علم النفس > القاعدة المعرفية

اضطراب الشخصية الحدية.

اضطراب الشخصية الحدية:

هو اضطراب نفسي ينتمي إلى مجموعة من الأمراض النفسية المسماة بإضطرابات الشخصية. يتميز هذا المرض بوجود نمط ثابت من التفكير، والشعور، والتفاعل مع الآخرين مما يولد عدم استقرار عاطفي كبير.

وكان يعتقد قديمًا أن هذا الاضطراب ما هو إلا نوع من أنواع الفصام ولكن دلت الدراسات الحديثة أنه نوع مستقل تماماً ولذلك تم إدراجه تحت اضطرابات الشخصية . وأما في الدليل التشخيصي العاشر لمنظمة الصحة العالمية فيعرف باضطراب الشخصية الغير مستقرة عاطفيًا 'Emotionally unstable personality disorder'

هذا الاضطراب يبدأ عادةً فى وقت مبكر من مرحلة الرشد، ويشيع حدوثه لدى الإناث أكثر من الذكور، وذلك بنسبة 75%، كما أنه يحدث حوالى 5 مرات أكثر لدى الأقارب من الدرجة الأولى الذين يعانون من الاضطراب.

يرى المصاب باضطّراب الشّخصية الحديّة صورته مشوهة، مما يجعله يشعر بأن لا قيمة له وبأن به خلل في الأساس ، وقد يكون غضبه، واندفاعه، والتّقلّبات المتكرّرة في المزاج سبباً في إبعاد النّاس عنه، بالرّغم من أنّه يتوق للعلاقات التي تسودها المحبّة.

يشعر المصاب بعدم الأمان بالنّسبة لمن يكون، حيث تتغيّر صورته الذّاتية أو إحساسه بذاته بسرعة. فقد يرى نفسه سيّئاً أو شريراً، ويشعر أحياناً بأنّه غير موجود على الإطلاق. تؤدي النّظرة غير المستقرّة للذّات إلى تغيّراتٍ متكرّرة في المهنة، والصّداقات، والأهداف، والقِيَم، والتّوجّه الجّنسي.

وتكون علاقات المريض بالنّاس مضطّربةً عادةً، وتتأرجح بين الحب والكراهية، فقد يقوم بتمجيد شخصٍ ما في لحظة، ولا يلبث أن يتحوّل بشكلٍ مفاجئ بعد ذلك إلى الغضب والكراهيّة بسبب سوء تفاهم بسيط، وذلك لأن المصابين بهذا الاضطّراب يواجهون صعوبةً في أنصاف الأشياء، فبالنّسبة لهم يكون الأمر أبيض أو أسود.

الاعراض الأكثر شيوعاً :

- سلوك انفعالي مجازف، كالقيادة المحفوفة بالمخاطر، أو العلاقات الجنسية غير الآمنة، أو نوبات لعب القمار والتبذير، أو تعاطي المخدرات.

- سلسله من العلاقات الشخصية المضطربة التي تتراوح ما بين المثالية الشديدة والكره أو الدونية الشديدة.

- جهود كبيرة ومتعبة لتجنب أن يكون غير مرغوب به او مرفوض (رفض حقيقي أو متخيل).

- إحساس مزمن ومستمر بالفراغ الداخلي.

- الغضب الشديد غير المناسب أو الصعوبة في لجم الغضب (مثل، نوبات متكررة للغضب، غضب ثابت، شجارات متكررة).

- سلوك انتحاري أو تهديدات بالانتحار ، تشوية للنفس مثل جرح النفس (Self injury)

- الخوف الشديد من الخلوة/الوحدة.

- تغيرات سريعة ومنهكة في المشاعر (الغضب الشديد، والفرح، والنشوة، والقلق، بما في ذلك نوبات الهلع والاكتئاب)

- صعوبة في السّيطرة على المشاعر أو الدّوافع.

- هفوات في تفحص الحقيقة Lapses in Reality Testing: بين الحين والآخر ترى الفرد يشكي من هلوسة سمعية أو بصرية إلى ما قد يشابه نوبة ذهانية حادة. بسبب ذلك يتم تشخيص البعض بأمراض ذهانية.

الأسباب :

حصر أسباب الإصابة باضطّراب الشّخصيّة الحديّة أمرٌ معقّد ، وقد سُمّي بهذا الاسم بسبب نظريات قديمة خاطئة بأنّ هذا الاضطّراب على الحدود بين العُصاب والذّهان.

أسباب جينية : أظهرت بعض الدراسات التي شملت التوائم والعائلات أن اضطّراب الشخصية الحدية يمكن أن يكون شيئاً وراثيّاً

أسباب اجتماعية: إنّ العديد من المصابين باضطّراب الشّخصيّة الحديّة لهم تاريخً في التّعرّض للإساءة النفسية/الجسدية أو الجنسية والحرمان الشديد والإهمال والهجر خلال مرحلة الطفولة.

- بيولوجياً : تؤكد بعض الأبحاث أن الأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب يبدو أن لديهم تشوهات في أداء الفص الجبهي(frontal lobes)، و هي مناطق من الدماغ وظيفتها تنظيم العواطف و دمج الأفكار مع العواطف. تشوهات في حجم وأداء اللوزة(amygdala).

العلاج

العلاج النّفسي:

العلاج النّفسي هو نواة العلاج لاضطّراب الشخصيّة الحديّة، ويشمل نوعين رئيسيّين:

العلاج الجدلي السلوكي (DBT):

وقد تمّ إعداد هذا العلاج خصّيصاً لعلاج هذا الاضطّراب و يعتمد اكساب المريض مهارات في كيفيّة تنظيم مشاعره، وتحمّل المِحن، وتحسين العلاقات الشّخصيّة.

العلاج النّفسي الذي يتركّز على الانتقال (TFP):

ويتمحور هذا العلاج حول العلاقة بين المريض والمُعالِج، حيث يساعد المريض على فهم مشاعره ويحاول المريض بعدها تطبيق ما تعلّمه في علاقاتٍه الأُخرى.

الأدوية:

لا يمكن للأدوية شفاء اضطّراب الشّخصيّة الحديّة؛ إلا أنّها قد تساعد في تخفيف المشاكل التي تترافق مع هذا الاضطّراب، كالاكتئاب، والاندفاع، والقلق، وتتضمّن الأدوية مضاد الاكتئاب، ومضاد الذّهان، ومضاد القلق.

دخول المريض إلى المشفى لتلقّي العلاج:

قد يحتاج المريض إلى علاجٍ مكثّف في بعض الأحيان في مشفى للأمراض العقليّة أو عيادة، وإن دخول المريض إلى المشفى لتلقي العلاج قد يحميه من إيذاء نفسه لأنّ العلاج قد يكون مكثّفاً وعلى المدى الطّويل.

التأقلم والدعم:

التمسك بخطة العلاج

حضور جميع جلسات العلاج

تناول الأدوية وفقا لتوجيهات الطبيب

ممارسة طرق صحية لتخفيف المشاعر المؤلمة ومنع سلوكيات متهورة، مثل ايذاء الذات

عدم لوم الذات على وجود اضطراب فهو شيء لا يمكن التحكم به، ولكن التقبل هو اول خطوة للتحسن

التواصل مع الاشخاص المقربين منك إلى الآخرين

مواكبة نمط حياة صحي، مثل اتباع نظام غذائي صحي وممارسة النشاط البدني والانخراط في الأنشطة الاجتماعية

أهم شيء يمكنك القيام به لمساعدة صديق مصاب بهذا الاضطراب هو أن تأخذ بعض الوقت لمجرد الاستماع وتفهم مشاعره وعدم الاستهزاء او الانتقاص من أهمية وهول ما يمر به. بسبب طبيعة هذا الاضطراب، فقد اعتادوا على الناس أن يقولوا لهم أن لديهم مبالغة في رد الفعل.

إذا كان يتناول أي علاجات دوائية يجب أن تشجعه على ذلك، ويجب ألا تكون انتقادياً في هذا السياق، يجب أن تعطيه قيمته، واعتباره.

عبر له بشكل دائم عن مدى اهتمامك به وقبولك له كما هو. إن جل ما يكون المريض بحاجة له هو الشعور بالمحبة والحنان والانتماء ، مما يساعده على الشعور بالأمان أو الاستقرار العاطفي حتى وإن كان مؤقتاً.

المصادر:

هنا

هنا