الفيزياء والفلك > علم الفلك

الفلكيون يستعدون لإلتقاط أول صورة لثقب أسود فائق الضخامة

الثقوب السوداء فائقة الضخامة (SMBH)، يعتقد العلماء أنها تتواجد في مركز كل مجرة ضخمة من كوننا. ويمكن لهذه الثقوب ان تكون أضخم بمليارات المرات من شمسنا، وقوة تآثيرها يمكن أن تشمل كامل حدود المجرات المستضيفة لهذه الثقوب. وفي حالة مجرتنا، مجرة درب التبانة، فإنه من المرجح أن موقع هذه الثقوب تتوافق مع مصدر لأشعة راديوية، يعرف هذا المصدر بـ *Sagittarius A

(القوس*A) ، وكما كل الثقوب السوداء فإنه ليس من الممكن لأحد إثبات أنها موجودة بشكل مباشر، وذلك ببساطة لأنه لا أحد قادر على رصد أي منها. لكن الباحثون العاملون في المرصد التابع لمعهد ماساشوستسMIT ، على وشك أن يحدثوا التغيير، مستخدمين مصفوفة من التلسكوبات تدعى تلسكوبات أفق الحدث (EHT) ، ويأمل فريق MIT أن يحصلوا من خلال ذلك على "صورة القرن" قريباً جداً. حسب التنبؤات الأولية لأينشتاين فإنه على العلماء الإعتماد في دراستهم للثقوب السوداء على مراقبة تأثيراتها على كل من الفضاء والمادة المحيطة بتلك الثقوب في الفراغ، وهذا يتضمن أيضاً الأجسام النجمية التي تختفي بشكل دوري في مناطق مظلمة، ولا يعود بإمكاننا رؤيتها مرة اخرى.

أما Sheperd Doeleman مساعد مدير مرصد Haystack، فيضيف بأن الثقوب السوداء هي باب الخروج من كوننا الحالي،فبإمكانك الخروج من هذا الباب، لكن لن يكون بوسعك أبداً الرجوع مرة أخرى.ومن أكثر الأشياء غرابةً هي ما تم التنبؤ به من قبل النظرية النسبية بأن الثقوب السوداء عبارة عن مناطق في الفضاء، حيث الجاذبية تكون عظيمة جداً، وتسحق الكتل الهائلة بشكل لا يصدق ضمن مساحة صغيرة جداً.

لإنشاء مصفوفة تلسكوبات أفق الحدث (EHT) قام العلماء بربط أطباق راديوية معاً، في كل من هاواي وأريزونا وكاليفورنيا. والمحصلة المرجوة من ربط تلك التلسكوبات هي في الحصول على تفاصيل أدق بـ 2000 مرة مما كنا نحصل عليه من خلال تلسكوب هابل الفضائي. تلك الأطباق الراديوية تم تهيئتها لرصد M87 المجرة التي تبعد 50 مليون سنة ضوئية عن مجرة درب التبانة حيث يعتقد العلماء بوجود ثقب أسود في مركزها.وفقاً ل David Rabanus مدير المعدات في مرصد ALMA فإن المعدات والتقنيات التي استخدمت سابقاً، كانت قادرة على رصد وقياس تأثيرات الثقوب السوداء على النجوم والكواكب والضوء لكن إلى الأن، لم يتمكن أحد فعلياً من رؤية الثقب الأسود فائق الضخامة لمجرتنا درب التبانة، حيث لم يتوفر تلسكوب بحجم مناسب يمكننا من رصد مباشر لثقب أسود حيث ان كتلته الضخمة مركّزة ضمن منطقة صغيرة للغاية. البحث الذي يقوم به Doeleman ركّز على دراسة الثقوب السوداء فائقة الضخامة،وتحليل البيانات المأخوذة بهدف رصد أفق الحدث، ولفعل ذلك قام فريقه بنشر شبكة واسعة من التلسكوبات تستخدم الأمواج المليمترية في الرصد، وهذا ما يماثل استخدامنا تلسكوب "افتراضي" ضخم بحجم الأرض، باستخدام تقنية (VLBI) وهي تقنية تعتمد على التقاط اشارات راديوية فلكية من عدة تلسكوبات ومحاكاة عمل تلك التلسكوبات كتلسكوب واحد . يقول Doeleman بأنهم يستهدفون دراسة *SgrA ، وهو ثقب أسود كتلته تعادل 4 مليون كتلة الشمس، ويتموضع في مركز مجرة درب التبانة، بالاضافة لدراسة المجرة M87 ، التي هي مجرة اهليلجية ضخمة، هذان الجسمان يمكن ان يقدما لنا "اّفاق الحدث" الاكثر وضوحاً. مشروع تلسكوبات أفق الحدث (EHT) ، هو مشروع مشترك على نطاق عالمي يمتلك استطاعة تحليلية تعتمد على هوائيات ضخمة لشبكة من التلسكوبات الراديوية، والتي تسعى لإلتقاط أول صورة لأغرب جسم في كوننا، الذي هو أفق الحدث لثقب أسود. جوهر العمل يعتمد بشكل "افتراضي" على استخدام تلسكوب كمرآة كبيرة باتساع الارض، فكل تلسكوب راديوي من شبكة التلسكوبات الكثيرة، يمكن النظر اليه على أنه جزء فضي صغير من مرآة كبيرة، ومع ما يكفي من هذه الاجزاء الفضية، يمكن للمرء حينها البدء بتكوين صورة متكاملة.

الفلكي Jason Dexter في جامعة (كاليفورنيا- بيركلي)، يقول بأنه لا يعتقد أن التفكير بالحصول على صورة خلال الخمس سنوات القادمة يعتبر شيءً من الجنون.الثقوب السوداء أول من افترض وجودها النظرية النسبية العامة لأينشتاين، ومنذ ذلك الحين دُعمت بعمليات رصد وقياسات وتجارب استمرت لعقود، لكن لم نتمكن اطلاقاً من رصد مباشر أو أخذ ولو صورة واحدة لتلك الثقوب التي تمتلك قوة جذب هائلة، تمكنها من ثني الفضاء وتشويه نسيج الزمكان.أخيراً فإن إمكانية التقاط صورة لأحد تلك الثقوب لن يكون مجرد انجاز علمي كبير، بل سيزودنا بالصورة الأكثر إثارة على الاطلاق.

المصدر:

هنا