علم النفس > المنوعات وعلم النفس الحديث

الممارسات السليمة في العلاقة الزوجية.

استمع على ساوندكلاود 🎧

حينما يقود الحب حياتنا فيصل بنا إلى الزواج، ما الذي يحدث للحب بعد ذلك يا ترى؟

ما هي نسب الطلاق بعد زواج الحب الأعمى مقارنة بالزواج العقلاني؟

هل العلاقة الناجحة خالية من المشاكل؟ كيف تعرف أنك وشريكك في طريقكما إلى الانفصال؟ وما هي الحلول لتفادي ذلك؟

تحدثنا في مقال سابق عن الزواج المبنيّ على الحب وحده، واليوم نسلط الضوء على مصير هذا النوع من الزواج مقارنة بالزواج العقلاني، فمن حيث نسب الطلاق وُجِدَ اختلافٌ كبيرٌ في النسب بين الدول والثقافات المختلفة، إذ تتراوح النسبة من %0.01 في كلٍ من الفليبين و اسبانيا إلى %54 في الولايات المتحدة!

ولا عجب في ذلك، ففي الثقافات الفردية حيث يكون الحب مجرد شعور ويكون تفكير الشخص ما قبل الزواج "ماذا يقول قلبي؟ " ترتفع معدلات الطلاق أكثر من الثقافات الشعبية حيث يستوجب الحب الالتزام ويكون السؤال "ماذا يقول الناس؟".

في استطلاع للرأي وجد أن "إبقاء الرومانسية" ضروري لنجاح الزواج لدى %78 من النساء الأمريكيات مقارنة بنسبة %29 لدى اليابانيات.

ولكن هل العلاقة الناجحة خالية من الصراعات؟

عبر مراقبة 2000 زوج وزوجة لاحظ 'John Gottman' أن الزيجات المستقرة والسعيدة لا تخلو من المشاكل، ولكنها تتميز بالقدرة على تسوية الخلافات والتغلب على النقد بالمودة. كما أضاف باحثون تابعوا حديثي الزواج أن الخلافات والضغوط ليست ما ينذر بالطلاق، فغالبية المتزوجين حديثاً يواجهون الكثير من الخلافات، بل إنّ البرودة والخيبة واليأس هي ما ينبئ بمستقبلٍ سوداوي للعلاقة. فالأزواج الناجحون يعرفون كيف يتعاطون مع المشكلات فيما بينهم، مع الوقت والتدريب يتعلمون كبح ردود الفعل السامة والجارحة، فيعبر كل منهما عن رأيه ومشاعره دون تجريح أو إهانة للآخر، ويتجنبون شخصنة الصراع.

كما أن الأزواج الذين يتوقعون أن يدوم الحب العاطفي أو أن يبقى الشغف متقداً فيما بينهم مدى الحياة يقعون في خيبة أمل كبيرة، لذا علينا دائماً أن نعمل على التفاهم والبناء وإعادة البناء لتقوية علاقات الحب، فالعلاقات تشابه المنشآت العمرانية: إن لم يُحافَظ عليها ويتم تحسينها باستمرار تتهاوى مع الوقت، فلا يمكن لبناءٍ ما أن يحافظ على نفسه بنفسه كما العلاقات، لذلك علينا أن نبذل ما بوسعنا لجعل العلاقة التي تهمنا في أبهى ما يمكن أن تكون عليه. وفي هذا المقام نستشهد بقول 'Mignon McLaughlin': " الزواج الناجح يتطلب الوقوع في الحب عدة مرات، دوماً مع الشخصِ نفسه".

ماهو المؤشر الأهم لسوء العلاقة واقترابها من خط النهاية؟

من خلال دراسة استمرت 20 عام وجد 'Dr. John Gottman' أن الإنذار الأهم للطلاق هو "ازدراء" أحد الطرفين أو كلاهما للعلاقة، والازدراء هو نقيض الاحترام ويبدو من خلال المحاكمة السلبية والنقد والاستهزاء بقيمة الآخر، وهناك أربعة نماذج للتعامل بين الشريكين يظهر من خلالها الازدراء سواء عن قصد أو بدونه:

1- لغة "الأنت" وأصبع التوجيهات:

أسلوب سلبي ومنفر مثل أن يقول "أنت شخص سيئ"، "عليك أن تبدي المزيد من الاهتمام"، "يجب أن تفعل ذلك الآن"، فمعظم الناس يكرهون الحصول على النقد أو الأوامر التي تثير الاستفزاز والدفاعية، وهي تجابه غالباً بكلمة "لا" مما يسبب الجدالات والمشاكل.

2- العبارات التعميمية:

تعبيرات يعمم فيها الشخص الشكل السلبي على شخصية وسلوك الطرف الآخر بكلمات مثل "كالعادة/مرة أخرى/دائماً/أبداً /كل الناس/ كثيراً"، وهذا الأسلوب عادة ما يدمج مع لغة الأنت مثل (أنت تنسى فعل هذا في كل مرة)، (الجميع يدرك أنك سيئ)، وهذه التعبيرات تسبب المشاكل لعدة أسباب، ففي عقلية المتكلم المتشبث برأيه لا يمكن للطرف الآخر أن يكون على صورةٍ أفضل، وأن قابليته للتغيير منعدمة، ثانياً فهذه التعميمات تلفت الانتباه للعيب أو الخلل بدلاً من توجيه النظر إلى كيفية التغير للأفضل، بل هي تحبط كل محاولات التغيير والتحسين، إضافة إلى أنها أساليب مستفزة ومثيرة للخصام والاحتقان كما أسلفنا.

3- نقد الشخص بدلاً من نقد التصرف:

في كل موقف تواصلي يتضمن شخصاً آخر هناك عاملان حاضران: الشخص الذي تتعامل معه، والموقف أو السلوك الذي تعالجه، الأشخاص الازدرائيون يميلون لشخصنة هذه المواقف من خلال القسوة على الطرف المقابل مع تجاهل أو تصغير السلوك ، ولنذكر أمثلة على ذلك:

• التواصل السلبي: "أنت غبي جداً".

التواصل الفعال: " أنت شخص ذكي، وما فعلته هذا الصباح ليس تصرفاً ذكياً".

• التواصل السلبي: " أنت لا تقوم بأي عمل، عديم الفائدة!".

التواصل الفعال: "لاحظت بأنك قصرت بأعمالك هذا الأسبوع".

• التواصل السلبي: "أنت لا تهتم لأمري إطلاقاً".

التواصل الفعال: " أعلم بأنك مشغولٌ كثيراً هذه الآونة، ولكن من الجميل لو حظينا بعشاءٍ رومانسيٍ الليلة لننعش تواصلنا من جديد".

إن القسوة والخشونة في التعامل تولد ردود فعلٍ عنيفة وغاضبة وتجرح المشاعر، إضافة لكونها لا تأتي بالمنفعة.

4- الاستخفاف بالمشاعر.

عندما يهمل الشريك مشاعر شريكه ويستخف بها ويستصغرها، أو يحللها بطريقة سلبية مثل: "قلقك لا يعني لي شيئاً"، "هذه الشكاوى لا أساس لها من الصحة"، "من يهتم لكونك غاضباً؟ كفاك مبالغة!"، فإنه يزرع من الضغينة في قلب شريكه ما لا يمكن أن يمحى، وفي هذه الحالة فإن الشخص الجريح ستنطفئ فيه مشاعر الحب والود تجاه شريكه، ولن توقد مجدداً.

هذه السلوكيات الأربعة من التواصل السلبي تعمل كالسم في أحشاء العلاقة، فهي تحطم أجمل وأسعد وأقوى الروابط العاطفية. إذا كانت علاقتك تعاني من ترهل وسوء في التواصل، فلا تفقد الأمل! طالما وجدت الإرادة داخل كل منكما فبإمكانكما التعلم بسرعة والعمل على إصلاح الخلل فوراً.

" التواصل مهارة يمكنك تعلمها، إنها كركوب الدراجة ، إذا نويت العمل على تطويرها، فسترى نتائج رائعة في كل جزءٍ من حياتك"- 'Brian Tracy'.

وفي نهاية هذه السلسلة المفعمة بالحب، نأمل أن نكون قد وصلنا لقلوب كل من المتزوجين، المقبلين على الزواج، والعازبين وأفدناهم، و نتمنى لكم خيارات موفقة، وعلاقات هانئة، وحياة سعيدة. دمتم بحب... :)

المصادر:

هنا

(David G. Myers Social Psychology (10th Edition

مصدر الصورة:

هنا