كتاب > الكتب الأدبية والفكرية

في صالون العقاد، كانت لنا أيام

استمع على ساوندكلاود 🎧

في صالون العقاد.. كانت لنا أيام. لعل العنوان هو أفضل تلخيص ومراجعة للكتاب، فأنيس منصور من تلامذة العقاد ويدون كل ما كان يجري في صالونه الأدبي.

إن ما كان يجري في هذا الصالون وما يدار فيه من نقاشات وحوارات فكرية يعد بحق كنزاً أدبياً فلسفياً كبيراً استطاع أنيس منصور أن يجمع ما تيسر له منه بين دفتي الكتاب ويخبرنا منصور عن أهمية الصالون حين يقول:

"عندما انتقلت من المنصورة إلى القاهرة التحقت بجامعتين في آن واحد، جامعة القاهرة وجامعة العقاد، وكانت جامعة العقاد في وجهة نظري أقرب وأعمق وأعظم".

على مدار صفحات الكتاب وفي حوالي 40 مقالاً شكلت بنيته، استعرض منصور كل شيء، كل شيء يتعلق بالأدب واهتمامات الكاتب المصري الكبير عباس محمود العقاد لذلك فإن الإحاطة ولو الجزئية بما ورد في الكتاب عمل شاق ومهمة مستحيلة.

فجميع ما يخطر على البال من شتى مجالات الأدب والعلم والفلسفة والأساطير الإغريقية وسير العلماء والأدباء والفلاسفة في جميع مراحل تطور الفكر الإنساني تجدها بكثرة هنا.

لا يوجد تسلسل زمني واضح لعرض المحتوى ولكن الذي كان حاضراً وبقوة هو الفلسفة، فالمؤلف يبدأ الكتاب بأن العقاد يعارض فلسفته الوجودية التي يحب حيث يقول:

"كان العقاد يصدمني أيضاً، فقد كان يدين بفلسفة غير التي أدين بها، فأنا صاحب قلب وهو صاحب عقل، أنا أنبهر وهو يضيء، أنا أتغنى وهو يخطب. ولا أعرف كيف صدمني العقاد في أعز ما أملك: حبي الوجداني للفلاسفة. أما هو فكان صاحب عقل كبير وكنت صاحب قلب صغير. كنت أمسك في يدي شمعة أما هو فيمسك النجوم والشموس".

ومن هذه النقطة نجد أن الكتاب لم يعد ترجمة للعقاد فقط، بل عرضَاً لمشكلة جيل شاب متعلم في مصر والعالم العربي كان يعاني وما زال من تخبط فكري شديد جداً. فالمؤلف يخرج عن موضوع سيرة العقاد وصالونه الأدبي ليخوض في نقاشات فلسفية دينية اجتماعية تقف كالجدران في وجه الشباب الصاعد فلا يعرف لها حلاً ويبقى متخبطاً بينها.

من خلال الكتاب نتعرف بشكل غير مباشر على عباس محمود العقاد وفلسفته في الحياة، ذلك الأديب المصري الذي لم يكمل غير تعليمه الابتدائي ولكنه استطاع بما خطته يمناه أن يبز أصحاب الشهادات العليا في مختلف المجالات الأدبية، فكانوا يحجون إلى صالونه لينهلوا من علومه الغزيرة التي لا تحدها حدود.

عليك وأنت تقرأ الكتاب أن تتبع مجرى المتعة لأنه ينبع في أول صفحة وينتهي بآخر صفحة بموت العقاد وبين الدفتين ينهمر غزيراً منعشاً فياضاً بالعلم والفلسفة والفكاهة والغرائب، فعلاً إنه أجمل ما في الكتاب وإن لم تتلمسه منذ البداية فلن تشعر بلذة القراءة.

قد يكون هذا الكتاب بالنسبة لأنيس منصور سرداً مطولاً لرحلة بحثه عن ذاته فالذي كُتب عن أنيس لا يقل عما كتب عن الأستاذ العقاد. لكن مع ذلك جاء الكتاب فاتناً أنيقاً مليئاً بالهدايا التي لا تقدر بأثمان.

معلومات الكتاب:

الكتاب: في صالون العقاد.. كانت لنا أيام.

تأليف:أنيس منصور.

دار النشر: دار نهضة مصر

ISBN: 977-14-4445-X

نوعية الكتاب : ورقي716 قطع كبير.