البيولوجيا والتطوّر > بيولوجي

الهندسة الوراثية تقدم لك حليباً صناعياً

هل تساءلتم يوماً إلى متى ستستمرّ الأبقار في تأمين الحليب لنا؟ وهل يأتي يومٌ تصبح فيه الحاجة ماسّة إلى بديلٍ صنعي شبيه، وذلك بسبب شحّ الموارد الطبيعية للحليب أو الحاجة إلى مواصفات إضافيّة؟ الهندسة الوراثية ومصطلح الاستدامة الذي شاع كثيراً مؤخّراً يطال صناعة الحليب!

في بداية عام 2014 قام مهندسان حيويان في كاليفورنيا هما Perumal Gandhi و Ryan Pandya بإنتاج صيغة أوّلية لحليب صنعي يحاكي حليب البقر أسمياه "موفري Muufri"، ويواصلان العمل حاليّاً للتوصّل للشكل الأمثل من هذا الحليب اعتماداً على عدّة خمائر معدَّلة وراثياً لتُنتج بروتينات الحليب.

يهدف نظام التصنيع هذا والملقّب ب "ضرع بلا بقرة" إلى الحفاظ على خواص حليب البقر الطبيعي كالطعم والفوائد الصحية والتي يتميّز بها حليب البقر عن حليب الصويا واللوز والأرز. هناك اختلاف واضح في الطعم مثلاً بين المثلجات المصنوعة من حليب الصويا وبين تلك المنتجة من حليب البقر، ولكن ماذا لو نجح الحليب الصنعي في إعطاء نفس الطعم؟

يقول Perumal Gandhi أحد المهندسَين: "إذا أردت أن يتحول الناس من حمية تتضمّن منتج غير مستدام إلى أخرى تعتمد على منتج مستدام فيجب أن تقدّم لهم منتجات تضاهي أو تتفوق في الجودة على ما اعتادوه. لن يتخلّى الناس عن حليب البقر لشرب حليب النباتات، لكنهم سيتقبّلون حليب البقر "اللابقري" إذا كان مطابقاً ومناسب السعر."

ما دفع الثنائي النباتي غاندي وبانديا إلى هذا الاختراع هو رغبتهم في الحد من تكدّس الأبقار في الحظائر حيث تُغذّى الأبقار بكوكتيل مترع بالمضادات الحيوية وهرمونات النمو وتُبتر ذيولها وتُزال قرونها ، ووفقاً لإحصائيات منظّمة الزراعة والغذاء في الولايات المتحدة فإنتاج منتجات الحليب مسؤول عن 3% من انبعاثات الغازات الدفيئة السنوية في العالم.

لحسن الحظ فإن تصنيع هذا الحليب ليس صعباً جداً فهو يتكوّن من عشرين مادة فقط ومن 87% ماء. سيحتوي حليب "موفري" على ستة بروتينات لإضفاء القوام المميز للحليب وعلى ثمانية حموض دسمة للحصول على النكهة الغنية.

يصنّع حليب "موفري" بنفس تقنية تصنيع الإنسولين في شركات الأدوية، حيث يُستخلَص الـ DNA من الأبقار وتُدخَل تسلسلات معينة منه في خلايا الخميرة، ثم تُنمّى مزراع الخميرة في أطباق بتري صناعية الحجم في درجة حرارة وتراكيز مناسبة وخلال أيام تُنتج الخمائر ما يكفي من الحليب لجمعه.

رغم أن بروتينات حليب "موفري" مصدرها الخميرة إلّا أنّ الدهون ذات مصدر نباتي (خضروات)، ويتم تعديلها على المستوى الجزيئي لضمان مطابقتها لطعم وبنية دهون الحليب الطبيعي. في حين يتم شراء المعادن كالكالسيوم والبوتاسيوم وإضافتها بشكل مستقل إلى المزيج. حالَ ضبط مكونات المزيج يتحوّل هذا الأخير إلى حليب وهذا يعني إمكانية تعديل القيم الغذائية للحليب، أي يمكن أن يكون الحليب الصناعي أفضل لصحتك من الطبيعي حتى.

سيكون "موفري" أغلى من الحليب العادي في بداية طرحه في الأسواق ولكن يأمل غاندي وبانديا تخفيض سعره مع زيادة انتشاره. ولأنه لن يحتوي على البكتيريا فسيكون ما يسمى بـ "عمر الرف" له أطول بكثير. من المتوقّع طرح حليب "موفري" في الأسواق في منتصف العام القادم 2015.

المصدر:

هنا