الفيزياء والفلك > فيزياء

كيف استطاع العلماء إيقاف الضوء؟

منذ أن نشر آينشتاين نظريته النسبية الخاصة حتى أضحت سرعة الضوء من الثوابت الكونية الأساسية؛ بمعنى أنها أقصى سرعة يمكن بلوغها، وتصل إلى ما يقارب 300 مليون متر في الثانية الواحدة وذلك عند انتشاره في الفراغ ، أما عند انتشاره في المواد المختلفة فتصبح سرعته أصغر، إذ تبلغ سرعته في الماء مثلا 225 مليون مترفي الثانية كما تبلغ سرعته في أحد أنواع الزجاج

200 مليون مترفي الثانية إذا يمكن عمليا إبطاء سرعة الضوء وذلك عند زيادة كثافة المادة التي يعبر خلالها، ولكن ماذا لو أمررنا الضوء في مادة تصل كثافتها إلى حالة تكاثف بوزه – آينشتاين؟

سيتوقف الضوء. نعم سيتوقف لبرهة قصيرة من الزمن، وهذا ما توصلت إليه الفيزيائية لين هاو وفريقها في معهد رولاند للعلوم في بوسطن، أميركا. والذي وصفته لين بأنه " مكان رائع لإجراء البحوث".

كانت لين وزملاؤها متحمسين للتجارب القائمة على حالة تكاثف بوزة أينشتاين والتي تكون فيها الذرات شديدة التقارب من بعضها البعض ،مفتاح الوصول لمثل هكذا حالة هي بتبريد الذرات الى درجة حرارة مساوية لجزء واحد من المليار من درجة الصفر المطلق (وهي درجة الحرارة التي يكون فيها للذرات أقل طاقة ممكنة،وتتوقف عندها عن الحركة لتفاصيل أكثرهنا).في العام 1997 تمكنت لين و فريقها من تبريد الذرات إلى درجة حرارة كافية لبلوغ المادة حالة تكاثف بوزه – آينشتاين " لقد كنا سعداء جداً، لقد نجحنا " تقول لين.

كانت لين وفريقها من أوائل العلماء على مستوى العالم ممن توصل إلى هذه الحالة من المادة تجريبياً. بعدها بدأ الفريق يتساءل: ماذا بعد الوصول إلى هذه الحالة من المادة ؟ بمعنى

ما التطبيقات التي ستفيدنا بها هذه الحالة من المادة ؟ وتوصلوا إلى النتيجة.

بداية أدركوا أن إمرار حزمة من ضوء الليزر عبر هذه المادة سيؤدي لإبطاء سرعة الضوء بشكل غير مسبوق، فقام الفريق بتجميع الذرات في حجرة شفافة خالية من الهواء، وذلك عبر تطبيق حقل مغناطيسي شديد عليها بحيث استطاعوا تجميع هذه الذرات ضمن غمامة طفت في الحجرة وكأنها في الفضاء، واصلة بذلك إلى حالة تكاثف بوزه – آينشتاين . قام الفريق بعدها بإضاءة الغمامة وذلك بتسليط حزمة ليزرية عليها من أحد الجهات سميت هذه الحزمة بحزمة الإقتران مهمتها تغيير الخواص الضوئية للذرات، ثم أطلقوا نبضة ليزرية من جهة أخرى بحيث تشكل جهتا الانتشار

زاوية قائمة ،ماأن دخلت النبضة تكاثف بوزة أينشتاين المعدل حتى انضغطت على نفسها وتباطأت سرعتها حتى وصلت إلى حوالي 60 كيلومتر في الساعة؛ أي بسرعة دراجة هوائية !! وذلك في العام 1998. " قلت لنفسي: يا إلهي إنني الشخص الأول في العالم الذي يرى الضوء متحركا بهذا البطء " تقول لين.

في العام التالي تابع الفريق العمل على التجربة ذاتها وذلك بإضافة بعض التعديلات عليها، فتقدموا خطوة أخرى باتجاه إبطاء الضوء أكثر ضمن المادة وهي في حالة تكاثف بوزه – آينشتاين، متوصلين إلى إيقافه تماماً لمدة جزء بالألف من الثانية، إذ بعد أن أصبحت النبضة المراد إيقافها محتواة بشكل كلي ضمن المادة المكثفة، وبعد أن انضغطت كلياً تم إطفاء الليزر المطلق لأشعة الإقتران بشكل فجائي مما أدى لاحتجاز النبضة في داخل المادة، وعند إعادة تشغيله خرجت النبضة من الجهة الأخرى بسرعتها وكثافتها الأصليين. " نستطيع الآن احتجاز الضوء في الغمامة لمدة ميللي ثانية من الزمن " تقول لين " يبدو أنه زمن صغير جدا بالنسبة لكم ولكنه طويل، طويل جدا بالنسبة للضوء وهو في وضعه الطبيعي متحركا بسرعة 300 مليون متر في الثانية، ولا شك في أننا سنستطيع أن نحتجزه لوقت أطول في المستقبل "

يمكن استخدام " الضوء البطيء" أو " الضوء المتوقف" مستقبلاً في الحواسيب التي تستخدم الضوء بدلا من الإلكترونات لنقل البيانات وتخزينها(فعند توقف الضو ستخزن المعلومات تماماً

مثلما تخزن في الذواكر الالكترونية ، كما يمكن للعلماء استخدامه في المختبرات لإنشاء محاكيات للثقوب السوداء.

المصادر:

هنا

هنا

هنا