البيولوجيا والتطوّر > بيولوجي

مَعِدة بشرية تتم تنميتها في المخبر

الشكل الأفعوانيّ الظاهر في الصورة هو في الحقيقة نسيج موسوم بمواد فلورية (مضيئة) أخذ من معدة حجمها أصغر من حبة البازلاء، لكنها ليست معدة حيوان صغير جداً، بل هي معدة إنسان مصغرة تمت تنميتها في طبق مخبري، حيث يأمل الباحثون باستخدامها لدراسة أمراض الجهاز الهضمي. ونظراً لأن الجهاز الهضمي للفئران والذباب وغيرها من الكائنات يختلف عما هو عليه عند البشر، فقد قام الباحثون بدراسات مكثفة لإيجاد طريقة لدراسة تطور الأمراض

المعوية البشرية كالقرحة الهضمية. ولذلك انصب اهتمام عدة مجموعات بحثية على الخلايا الجذعية متعددة القدرات pluripotent stem cells، وهي خلايا مشتقة من أجنة بشرية أو خلايا بالغة أعيدت برمجتها والتي بإمكانها التحول إلى أي نوع من خلايا الجسم، وذلك لمحاولة زراعة وإنماء أعضاء من الجهاز الهضمي في المختبر. حيث أن المفتاح لذلك هو تحديد الخطوات المتبعة في تشكيل المعدة العادية خلال التطور الجنيني للإنسان.

وقد أعلن فريق من الباحثين منذ فترة عن تمكنهم من إنشاء أمعاء صغيرة تمت زراعتها في المختبر بدءاً من خلايا جذعية، حيث يقول James Wells من المركز الطبي لمستشفى الأطفال في Cincinnati بأن أحداً لم يستطع قبل هذه الدراسة أن ينمي خلايا مَعديّة بدءاً من الخلايا الجذعية متعددة القدرات، بالإضافة إلى أننا اكتشفنا كيفية تكوين أنسجة معدية ثلاثية الأبعاد ذات بنية خلوية معقدة.

نجح الفريق في تحريض الخلايا الجذعية متعددة القدرات على تشكيل أنسجة مَعديّة من خلال توجيه الخلايا الجذعية إلى هذه العمليات الطبيعية المتسلسلة في طبق بتري، وركز الباحثون على مسار التفاعالات التي تعمل بمثابة مفتاح تبديل بين الأنسجة النامية في الأمعاء وتلك النامية في التجويف (وهو مخرج المعدة إلى الأمعاء الدقيقة)، وعند بلوغ الخلايا ثلاثة أيام من العمر قام الباحثون بإضافة البروتينات لوقف هذا المسار.

وخلال شهر أسفرت هذه الخطوات عن تشكيل ما سمي عضيّ المعدة البشرية. هذه المعدة المصغرة لا يتجاوز قطرها ثلاثة مليمترات، ويتضمن هيكلها ثلاثيّ الأبعاد أنواعاً مختلفة من الخلايا ذات خصائص وظيفية مشابهة لتلك الموجودة في معدة الإنسان الأصلية. ولإثبات قدرتها على القيام بدورها كنموذج لدراسة الأمراض، عرّض الباحثون المعدة المصغرة للبكتريا Helicobacter pylori المسؤولة عن عدة أمراض كالقرحة المعدية والسرطان، وخلال 24 ساعة لاحظوا نفس التغيرات الجزيئية والخلوية التي تسببها هذه البكتيريا في المعدة ذات الحجم الطبيعيّ، ومن ضمنها تفعيل جين السرطان المسمى C-Met وسرعة انتشار الإصابة في الأنسجة الظهارية.

يأمل الفريق البحثي أن تساعد مقاربتهم في تحديد وفهم الأخطاء التي تحدث في المعدة أحياناً من خلال دراسة ما يدفع تشكلها الطبيعي عند الإنسان، وهذا النظام الجديد قد يحسن من عمليات ربط المعدة، ويساعد في تطوير الأدوية لحالات عديدة كالسرطان والسكري وغيرها، وربما قد يؤدي في يوم ما إلى إمكانية إجراء استبدال للمعدة في الحالات المستعصية.

الحاشية:

طبق بتري: الطبق المستخدم في عمليات الزراعة الخلوية المخبرية ويسمى كذلك نسبة للعالم Petri

المصدر: هنا