الطبيعة والعلوم البيئية > الطاقات المتجددة

الجدوى الاقتصادية لبناء السدود الكبيرة

الطاقات المتجددة رغبة الجميع وإليها تتجه تطلعات الدول والشعوب. السدود الكهرومائية منتشرة بشكل كبير حتى في الدول الفقيرة التي لا تستطيع تشييد وتشغيل بنى أخرى أكثر تكلفة لتوليد الطاقة المتجددة كألواح الطاقة الشمسية، ولكن، حتى هذه السدود تواجه عقبات إدارية واقتصادية.

أظهرت دراسة تناولت 245 سداً كبيراً أجريت في جامعة أكسفورد أن سدود الطاقة الكهرومائية الكبيرة غير اقتصادية. التكلفة الفعلية عادةً ما تكون ضعف ما يتم تقديره قبل التشييد، ولم تتحسن في السنوات الـ 70 عاماً الماضية حسب ملاحظة خبراء اتحاد دول جنوب شرق آسيا ASEAN.

يعتقد خبراء أكسفورد أن المخططين لهذه المشاريع وصانعي القرارات يقللون وبشكل منهجي التكاليف المقدرة والوقت اللازم لتنفيذ مشاريع السدود الكبيرة. بلغت التكاليف الفعلية أكثر بـ 96% من التقديرات واستغرقت بالمتوسط 44% أكثر من الوقت المتوقع.

إذاً يعتقد أن بناء هذه السدود غير اقتصادي حتى قبل الأخذ في الحسبان التأثيرات السلبية على المجتمعات البشرية والبيئة فإن التكاليف عالية جداً لإعطاء مردود إيجابي.

الدراسة اعتمدت على التحاليل الاقتصادية الشاملة لـ 245 سداً من السدود الكبيرة التي يزيد ارتفاع جدارها 15 م من 65 دولة بنيت بين 1934 و2007. ومنذ 1934 لم تتحسن التقييمات الاقتصادية بدليل أن المخططين لم يتعلموا من الماضي.

مثلاً في البرازيل سبب سد إيتابو الذي شيّد في السبعينات ضعفاً في المالية العامة للبلاد لثلاث عقود حيث لزمه 240% تكلفة أكثر. بالرغم من السد بني لتوليد الكهرباء التي يتوجب أن تعوض ببيعها التكاليف الانشائية لكن هذا ما الا يتوقع يحصل أبداً.

الغريب أن بناء السدود في الصين وأندونيسيا وباكستان يتم بدون محاولة التعلم من التجارب السابقة. قد يعود السبب في ذلك إلى التفاؤل الشديد لدى الأفراد العاديين والخبراء بشأن التكاليف والفوائد المترتبة في حين يعتقد البعض أن المسؤولين عن وضع التقديرات إما حمقى أو كاذبون فهم ينظرون إلى المستقبل نظرة وردية تتجاهل الحقائق الثابتة والأمور اليقينية. أو جتى أنهم يحاولون تضليل العامة للحصول على مكاسب مادية أو سياسية من خلال التبشير بالآفاق الإيجابية الكبيرة لهذه الاستثمارات فقط من أجل أن يتم تنفيذها.

يدفع المواطنون الثمن في النهاية والأمثلة على ذلك كثيرة ومنها سد باكون في ساراواك / ماليزيا الذي افترض أن يكلف 800 مليون دولاراً في حين أن التكاليف الرسمية بلغت 2.4 بليون دولاراً بينما أشارت دراسة لأكسفورد أنه كلف 5 بلايين دولاراً. ليس ذلك وحسب بل انتهى العمل به في 2011 بدل 2003 كما أن التربينات لا تعمل كلها.

لقد حان الوقت إذاً لتحويل التركيز بعيداً عن المشاريع الضخمة التي تنطوي على مخاطر مالية كبيرة والتحرك -عوضاً عن ذلك- نحو مصادر الطاقة الصغيرة التي تكبد تكاليفاً بيئية واجتماعية أقل.

مصدر المقال:

هنا