الكيمياء والصيدلة > كيمياء حيوية

ورقة اختبار تكشف السرطان

ارتفعت معدلات الإصابة بمرض السرطان بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وتمثل حالياً 70 بالمئة تقريباً من نسبة الوفيات حول العالم.

وقد ثبت أن الاكتشاف المبكر للمرض يساعد في الوصول إلى نتائج جيدة من العلاج، لكن أساليب الفحص والكشف عن هذا المرض المعروفة مثل التصوير الشعاعي للثدي وتنظير القولون مكلفة جداً بحيث لايمكن استخدامها وتطبيقها في الدول النامية الفقيرة طبياً.

ولمعالجة هذا العجز قام مهندسو معهد MIT للتكنولوجيا بتطوير ورقة اختبار بسيطة ورخيصة من شأنها تحسين أساليب التشخيص، و مساعدة الناس العاديين في تشخيص المرض وبدء العلاج في وقت مبكر. هذا التشخيص يعمل على مبدأ كاشف الحمل، ويمكن أن يكشف إذا كان المريض لديه سرطان بدقائق عن طريق عينة البول. وقد ساعدت هذه التقنية الجديدة في الكشف عن الأمراض المعدية وغير المعدية أيضاً من خلال مبدأ العمل ذاته. حيث تعتمد هذه التقنية على جسيمات متناهية في الصغر (نانوية) تتفاعل مع بروتينات الورم، تسمى أنزيمات البروتياز proteases، كل واحدة منها تعمل على إطلاق مئات من الواسمات الحيوية Biomarkers، التي يمكن كشفها بسهولة في عينة بول المريض بوسائل نوعية جداً.

ويمكن أن تطبق هذه التقنية على عينات مجهزة بشكل بسيط دون الحاجة الى أي معدات خاصة. بل ومن الممكن أن تحال هذه القراءات البسيطة إلى الطبيب عن طريق صورة عبر الهاتف المحمول مثلا.

في عام 2012 قام العلماء بطرح فكرة الواسمات البيولوجية الإصطناعية لتضخيم إشارات البروتينات السرطانية، التي سيكون من الصعب أن تكتشف من تلقاء نفسها. هذه البروتينات معروفة باسم مصفوفة البروتيناز الفلزية (metalloproteinases (MMPs، حيث تساعد الخلايا السرطانية على ترك مواقعها الأصلية من خلال قطع بروتينات المادة خارج الخلوية التي تثبت الخلايا في مكانها .

تغلف الجزيئات المتناهية في الصغر التي طورت من قبل MIT بالببتيدات (كسرات قصيرة من البروتين)، والتي تستهدف من قبل أنواع مختلفة من ال MMPs. حيث تتجمع هذه الجسيمات النانوية في مواقع الورم، وتقوم MMPs بقطع مئات من الببتيدات، والتي تتراكم في الكلى وتطرح إلى البول.

وفي الصيغة الأولى لهذه التقنية تم الكشف عن هذه الببتيدات باستخدام أداة تسمى مطياف الكتلة، الذي يحلل البنية الجزيئية للعينة. ولكن لعدم توفر مثل هذه الأدوات بسهولة، قام الباحثون بابتكار صيغة جديدة لهذه الجزيئات بحيث تناسب تقنية الورق، وبالتالي يمكن تحليلها على الورق بدون استخدام أي أداة، وهي التقنية المستخدمة في اختبار الحمل ذاتها.

لتحضير شرائط الاختبار هذه قام الباحثون أولاً بتغليف ورقة النيتروسيللوز بالأضداد التي يمكن أن تلتقط الببتيدات. وحالما يتم إلتقاطها فإنها تتدفق على طول الشريط عبر عدة خطوط اختبار غير مرئية مصنوعة من أضداد أخرى محددة بإشارات مختلفة تخص كل ببتيد معين.

فإذا أصبح أحد هذه الخطوط مرئياً فهذا يعني أن الببتيد الهدف موجود في العينة. كما يمكن بسهولة أيضاً تعديل هذه التقنية للكشف عن أنواع متعددة من الببتيدات الصادرة عن مراحل المرض المختلفة.

ففي تجارب على الفئران تمكن الباحثون من تحديد هوية أورام القولون بدقة فضلاً عن جلطات الدم.

وتمثل هذه الاختبارات خطوة أولى نحو إحداث جهاز للتشخيص المرضي، والذي قد يكون مهم ومفيد في يوم من الأيام في تحديد وتشخيص المرض لدى البشر. وهي فكرة جديدة لتهيئة إفراز علامات بيولوجية للمرض بدلاً من الاعتماد على ما يمنحك الجسم من أدلة على الإصابة.

ومن المحتمل أن يكون أول تطبيق لهذه التقنية على الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الإصابة، مثل الأشخاص الذين كان لديهم إصابات سرطان سابقة، أو أنهم من أسرة لديها تجارب كثيرة مع هذا المرض. وفي النهاية فإن هذا الكشف المبكر سيكون بديل بسيط وغير مكلف لتقنيات الاستقصاء الحالية.

وهي طريقة مضبوطة بحيث يمكن استخدامها في المنزل أو المستوصف أو الصيدلية للكشف عن عدم وجود السرطان بطريقة سهلة وسريعة. حيث يحقن المريض أولاً بحقنة من الجسيمات النانوية، ثم يقوم باختبار الشريط عن طريق التبول. ويعمل الباحثون الآن على تصميم جسيمات متناهية في الصغر ليتم زرعها تحت الجلد لتقوم بالرصد على المدى الطويل .

كما يعمل الفريق أيضاً على تحديد هوية MMPs التي يمكن أن نستغلها كمؤشرات حيوية لأنواع أخرى من الأورام والسرطانات في الجسد .

المصدر:

هنا