المعلوماتية > عام

بيانات FMRI تكشف عن العمليات التي تجري بالتوازي داخل الدماغ!

العلوم التقنية دوماً بتكشفلنا أشياء جديدة!

دماغ الإنسان بيعمل مهام جداً معقدة بلحظة واحدة.. هل علماء الكمبيوتر رح يتوصلوا لمعالجات صنعية بتقدر تستوعب نفس العدد من المهام؟؟!

تابعونا بهالمقال:

------------------------------

كشفت لنا الآن بياناتُ التصويرِ بالرنين المغناطيسي الوظيفي كيف يكون التوازي في المادة الرمادية للدماغ.

يوصفُ العقلُ البشري غالباً بأنه آلية حاسوبية تعمل بالتوازي وبشكل هائل، وهذا ما دفعنا لطرح هذا السؤال الممتع: كيف يكون هذا التوازي في عمله؟

اليوم أصبح لدينا جواباً بفضلِ العمل الذي قام به «هاريس جورجيو» في جامعة كابوديس الوطنية في أثينا في اليونان، والذي أحصى «عدد نوى وحدة المعالجة المركزية» العاملة في (fMRI) الدماغ والتي تؤدي مهاماً بسيطة بواسطة آلة الرنين المغناطيسي الوظيفي

وقد يؤدي هذا الجواب للمساعدة في وجود حواسب تطابق أفضل أداء للدماغ البشري.

يتألفُ الدماغ من حوالي 100، بليون عصبون والتي يقومُ كل منها بعمل ما يزيد عن 10 آلاف اتصال مع العصبونات المجاورة، ويتم تعبئة كل تلك الاتصالات في هيكل بحجم قالب الحلوى وتشتغل بطاقة قصوى من 20 واط فقط، مِمّا جعله مستوًى من الأداء ذا موضع حسد عند علماء الحاسوب.

كشفت آلاتُ الرنين المغناطيسي الوظيفي هذا النشاط عبر قياسِ التغيرات في مستويات الأكسجين في الدم والمارة إلى الدماغ. تُـستهلك كمية أكبر من الأكسجين في المناطق النّـشطة التي يكون بها المرتبطة بالتفكير، حيث يُعتبرُ نضوب الأكسجين علامةً على نشاط الدماغ.

نموذجياً، تُـقسّمُ آلةُ تصوير الرنين المغناطيسي الوظيفية الدماغَ إلى بيكسلات ثلاثية الأبعاد تدعى «الفوكسل»، يبلغُ حجم كلٍّ منها خمسة مليمترات مكعبة.

يمكنُ تسجيلُ النشاطَ الكاملَ للدماغ في أي لحظة باستخدام شبكة ثلاثية الأبعاد من 60 × 60 × 30 فوكسل، ويتم تكرار هذه القياسات كل ثانية تقريباً للمهام التي تستغرقُ دقيقتين أو ثلاث دقائق، والنتيجة هي مجموعةُ بيانات من حوالي 30 مليون نقطة من البيانات.

عمل جورجيو هو تحديدُ عددِ العمليات المستقلة في العمل ضمن تلك المجموعة الواسعة من البيانات. تعدُّ هذه مهمةً صعبةً نظراً لحجم مجموعة البيانات. يقول جورجيو:

“هذا لا يختلف كثيراً عن محاولة استرجاع الحد الأدنى من عدد نوى المعالجة الفعلية المطلوبة لتشغيل كل المهام المعرفية النشطة والمسجلة في حجم الدماغ الكامل ثلاثي الأبعاد.”

لاختبارِ تقنية معالجة إشارات الدماغ، بدأ جورجيو بإنشاء مجموعةِ بيانات اصطناعية بواسطة الرنين المغناطيسي الوظيفي مؤلفةً من ثمانِ إشارات مختلفة مع خصائص إحصائية مشابهة لتلك التي تعمل في الدماغ، ثم استخدم تقنية معالجة إشارة قياسية تُـدعى «تحليل العنصر المستقل»، لتظهر عدد الإشارات المختلفة، ليجِـدَ أنها ثمانِ إشارات كما توقع.

ثم طبَّـق تقنية «تحليل العنصر المستقل» على بيانات مأخوذة من آلة الرنين المغناطيسي الوظيفي وهي بيانات حقيقية لأشخاص يؤدون مهمتين بسيطتين. كانت المهمة الأولى هي ربط البصر بالحركة، والتي تجعل الشخص يشاهد الشاشة ويقوم بتأدية مهمةٍ بسيطة على بناءً على ما يظهر على الشاشة.

في هذه الحالة، تعرضُ الشاشة صندوقاً ذا لون أخضر أو أحمر على الجانب اليميني أو اليساري من الشاشة. في حال ظهرَ صندوقاً ذا لون أحمر، على الشخص أن يشيرَ عليه بإصبع يده اليمنى، أما إذا كان الصندوق ذو لون أخضر، يشيرُ الشخص بإصبع يده اليسرى.

تكون هذه المهمة أسهل عندما يظهرُ الصندوق الأحمر على الجهة اليمنى والصندوق الأخضر على اليسار، لكنها تصبح أصعب عندما يتم التبديل بين المواقع. تألّـفت البيانات من مئة تجربة تقريباً أُجريَت على تسعة بالغين أصحاء.

كانت المهمة الثانية أسهل من الأولى وهي مهمة إدراك بصري كلاسيكية، عُرضت على الأشخاص مجموعةٌ من الصور المُصنّـفة في مجموعات كالوجوه، والبيوت، والكراسي وغيرها. وكانت المهمة وضع بصمة عند ظهور الصورة نفسها مرتين، وإن كانت من زوايا مختلفة أو تحت شروط إضاءة مختلفة أيضاً.

كانت النتائج جديرة بالقراءة، وعلى الرغم من أن تحليلَ النتائج معقّد، إلا أن المخرجات كانت بحالة بسيطة. قال جورجيو أن تقنية «تحليل العنصر المستقل» كشف عما يقارب الخمسين عملية مستقلة تكون في حالة عمل داخل الدماغ البشري عند تأدية مهام ربط العمليات البصرية بالحركية المعقدة المتعلقة بالإشارة إلى وجود الصناديق الحمراء والخضراء.

إنها نتيجة باهرة لها آثار مهمة في كيفية تصميم علماء الحاسوب لرقاقات تحاكي أداء العقل البشري، حيث أنها تنطوي على تفسير الموازاة في عمل الدماغ بأنه لا يحدث على مستوى فردي من الأعصاب بل على بنية ضخمة ومستوى وظيفي، يشكل حوالي الخمسين من هذه البنية.

يشيرُ جورجيو إلى أن الفوكسلات النموذجية تستجيب لثلاثة ملايين عصبون، كل منها يقوم بآلاف الاتصالات مع العصبونات المجاورة، ومع ذلك فإن رقاقات الذكاء الصنعي الأحدث تحوي مليون عصبون صنعي يتصل مع العصبونات الصنعية المجاورة بـ256 اتصال. والذي اتّـضح لجورجيو من هذا العمل حول قياس آلية العمل المتوازي أنه يحدث على نطاق أوسع من تلك الرقاقات بكثير.

وقال: " هذا نظرياً يعني المكافئ الصنعي لبنية إدراكية تحاكي عمل الدماغ في بنية ربما لا يتطلب معمارية موازية هائلة على مستوى العصبونة الواحدة، بل يتطلّبُ مجموعةً من العمليات المحدودة المصممة تصميماً صحيحاً تعمل بالتوازي على نطاق أقل بكثير”

أي شخص يريد أن يصمم رقاقات تحاكي عمل الدماغ سيستفيد من هذه النصيحة.

المصدر: هنا