البيولوجيا والتطوّر > بيولوجي

الذكريات المخيفة... كيف تتشكل وأين العلوم العصبية من تفسيرها؟

نتعرّض يومياً لكمٍّ كبيرٍ من الأحداث بتفاصيلَ مملَّة وطويلة، لننساها مع مرور الوقت... ولكن بعض هذه الأحداث ذات الذكريات السيئة تبقى مدفونةً في الدماغ، دراسة حديثة عن الآلية العصبية التي تقوم بتحويل التجارب السيئة إلى ذكريات تثير الخوف في المستقبل؛ وتُظهِر أن الآلية الحقيقية لتشكيل الذِّكريات والتي تدعى بـ Hebbian Plasticity أشد تعقيداً مما كان يُعتقد سابقاً.

ولوقت طويل ساد بين العلماء تفسير لحفظ الذكريات يعتمد على أنَّ العصبونات التي تقوم بإطلاق إشارات عصبية بشكل متزامن تقوِّي الوصلات فيما بينها بشكل يسبب تشكيل الذكريات، وقد أشارت التجارب السابقة إلى صحة هذه النظرية، لكن أياً من هذه التجارب لم يجرَ على الحيوانات الحية!

ولاختبار هذه الآلية بشكل مباشر على الأحياء، قام فريق البحث باستخدام تقنية تدعى الوراثة البصرية optogenetics لإخماد الفعالية العصبية في المنطقة المسؤولة عن حفظ ذكريات الخوف في الدماغ، وهي منطقة اللوزة الشميَّة Amygdala،

بينما قاموا بتعريض الحيوانات بشكل متكرر إلى نغمة صوتيَّة محدَّدة مترافقة مع صدمة كهربائية، ما يودي في الحالة الطبيعية إلى تعلم الحيوانات أن تخاف بمجرد سماع النغمة، ولكن الحيوانات في هذه التجربة أظهرت نقصاً في التعلم، وبالتالي نقصاً في الخوف عند سماع النغمة الصوتية، ويفسِّر الفريق ذلك بنقص قدرة العصبونات في اللوزة على تشكيل الكمونات العصبية عند تنبيهها بالتقنية البصرية، وبالتالي لم تتمكن من تقوية الوصلات بينها وتشكيل الذاكرة. ولكنَّ الغريب أنَّ العلماء حين أوقفوا تطبيق تقنية الوراثة البصرية، استطاعت الحيوانات التعلم عند تفعيل المستقبلات السطحية للنورادرينالين، وهو ناقل عصبي مهم لحدوث الإنتباه.

تشير النتائج إلى أنَّ الآلية المعروفة سابقاً مهمة لتشكيل الذاكرة، لكنَّها غيرُ كافية بدون عٍدة عوامل أخرى كالتعديل العصبي.

تساعد هذه الدراسة في معرفة الطريقة التي يحوِّل بها الدماغ الأحداث السيئة التي تمرُّ بنا إلى ذكريات تثير الخوف، كما عند التعرض لعضة كلب أو هجوم حيوان شرس، كما تساعد أيضاً في فهم الآلية العامة لتشكيل الذكريات في الدماغ.

وبشكل أهم تمهد الدراسة الطريق للتحكم بذكريات الخوف في الدماغ، أو حتى مَحوِها في حال تحولت إلى شكل مرضي، كما في حالات الرهاب أو متلازمة الصدمة ما بعد الرض، لتساعد في علاج العديد من هذه الحالات المؤلمة.

المصادر

هنا

هنا

هنا