الطب > مقالات طبية

الكراسي القاتلة !! كيف يهدد العمل المكتبي صحتك؟

الجلوس هو التدخين الجديد؛ لأنّ الجلوس لا يقتل الأشخاص أولَ مرة يجرّبونه فيها.

إننا نقضي معظم أوقاتنا جالسين في أثناء العمل أو الطعام أو التسوّق أو عند مشاهدة التلفاز، وقد بيّنت الأبحاث أن هذا السلوك الجلوسي قادرٌ على إحداث عواقب صحية وخيمة.

ومن الضروري أن نفهم مخاطرَ الجلوس ونعيها؛ إذ يرتبط الجلوس أكثر من ثماني ساعات دون أي نشاط جسدي بازدياد خطر الموت على نحو يشابه ذلك الخطر الناجم عن السمنة والتدخين، كذلك وُجِد أنّ الجلوس أكثر من نصف النهار يكاد يضاعف خطر الإصابة بداء السكري والاضطرابات القلبية الوعائية.

وعند مقارنة أية مجموعة من الجالسين بمجموعة من الأفراد الأكثر حركة، يكون الجالسون أكثر عرضةً للوفاة بنسبة 50%، وتُدعَى ظاهرة الجلوس المطوّل هذه بـ "مرض الجلوس" الذي يُعرّف بأنه حالة من ازدياد السلوك الجلوسي المرتبط بآثار صحية ضارة، ويمكن تحديده عن طريق الوضعية التي يجلس بها الشخص وكمية الطاقة المستهلكة في أثناء ذلك.

إنّ الجلوس المطوَّل يؤذي وظيفة الأوعية الدموية في الساقين؛ مما يسبب خللًا يؤدي إلى صلابة هذه الأوعية والتقليل من استجابتها الطبيعية فتتطلّب -مع مرور الوقت- جهدًا أكبر من القلب، ومن ثم يصبح الشخص معرضًا أكثر لخطر الإصابة بأمراض القلب.

فضلًا عن ذلك، يبطئ انعدام الحركة عمليةَ الأيض (الاستقلاب)؛ مما يؤدي إلى تقليص كمية الطعام المحوّلة إلى طاقة وتعزيز تراكم الدهون.

وقد وجدت دراسة أجرتها مايو كلينك Mayo Clinic  أنّه يمكن لساعتين من جلوس الشخص أن تختزن لديه 352 سعرة حرارية (كالوري)؛ أي عدم استهلاكها، وذلك مقارنةً بشخص واقف.

كذلك يزيد الجلوس من خطر السمنة ويرفع من سكر الدم وضغطه ويزيد نسبة الدهون -ولا سيما حول الخصر- ويُحدِث مستويات شاذة من كوليسترول الدم، إضافةً إلى زيادة خطر الموت الناجم عن الأمراض القلبية الوعائية والسرطان.

ويرتبط الجلوس أيضًا بعديد من العادات غير الصحية كتناول الوجبات الخفيفة أمام التلفاز، وله آثار سلبية في هرمونات الجسد والجهاز المناعي.

وتختلف المخاطر التي يسبببها أسلوب الحياة الجلوسي عن المخاطر التي يسببها أسلوب الحياة الخالي من أي نشاط جسدي روتيني.

علمًا أنه إذا كان الشخص ناشطًا جسديًّا -كأن يتمرّن خمس مرات في الأسبوع- فسيتعرّض لمخاطر الجلوس نفسها التي يتعرض لها شخص غير نشيط، وذلك في حال عدم تحرُّك الشخص النشيط في أوقات جلوسه؛ إذ لا يمكن إلغاء خطر الجلوس ثماني ساعات مثلًا.

وفي عصر التكنولوجيا الحديثة، نقضي معظم أوقاتنا أمام شاشة الحاسوب سواء في العمل أم في المنزل، ويترتّب على ذلك عديدٌ من المشكلات الجسدية -ولا سيما عند الجلوس بوضعية سيئة أمام الحاسوب- مثل تطوّر حدبة أعلى الظهر وقصر طول العضلات الباسطة للحوض والعضلات البطنية؛ مما يجعل الصدر مكهّف الشكل ويُضعِف الأكتاف ويسبب آلامًا في الذراع وخدَرًا في الأطراف.

وإضافةً إلى استخدام الحاسوب، نحن نستثمر وقتنا في العمل على الهواتف الذكية.

إن رأس الإنسان يزن نحو 10-12 باوند (4.5-5.5 كيلوغرام)، وقد بيّنت الدراسات أنه عند استعمال الهواتف الذكية يميل الفرد رأسَه بزاوية 60 درجة؛ مما يزيد القوة المطبّقة على عضلات الرقبة إلى قرابة الـ 60 باوند (27 كيلوغرام)، ومن ثم تسبب تلك الشدّة على الرقبة والعمود الفقري عديدًا من المشكلات.

إذًا؛ ما العمل؟!

يساعد الوقوف على استعادة النشاط الاستقلابي لأنه يتطلّب تقلص عضلات الوضعية الخاصة بالرقبة والظهر والحوض والركبة؛ مما يزيد الطاقة المستهلكة مقارنةً بالجلوس.

ونعرض لكم بعض النصائح من أجل جلوسٍ أقل وحركةٍ أكثر:

- من المهم الجلوس في أثناء العمل بوضعية صحية، فعلى سبيل المثال؛ إذا كنت تعمل على الحاسوب فيجب عليك وضع لوحة المفاتيح والفأرة قريبًا من جسدك وأرح مرفقيك بالقرب من جسدك مع إبقاء عمودك الفقري بوضعية حيادية.

- استخدم السلالم بدلًا من المصاعد، وإن كنت تستخدم السيارة للتنقل فاركنها بعيدًا عن مكان العمل.

- لكل ساعة جلوس يمكنك أن تقضي 10 دقائق تستريح فيها من العمل وتقف في أثنائها، أو يمكنك استخدام بضع دقائق للراحة وأداء تمارين التمديد والإحماء لعضلات جسدك.

- وضّب طعامًا خفيفًا كي يُتاح لك وقت زائد للتحرك في استراحة الغداء، ويمكنك أن تمشيَ أيضًا حول البناء الذي تعمل فيه.

- استخدام أحذية مريحة لتشجعك على المشي براحة أكبر.

- اشرب مياهًا أكثر؛ إذ يفيد ذلك صحةَ جسدك ويجبرك على التحرُّك أكثر إلى دورات المياه، وحاول أن تختار دورة المياه الأبعد عنك.

- ضرورة أداء التمارين الهوائية (الأيروبيك)؛ ثلاثون دقيقة من تمارين معتدلة الشدة خمس مرات أسبوعيًّا أو عشرون دقيقة من تمارين أكثر شدّة ثلاث مرات أسبوعيًّا على الأقل.

- اطلب أو اشترِ مكتبًا يمكّنك من الوقوف أو حتى المشي في أثناء إنجاز عملك على الحاسوب.

وفي الختام، إننا نعيش في بحر من الكراسي القاتلة؛ إذ يوجد عديدٌ من الأنواع المختلفة ولكننا لسنا مجبرين أبدًا على استعمال أي منها.

وهنيئًا لكم إذا كنتم تقرأون هذا المقال واقفين، وإن لم تكونوا واقفين فينبغي لكم النهوض.

المصادر:

1-هنا

2-هنا

3-هنا

4-هنا

5-هنا

6-هنا

7-   هنا