الرياضيات > سلسلة الأوريغامي

تطبيقات فن الأوريغامي في العلوم والتكنولوجيا - ج1

تعرفنا في الحلقتين السابقتين على فن الأوريغامي وعلاقته الوطيدة بالرياضيات، وتطرقنا أيضاً إلى

الأسس والمسلمات الهندسية التي تشكل القاعدة الأساسية لهذا الفن وتطبيقاته.

رابط الحلقة الأولى: www.syr-res.com/article.php?id=4702

رابط الحلقة الثانية: www.syr-res.com/article.php?id=4703

منذ ستينيات القرن الماضي (تحديداً في أواخر الستينيات) بدأ التداخل الكبير بين مبادئ الأوريغامي والهندسة وحقول العلوم والتكنولوجيا المختلفة. قد يجول في ذهن القارئ أن فن الأوريغامي يقتصر على تشكيل منحوتات ورقية وأشكال هندسية متناظرة تبهر العقول، إلا أن لهذا الفن تطبيقات ذات أهمية كبيرة تتعدى بمراحل كثيرة فن تشكيل الأوراق وهندستها.

إنها تطبيقات كثيرة جداً، تبدأ من الروبوتات وتمر بتطبيقات متنوعة في الصناعة واستخداماتها في الفضاء والأقمار الصناعية لتنتهي بتقنيات معالجة شبكية العين وزراعتها. سنتطرق في هذه الحلقة إلى أشهر تطبيقات فن الأوريغامي (على سبيل الذكر لا الحصر) في التكنولوجيا حتى يومنا هذا.

وإليكم بعضاً من أعقد وأشهر التطبيقات للأوريغامي في شتى حقول العلم:

1- الروبوت ذاتي التجميع:

قام باحثو جامعتي MIT و HARVARD بتصميم هذا الروبوت الذي يستطيع أن يبني ويجمّع نفسه بنفسه، فكافة القطع التي تكون جسم هذا الروبوت هي في الأصل مسطحة تماماً، ويمكن لهذه القطع المسطحة أن تنفرد تلقائيا وتتحول إلى روبوت قابل للحركة والدوران. هذه القطع المسطحة تحوي على أجهزة الكترونية ومحركات صغيرة لاستقبال وتنفيذ أوامر الحركة، وترتبط القطع مع بعضها البعض بواسطة مفاصل آلية، وأيضاً تم تصنيع روبوتات من قطع يمكن أن تنقبض ذاتياً عند وصول درجة حرارة الجو المحيط إلى 100 درجة مئوية. يستغرق هذا الروبوت للانفراد التام وبناء نفسه بشكل صحيح حوالي 4 دقائق.

يمكن الاستفادة من هذه الروبوتات ذاتية التجميع في الفضاء الخارجي، حيث بالإمكان أن تغير من شكلها وتشكل دروع حماية في البيئات القاسية، ويمكن أيضاً استخدامها للعبور في أماكن ضيقة وصعبة الوصول واستخدامها أيضاً في مجالات مختلفة من الصناعة وخاصة الخطرة منها.

لرؤية فيديو مشروع هذا الروبوت يرجى الضغط على هذا الرابط :

2- ألواح الطاقة الشمسية للأقمار الصناعية وتطبيقات الفضاء الأخرى:

أصبح بالإمكان وبواسطة مبادئ الأوريغامي تصنيع ألواح طاقة شمسية ووضعها بأماكن ضيقة بحيث تشغل أصغر مساحة ممكنة عند نقلها في المكوك الفضائي، ومن ثم فردها لتشغل مساحة كبيرة قدر الإمكان في الفضاء الخارجي. لا يقتصر ذلك على ألواح الطاقة الشمسية وإنما على تلسكوبات الفضاء والمرايا العاكسة المكونة للعدسات العملاقة كما هو الحال في المشروع الرائد : The James Webb telescope ، حيث استخدمت حسابات اللأوريغامي ومبادئها لصنع عدسات قابلة للطي وإعادة الفرد. النموذج الأصلي لهذا التلسكوب الهائل الحجم الذي من المفترض أن يساوي طول حي منهاتن في نيويورك تم بنائه على الرغم من أن العمل النهائي عليه لم ينته بعد.

***

نفس الفكرة تم استخدامها لصنع ألواح طاقة شمسية كان يراد لها أن تشغل أصغر حيز ممكن عند النقل وأكبر حيز عند الاستخدام..

إحدى مبادئ الأوريغامي المستخدمة لهذا الغرض هو مبدأ طية شهيرة تسمى (Miura fold) على اسم العالم الياباني الذي اخترعها.

كما أن أحد مصفوفات ألواح الطاقة الشمسية التي تعتمد مبدأ هذه الطية تم استخدامها في قمر صناعي ياباني تم اطلاقه عام 1995.

*****

3- تطبيقات فضائية أخرى:

إضافة إلى ألواح الطاقة الشمسية في الفضاء؛ هناك استخدامات أخرى لهذا الفن ومبادئه، حيث يقوم Mark Schenk (وهو باحث في مركز الفضاء البريطاني) ببناء قمر صناعي على شكل مكعب يحوي سارية كبيرة، وهذه السارية يجب أن تأخذ شكلاً مستطيلاً بشكل سريع جداً. تكمن الصعوبة في إيجاد مواد يمكن أن تتشكل بسرعة كبيرة ومن ثم تصبح مستقرة وجاسئة، وكان الحل بالاتجاه إلى مبادئ الأوريغامي، حيث تم طي السارية بالاعتماد على هذه المبادئ لتنفرد فيما بعد في الفضاء وتشكل جسماً ثابتاً كما يراد لها، وتم استخدام مواد مؤلفة من صفائح رقيقة والتي يمكن من خلالها ان تنفرد بسرعة كبيرة (خلال 6 ثوان) .

باحثون من الجامعات الأمريكية يتحدثون عن أبحاث حالية لإنتاج خلايا شمسية صغيرة جداً مصنوعة من السيليكون القابل للطي، والتي بالتالي تؤدي إلى إيجابية هامة جداً في عالم الطاقة الشمسية، ألا وهي إمكانية استقبال ضوء الشمس من كافة الاتجاهات عند الأجواء الغائمة واستقباله بشكل عمودي على سطح هذه الخلايا (عندما تنفرد) في الأيام المشمسة، وهذا ما يحسن مردود الخلايا الشمسية بشكل كبير ويحل معضلة الانخفاض الحاد في انتاجية الخلايا من الطاقة في الأيام الغائمة.

4- الهندسة المعمارية:

يقول Neil Katz وهو مهندس معماري مشهور في شيكاغو، أن فن الأوريغامي ينتشر في أوساط المهندسين المعماريين بشكل كبير ومتزايد. فعلى المستوى العملي يستخدم فن الأوريغامي من قبل المعماريين لصنع طرائق لتعليب وطي أجزاء المنازل المتنقلة السهلة التجميع والبناء. وعلى المستوى العلمي والضخم يستخدم الأوريغامي من قبل المعماريين لبناء الجدران وقطع الواجهات المعمارية للأبراج وغيرها بشكل قابل للطي والثني وإعادة الفرد، وذلك لأغراض كثيرة أهمها التكيف مع جهة دخول ضوء الشمس لمنع أو السماح لأشعة الشمس بالدخول إلى الفراغات المعمارية حسب درجات الحرارة المرغوبة، وذلك بتغيير اتجاه الجدران والواجهات على مدار اليوم وخلال الفصول، مع المحافظة على أشكال هندسية متناظرة لاظهار القيمة الجمالية أيضاً.

مثال على ذلك ناطحة السحاب Beijing Greenland Dawangjing tower (ما تزال قيد الإنشاء)، حيث يستخدم الأوريغامي في الواجهات للحفاظ على الطاقة الداخلية للبرج قدر المستطاع..

ما ذكرناه من تطبيقات إلى الآن يمكننا أن نقول عنه أنه يساعد في "الرفاهية" العلمية أو الفنية فقط لا غير، ولا يتحكم بشكل أساسي في حياتنا (مع اختلاف آراء البعض في ذلك)، و لكن تطبيقات الأوريغامي لا تنحصر في هذا فقط. في الجزء الثاني من هذه الحلقة سنتحدث عن عدة تطبيقات أهم، وقد تنقذ (بل حتماً أنقذت وستنقذ) العديد من البشر!

فلتبقوا معنا..

توضع المصادر آخر السلسلة

*** للمهتمين ولمعرفة المزيد عن هذا المشروع الرائد بإمكانكم الإطلاه على الدليل العلمي للمشروع من الرابط التالي:

هنا

*****للمهتمين بكافة تفاصيل هذه الطية الشهيرة وطريقة عملها خطوة بخطوة وأسسها الرياضية بإمكانكم تحميل الملف التالي :

هنا