البيولوجيا والتطوّر > التطور

عشرة أشياء لا تعرفها عن الدماغ - الجزء الأول

خلال العصور التي مضت،لم يكن الدماغ ليبدو بهذه الأهمية، فكلّ شخص ابتداءً من الفراعنة وحتى أرسطو، قد قلّل من دور ذاك الشيء الغامض بين آذاننا. حتّى جاء عالم التشريح الشهير جالينوس و الذي أعطى الفضل للدماغ كمسؤول عن الحركة والكلام، لكنّه هو الآخر تجاهل أمر المادتين البيضاء والرمادية، معتقداً بأنّ البطينات المملوءة بالسائل داخل الدماغ هي من يقوم بمعظم العمل.

1- الدماغ البشري كبير..

يزن دماغ الشخص البالغ مابين 1.3-1.4 كغ، وشبّه بعض جرّاحي الأعصاب قوام الدماغ بمعجون الأسنان، لكن جرّاحة الأعصاب Katrina Firlik لم تجد هذا التشبيه دقيقاً إذ رأت أنّ قوام الدماغ أقرب لقوام التوفو الناعمة مما قد يكون لمعجون الأسنان.

يشغل الدماغ نحو 80% من الجمجمة، بينما يملأ الدم والسائل الدماغي الشوكي (وهو السائل الشفاف الذي يحمي الأنسجة العصبية) المساحة المتبقية، فإذا ما قرّرت وضع الدماغ مع الدم والسائل الدماغي في الخلّاط ومزجهم على سبيل المثال، فإنّ الناتج سيشكل نحو 1.7 ليتر، أو ما هو أقل من أن يملأ زجاجة صودا سعة 2 ليتر.

2- لكنه يصغر..

لا تتفاخر بدماغك الكبير، فقد كان البشر يملكون دماغاً أكبر قبل 5000 عام. حيث وُجد من البيانات الأثرية في كل مكان – أوروبا، الصين، جنوب أفريقيا واستراليا - بأن الدماغ قد تقلّص نحو 9 بوصات مكعبة (أي 150 سم3) من أصل 1350 سم3 كمعدّل وسطي، وهذا يساوي نحو 10% بحسب ما قال عالم الأحياء والأنثروبيولوجيا الفيزيائية John Howks من جامعة ويسكونسون.

لم يعرف الباحثون لماذا قد تتقلّص الأدمغة، لكنّ البعض يعتقد بأن الجماجم تصبح أصغر بسبب نظامنا الغذائي الذي يتضمّن أطعمة سهلة المضغ، فما عاد وجود فكين كبيرين وقويين أمراً ضرورياً. ولكن أيّاً كان السبب، فإن حجم الدماغ لا يرتبط مباشرةً بالذكاء، لذلك لا يوجد دليل على أنّ الإنسان القديم كان أذكى من البشر الحاليين.

3- أدمغتنا تحرق الطاقة لتعمل

إنّ الدماغ الحالي مستهلِك كبير للطاقة، فبالرغم من أنّه لا يشكّل أكثر من 2% من وزن الجسم، إلا أنّه يستخدم نحو 20% من أكسجين الدم، و25% من الغلوكوز الذي يجري في دمنا.

وقد ثار جدل بين علماء الأنثروبيولوجيا حول المتطلبات الغذائية التي مكّنت الدماغ الكبير من التطوّر أساساَ. رجّح العديد من الباحثين بأن اللحم هو السبب، مشيرين إلى أدلّة عن الصيد في أسلافنا القدامى، لكن يعتبر باحثون آخرون أنّ اللحم لم يكن مصدراً يمكن الاعتماد عليه للطعام. وفي دراسة عام 2007، وجدوا أن الشمبانزي الحالي يعرف كيفيّة البحث عن الدرنيات الغنيّة بالسعرات الحرارية في السافانا، فربما فعل أسلافنا الشيء نفسه، أي قاموا بتعزيز قدراتهم العقلية بتناول الخضار. أما بالنسبة لما دفع الدماغ للتضخم في الحجم، فهناك 3 فرضيات أساسية وهي: تغيّر المناخ، المتطلّبات البيئية، والتنافس الاجتماعي.

4- التلافيف تجعلنا أذكياء

ما هو سر ذكاء الجنس البشري؟ وجود التلافيف قد تكون الإجابة. فسطح الدماغ البشري مليء بالشقوق العميقة، و الأخاديد الأصغر التي تُسمَّى أثلام Sulci ، بالإضافة إلى الحواف التي تُسمَّى تلافيف Gyri ، وهذا السطح يُسمَّى القشرة الدماغية والتي تعد موطناً لنحو 100 مليار عصبون أو خلية عصبية. هذه الطبيعة المتعرّجة للدماغ تزيد من مساحته السطحية، وبالتالي تزيد من قوّة المعالجة لديه ضمن حيز الجمجمة، وقد تبيّن أن لأقربائنا من الرئيسيات درجات متفاوتة من التعرّجات والتلافيف في أدمغتهم، كما في مخلوقات ذكيّة أخرى كالفيلة. وقد وجدت الأبحاث أنّ الدلافين تملك تلافيفاً أكثر وضوحاً حتى من أدمغة البشر.

- 5 معظم خلايا أدمغتنا ليست بخلايا عصبية إنّ النظرية القديمة التي تقول بأننا نستخدم 10% فقط من قوّة أدمغتنا غير صحيحة، لكنّنا نعلم الآن بأنّ الخلايا العصبية لا تشكّل سوى 10% من خلايا أدمغتنا، بينما 90% المتبقيّة والتي تمثّل نحو نصف وزن الدماغ تسمى الدبق glia ، والتي تعني "الغراءglue " باللغة اليونانية. فقد كان يعتقد علماء الأعصاب بأن الدبق هو ببساطة تلك الأشياء اللزجة التي تجمع العصبونات وتحملها، لكن تبيّن في أبحاث لاحقة بأن للدبق أهمية أكبر بكثير.

حيث نشرت دراسة تمت عام 2005، بأن دور هذه الخلايا المجهولة يتراوح ما بين التخلّص من النواقل العصبية الفائضة لتوفير الحماية المناعية، وصولاً إلى تعزيز نمو وعمل المشبك العصبي (المشابك العصبية هي أماكن الاتصال بين العصبونات). أي تبيّن أنّ الأغلبية الصامتة ليست صامتة حقاً!

سيتم ذكر المصدر في نهاية الجزء الثاني من المقال