأثير المطهِّر الأشهر (الكلور)

يعدّ الكلور مادة مطهرة تستخدم بشكل شائع لقتل البكتريا، حيث تستخدم في المسابح وتمديدات مياه الشرب وغيرها، بالإضافة إلى أنَّ النظام المناعي في أجسامنا ينتج الكلور أيضاٌ والذي يُفقِدُ البروتينات البكترية قدرتها الطبيعية على الانطواء (طي البروتين أو إلتفافه هي العملية التي يتم من خلالها تغير بنية البروتين لتفعيل وظيفته)، عندها ينتهي الأمر بتكدُّس هذه البروتينات غير الملتفة وتعطيل وظيفتها.

اكتشف العلماء بروتيناٌ في البكتيريا المعوية من نوع الإشريكية القولونية E. Coli يحميها من الكلور، فعند وجود الكلور فإنه يرتبط بقوة مع البروتينات الأخرى ويمنعها من التخثر، وما أن يزول الخطر حتى يحرر هذه البروتينات مرة أخرى لتتابع عملها كالمعتاد.

• الخلايا المعرضة للأكسدة:

درس العلماء عملية الأكسدة (أو ما يعرف بالضغط التأكسدي)، والتي تؤثر على الخلايا عندما تواجه ما يسمى بأنواع الأكسجين التفاعلية، حيث تلعب هذه العملية (أي الأكسدة) دوراً في شيخوخة الخلايا وكذلك في الدفاع المناعي. ومن خلال إنتاج أنواع الأوكسجين التفاعلية، تُعرَّض الخلايا المناعية البكتريا للأكسدة، فما الذي يحدث لهذه البكتريا أو بالأحرى ما الذي يحدث لبروتيناتها؟

قام الباحثون بالإجابة ععلى هذا السؤال عن طريق البحث عن البروتينات التي تتغير بسبب الأكسدة، وكانت النتيجة اكتشافهم للبروتين RidA.

• يغير RidA وظيفته عند وجود الكلور:

لكل بروتين وظيفة معينة، ووظيفة البروتين RidA هي ضمان تفكك الوسائط التي تنشأ خلال عملية تشكل بعض الحموض الأمينية بشكل أسرع. ومن أجل معرفة ما يحدث للبروتين RidA عند الأكسدة، عرّضه الباحثون لمجموعة متنوعة من المواد التفاعلية التي تشكلها عادة الخلايا المناعية، بما في ذلك الكلور. بعض هذه المواد التفاعلية تثبط RidA، أي أنَّ RidA عندها لا يستطيع تحطيم الوسيط كما هو متوقع، لكن عندما يعامل RidA بالكلور، فإن الوسيط لا يتشكل أبداٌ، وهذا يعني أنَّ بروتين RidA المعالج بالكلور يرتبط بإحكام مع البروتين الذي يشكل الوسيط، أي بعبارة أخرى، بوجود الكلور يتحول RidA إلى ما يسمى بالمرافق.

• بوجود RidA فإنَّ محلول البروتين يبقى نقياً:

يستطيع RidA حماية البروتينات الأخرى بسبب عمله كمرافِق، فعندما تنفك انطواءات البروتين نتيجة التعرض للكلور أو للتسخين فإنَّ هذه البروتينات تتخثر، وكنتيجة لذلك فإن محلول البروتين سيصبح عكِراٌ. تكون هذه الحادثة جليَّةً في البيض، فعند سلق البيضة يتحول ألبومين البيض الشفاف إلى اللون الأبيض ويصبح عاتماً كون البروتينات تصبح غير ملتفة، ويستطيع الباحثون قياس هذه العكارة بواسطة جهاز المطياف الفلوري fluorescence spectrometer. وإذا أُضيف بروتين RidA المُعامَل بالكلور، فإن هذا المحلول نفسَه سيبقى نقياٌ. وتُعتَبر البروتينات المتخثرة غير وظيفية ومنطقياً لن يفقس أي فرخ من البيضة المسلوقة، ويمكن للمرافق أن يمنع هذا التخثر وبالتالي يحمي الخلية.

• البروتين اللزج يرتبط مع جميع البروتينات الأخرى:

عند انتهاء التهديد الذي يُشَكِّلهُ الكلور، فإن RidA لديه القدرة على تحرير البروتينات مرةً أخرى، لكي تستعيد وظيفتها، وإذا عاد الكلور ليشكِّلَ تهديداً مرةً أخرى، فإن RidA يعود ليرتبط مع البروتينات من جديد، بالإضافة إلى ذلك درس الباحثون كيفية تحول وظيفة RidA ليصبح مرافقاً، وأظهرت التجارب أنَّ ما تُسمَّى الكَلوَرَة من النمط N أي الـ N-chlorination تُسبب جعلَ RidA كارهاً للماء أكثر. وكلما كان البروتين كارهاً للماء كلما أصبح أكثر لزوجة، وذلك أفضل للارتباط مع البروتينات غير الملتفة، ففي حالته اللزجة يحمي RidA البروتينات في خلايا البكتريا من التخثر.

• يشتبه الباحثون بأنه يلعب دوراٌ في الدفاع المناعي:

ومع ذلك لا يؤثر هذا على فعالية الكلور كمطهر، فالبروتين RidA يساعد البكتريا فقط عندما يكون الكلور بتراكيز منخفضة جداٌ، وخلافاٌ للمضادات الحيوية، لا تمتلك البكتريا مقاومة ضد المطهرات، ويعتَقِدُ الباحثون أن المرافق المُنَشَّط بالكلور يلعب دوراً عند اصطدام الجهاز المناعي بالبكتريا.

المصدر:

هنا

هنا

هنا