الغذاء والتغذية > عادات وممارسات غذائية

ماذا لو تحوّل العالم بأسره فجأة الى نباتي ؟؟؟

ماذا لو اقتنع عشاق اللحوم حول العالم بهذا السيناريو وتحوّلوا إلى الأنظمة الغذائية النباتية! كيف سيؤثر ذلك على الصناعة والتجارة والزراعة والثروة الحيوانية وعلى العاملين بهذه القطاعات الاقتصادية؟ من ناحيةٍ أخرى، هل تعتقد فيما لو كنت شخصاً نباتياً أنّك تشكّل خطراً على البيئة بطريقةٍ أو بأخرى؟

وفقاً لتقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة (FAO) التابعة للأمم المتحدة العام الفائت فإن صناعة اللحوم تعدّ من أكثر الصناعات المهددة للبيئة حيث تساهم وحدها بـ 14.5% من انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن نشاطات الانسان، وذلك مرجّح للزيادة في ظل استمرار نمو البلدان النامية ونشوء اقتصادات أكثر استدامة تجعل تحمّل تكلفة أغذية غنيّة باللحوم أمراَ ميسّراَ.

تبذل حاليّاُ كثيرٌ من الجهود هنا وهناك لجذب محبّي اللحوم لمنتجاتٍ خاليةٍ تماماً منها، كبرغر الخضار مثلاً، وأيضاً جذب محبّي منتجات الألبان نحو الحليب الاصطناعي، وذلك للحدّ من استخدام أراضي تربية الأبقار وبالتالي الحد من التلوث والنفايات، ولكن هل سينجح ذلك حقاً؟ لا يبدو أن محبّي المنتجات الحيوانيّة سيتخلون عنها بهذه السهولة! لكن ماذا لو فعلوا؟؟ ماذا لو تمكنّا بطريقة ما إقناع جميع سكان الأرض بالتخلي عن اللحوم للأبد؟؟ ماذا سيحلّ بالعالم بعدها؟؟

وفقاً ل "في أندرسون" المحررة في موقع slate.comفإنّ عدّة فرق بحثٍ سألت هذا السؤال، وفي عام 2009 تم تقدير الأرقام بافتراض أنّ العالم أصبح نباتياً بالكامل. حيث وجد باحثون من الوكالة الهولندية للتقييم البيئي أنه في حال تحول كامل سكان الكوكب إلى النظام النباتي فإن انبعاثات الكربون ذات الصلة بالزراعة ستنخفض بنحو 17% بحلول عام 2050، كما ستنخفض انبعاثات غاز الميتان حوالي 24%، وانبعاثات أكسيد النتروز 21%، وهكذا ستشهد مختلف الغازات المسببة للاحتباس الحراري على الأرض انخفاضاً ملحوظاً.

بالإضافة لكل ذلك، ستؤدي هذه التحسينات إلى انخفاضٍ كبير بالتكاليف حتى وإن تم الوصول إلى نفس نسب الانخفاض السابقة باتباع استراتيجيات كالمتبعة حالياً كفرض الضرائب على مسبّبي انبعاثات الكربون أو الاعتماد على الطاقة المتجددة البديلة. والخلاصة كما تقول أندرسون أنّ تجنّب العالم للحوم لا يكفي بمفرده لدرء ظاهرة الاحتباس الحراري ولكن من شأنه أن يقطع شوطاً طويلاً في الحدّ من تغيّر المناخ.

هذا وقد أفاد الباحثون بإيجابيةٍ أخرى بأنّ عدم تناول وجبات لحوم المواشي والدواجن سيجعل مشكلة مقاومة الصادات الحيوية أقلّ خطورةً ممّا هي عليه الآن، فهي بمعظمها ناتجة عن الطريقة التي تربّى بها المواشي حالياً في المزارع، فغالباً ما تكون في اصطبلاتٍ مغلقة بشكل محكم جداً حيث يظن المزارع أنه بذلك يفعل كل ما بوسعه لمنع انتقال أيّة عدوى لماشيته. إنّ الصادات الحيوية لا تقي من المرض فحسب بل تعزّز النمو أيضاً ممّا يعطي قيمةً أكبر للمواشي، ولكنّ ذلك لا يساعد البشر على المدى الطويل، ووفقاً للمركز الأمريكي لمكافحة الأمراض والوقاية منها فإنّ "الاستخدام الزائد للصادات الحيوية للحيوانات هو أمرٌ غير ضروري وغير ملائم كما أنه يجعل الجميع أقل صحة".

إذاً تتلخّص الأخبار الجيّدة بانخفاض التلوّث وتقليل مقاومة الصادات الحيوية، ولكنّ الدراسة التي قام بها فريق البحث الهولندي بقيادة عالم المناخ Elke Stehfest لم تأخذ بالحسبان الصحّة الإجماليّة لجميع أولئك الذين تخلّوا فجأةً عن تناول اللّحوم، ولا العبء الماليّ الذي ستتحمّله الأنظمة الصحيّة العالمية. وحسب فريق البحث فإنّ السيناريو المطروح بالدراسة تجاهل تحليل الآثار الاجتماعيّة الاقتصادية كتأثير التغيّرات الصحيّة على النّاتج المحلّي الإجمالي وتعداد السّكان وتكاليف التحوّل وحتّى أسعار الأراضي، ولكنّهم أشاروا إلى أنّ التكاليف المرتبطة بهذا التّحول ستعوّض حتماً بالمكاسب التي تمّت مناقشتها.

هناك أيضاً التأثير الاقتصادي على صناعة اللحوم، فحسب تقرير للأمم المتحدة في عام 2006 حول الآثار البيئية المدمّرة للحوم فإنّ إنتاج الثروة الحيوانية يمثل 1.4% من الناتج الإجمالي العالميّ، كما أنّ 1.3 مليار شخص حول العالم يعملون في مجال صناعة وتجارة الثروة الحيوانية يعتبر 987 مليون منهم من الفقراء، لذا فإن انخفاض الطلب على اللحوم بين ليلةٍ وضحاها سيقطع أرزاق هؤلاء ويوجّب عليهم إيجاد سبلٍ أخرى لكسب المال.

نحن نفترض هنا تحوّل جميع الناس إلى نباتيين فيكون كل شخص سعيداً بأكل كل ما هو موسمي، ولكن ماذا لو أراد الناس تناول السبانخ مثلاً على العشاء ولم يكن ذلك في موسم السبانخ؟ إن الحصول على أصنافٍ في غير مواسمها بما في ذلك زراعتها وتوفير الشروط المناسبة لها وشحنها وتخزينها يكلّف الكثير على المستوى الاقتصادي والبيئي.

إن وجود سبعة مليارات شخص نباتيّ وسعيد لن يكون أبداً حلاً مثالياً طالما أنهم يساهمون بأدنى ضرر للبيئة، ولكن يمكننا بل يتوجّب علينا تقليل كمية اللحوم التي نتناولها وهو بطبيعة الحال أمر جيد فيما لو تحدثنا بمنتهى الأنانية.

وفقاً للإحصاءات فإن عدد سكان العالم سينمو من سبعة إلى تسعة مليارات نسمة بحلول عام 2050، ألا تعتقد أننا سنحتاج فعلاً إلى استرداد جزء من ال25% من مساحة اليابسة من الأبقار؟

إذاً يبدو أنّ تحوّل العالم إلى النباتية ليس يهذه البساطة، ولكن ماذا عن تحوّل كل شخص إلى النباتية ليومٍ واحدٍ فقط في الأسبوع؟ تابعونا..

المصدر:

هنا