الكيمياء والصيدلة > كيمياء حيوية

هل يمكن أن تكون المنظفات سبباً لمشاكل الخصوبة والإنجاب؟

وجدت دراسة حديثة أن بعضاً من المواد التي تدخل في تركيب المنظّفات المنزلية تمتلك تأثيراً سلبياً على الخصوبة، وذلك من خلال إجراء تجارب على إناث الفئران. فما هي هذه المواد وما مدى تأثيرها على البشر؟

لقد تم التأكّد من مادتين مسؤولتين عن هذا التأثير تنتميان لفئة مركبات الأمونيوم الرباعية وهما:

ألكيل ثنائي متيل بنز ألكونيوم كلوريد alkyl dimethyl benzalkonium chloride) ADBAC)

ديديسيل ثنائي متيل أمونيوم كلوريد didecyl dimethylammonium chloride) DDAC)

تتواجد هاتان المادتان في العديد من المنتجات التي نستخدمها يومياً مثل: المطهّرات، معقّمات اليدين، الشامبو، مستحضرات التجميل، المواد المنعِّمة التي تضاف للغسيل، المنظّفات المستخدمة في المشافي والمطاعم.

إنّ مركبات الأمونيوم الرباعية هذه ليست الوحيدة من ضمن المواد الكيميائية شائعة الاستخدام التي وُجد لها دور سلبي في الخصوبة، فقد أُجريت سابقا ً دراسات على مواد كيميائية مختلفة وتمّ إثبات دور مادة بيسفينول-آ (BPA) في ذلك (وهي تدخل في صناعة البلاستيك وخاصة زجاجات المياه البلاستيكية، إذ وُجد لها تأثير مشابه للإستروجين حيث أدّى تطبيقها على الفئران إلى اضطرابات في مستويات الهرمونات).

لكن هذه هي المرّة الأولى التي يتم فيها إجراء دراسة على مركبات الأمونيوم الرباعية. فعلى الرغم من التساؤلات التي واجهت الباحثين بشأن مدى سلامة استخدام هذه المواد، لم يتم إجراء دراسات أمان وسميّة لها حتى الآن.

إذاً ما الذي دعا العلماء لإجراء هذه الدراسة؟

لاحظت الدكتورة Hrubec بدايةً انخفاضاً في القدرة الإنجابية لدى إناث الفئران في مختبرها، ثم ربطت بينها و بين استخدام عاملي المخبر لمطهرات تحتوي المواد التي ذكرناها سابقاً، حيث كان العاملون ينظفون أيديهم بهذه المطهرات ثم يلامسون تلك الفئران، وهنا لمعت الفكرة في ذهنها للقيام بالبحث.

نأتي الآن إلى تفاصيل الدراسة، إذ تم إطعام 10 أزواج من الفئران بمزيج من مادتي DDAC و ADBAC لمدة ستة أشهر، و كانت الجرعة ضئيلةً تعادل نصف الجرعة التي تعرّضوا لها في السابق.

فما النتائج التي توصلّوا إليها؟

استغرقت الفئران وقتاً طويلاً لحدوث الحمل لديها.

وعند حدوث الحمل استغرقت فترة 31 يوماً كي تضع أجنتها، فيما استغرقت الفئران الطبيعية (غير المعرّضة لمركبات الأمونيوم الرباعية) فترة 20 يوماً، بحسب الدراسة التي نشرت في دورية علم السموم التكاثري Reproductive Toxicology.

كان عدد الأجنة المولودة أقل وزادت حوادث عسر الولادة والإجهاض .

توفيت 4 من أصل 10 إناث في المراحل الأخيرة من الحمل، أو أثناء الولادة.

وهكذا تبيّن أن هذه المركبات تعمل على مستويين :

الأول إمكانية حدوث الحمل، والثاني استمرار الحمل وتطور الجنين… هذا فيما يتعلق بالفئران.

أما فيما يتعلق بالبشر فهناك بعض النقاط التي تحتاج للتوضيح:

إنّ تأثير المادة يختلف حسب طريقة دخولها للجسم؛ ففي هذه التجربة تم إدخال المادة عبر الجهاز الهضمي. لكننا لا نستطيع التنبّؤ بتأثيرها لدى البشر الذين يتعرضون لها بأكثر من طريق، كالطريق الهضمي ingesting أو التنفسي (استنشاق) أو الجلدي.

أيضا ً يختلف تأثير المادة حسب تركيزها وفترة التعرض لها إذ لم يتم قياس كميّة ما تتعرض له السيدات أثناء احتكاكهن بتلك المواد.

ومنه نستنتج أن التأثيرات السلبية قد تم إثباتها لدى الفئران، لكن هذا لا يعني حتميّة هذه التأثيرات عند البشر. وفي الوقت ذاته لا ينفي ذلك خاصةً نتيجة الانتشار الواسع لهذه المركبات وانخفاض الخصوبة الحاصل في السنوات الأخيرة.

قد يتساءل بعضكم عن سبب الانتشار الواسع لمثل هذه المواد! يمكننا الإجابة بأن هذه المواد تمتلك قدرة مميزة في القضاء على طيف واسع من العوامل الممرضة وتأمين الوسط القلوي المطلوب، إذ تستخدم في المشافي للمحافظة على العقامة ومنع انتشار العدوى وحتى أنّ بعض الشركات قامت بتصنيع ايروزولات تبعث برذاذ مركبات الأمونيوم إلى الهواء لتطهيره.

أمّا هنا فسنوضّح لماذا يجب أخذ الحذر عند استخدام منتجات التنظيف، فالكثير من الشركات تدّعي أن هذه المركبات آمنة وتوافق الشروط المعيارية، لكن في التجارب اتّضح العكس، وبعضها يخفي وجود هذه المواد في المنتج فإذا ما نظرت إلى قائمة المكونات فلن تجد شيئاً عن مركبات الأمونيوم.

وهذا يدّق ناقوس الخطر فعلى العلماء أن يقوموا بأبحاث إضافية لدراسة تأثير هذه المواد على البشر والعمل على إيجاد مركبات أخرى أقل ضرراً.

وبالنسبة لكم، فمن المهم أن تكونوا على دراية بمكونات المستحضرات التي تستخدمونها ويمكن الرجوع للانترنت أو لمصادر موثوقة للتأكد من ذلك.

المصدر:

هنا

هنا

مصدر الصورة:

هنا