الفيزياء والفلك > فيزياء

نظام تحديد المواقع GPS قد يكون الأداة في الكشف المباشر عن المادة المظلمة

انظمة تحديد المواقع هي تقنية جوهرية في عمليات الملاحة بالإضافة لمجالات أخرى، لكن الباحثين يعتقدون حاليا بان هذه التقنية قد تستعمل لهدف غير متوقع، وهو ايجاد آثار لوجود المادة المظلمة عبر الكون. يقدر الفيزيائيون كمية المادة المظلمة بانها تعادل تقريبا ست مرات المادة المرئية العادية، لكن وبالرغم من الابحاث التي استمرت لعقود من الزمن إلا أنهم لم يجدوا حتى اللحظة أي دليل مباشر عن المادة المظلمة، ووجودها استند على تاثير قوة جاذبيتها على المجرات والاجسام السماوية الاخرى، فبدون قوة الجاذبية الاضافية الناتجة عن كتلة المادة المظلمة لن يكون بمقدور أي من المجرات ان تتماسك او تتجمع مكوناتها مع بعضها البعض.

العلماء متاكدون بشكل غير مباشر من وجود المادة المظلمة، فهي مثلا تسبب انحناء الضوء حول المجرات، ومن دون المادة المظلمة فان المادة العادية لن تستطيع ثنيه بنفس المقدار. تلك طبعا واحدة من الطرق التي استدلّ بها العلماء لمعرفة الكمية الضخمة من المادة المظلمة. لا يعرف الفيزيائيون مما تتكون المادة المظلمة، البعض يعتقد بانها مكونة من جسيمات بالكاد تتفاعل مع الجسيمات المعروفة لنا، وهذا سبب كونها غير مرئية وصعبة الاكتشاف، بعض البرامج البحثية في فيزياء الجسيمات تفترض ان المادة المظلمة تتالف من جسيمات ثقيلة ضعيفة التفاعل،اما الان فقد ظهرت بعض الفرضيات البديلة.

بروفيسور الفيزياء Andrei Derevianko في جامعة ( نيفادا – رينو) وبروفيسور الفيزياء وعلم الفلك Maxim Pospelov في جامعة فيكتوريا افترضوا ان المادة المظلمة ليست مكونة من جسيمات اطلاقا، بل قد تكون تشوهات وتمزقات في نسيج الزمكان الذي لا يمكن اصلاحه وقد تقدم هذه التشققات السابحة في الفضاء تفسيراً لما نشاهده على أنه أثر لمادة مظلمة مجهولة. تلك العيوب يمكن أن تجتاز عالمنا المحاط باقمار الـ GPS والساعات الذرية المرفقة بها والتي تكون متزامنة فيما بينها، فاذا حدث عدم تزامن بمقدار اكثر بقليل بجزء من مليار جزء من الثانية، فسيعني ذلك أنهم تحققوا بشكل تجريبي ومباشر من وجود المادة المظلمة بحسب ما افترضه العالمان. بدأ العلماء بتحليل بيانات GPS أُخذت من اكثر من 12000 محطة GPS حول العالم وركز العلماء على اقمار ال GPS التي تستعمل الساعات الذرية.

يعتقد ايضا الباحثون ان تلك التشوهات النظرية في نسيج الزمكان تنتقل وفق سرعات تختلف عن ما هو الحال في ظواهر اخرى تسبب نفس التاثير من عدم التزامن في الساعات الذرية كالتوهجات الشمسية. اذا السرعات المختلفة تؤدي لتاثيرات مختلفة على الساعات الذرية.

يضيف البروفيسور Starkman (والذي لايشارك في هذا البحث)، بانه من المنطقي ان يكون البحث الاول المتعلق بالمادة المظلمة ضمن حدود النموذج المعياري - النظرية السائدة في فيزياء الجسيمات والتي تشرح الخطوط العريضة لكيفية تصرف الكون- وهذا ما يقتضي البحث عن جسيمات المادة المظلمة وليس أي شيء آخر، لكن العمل ضمن كواشف الجسيمات ومصادم الهدرونات الكبير LHC والذي يعتبر اكبر مصادم جسيمات في العالم فشل حتى الان في ايجاد جسيمات المادة المظلمة. يضيف ايضا Hooper الباحث في مختبر مسرع فيرمي الوطني، بأن فكرة غير اعتيادية عن المادة المظلمة قد تساعد في إثارة بعض الافكار الاخرى البديلة عن مكونات وطبيعة المادة المظلمة، هذا طبعا ما لم يتمكن الفيزيائيون من اكتشاف جسيمات المادة المظلمة في السنوات القليلة القادمة.

التصور الذي يعتمده العلماء حول البحث الحالي هو في استعمال مجموعة كبيرة من اقمار الـ GPS كاعظم كاشف مادة مظلمة قام الانسان بصنعه، وفي حال نجاح تلك الطريقة فان ذلك سيعني نقلة نوعية في المفهوم السائد في الأوساط العلمية وتغيير كلي في طبيعة تفكيرنا اتجاه الكون.

المصدر: هنا

حقوق الصورة: NASA/CXC/M. Weiss - Chandra X-Ray Observatory: 1E 0657-56