الفيزياء والفلك > فيزياء

تشابك فوتونين فقط: خطوة أخرى نحو الحوسبة الكمومية

قام باحثون من جامعة فيينا للتكنولوجيا بالكشف عن منظومة يمكن خلالها لفوتونين أن يتبادلا التأثير فيما بينهما بشدة عبر ليف ضوئي نانوي ( الليف الضوئي عبارة عن أنبوب دقيق جدا – بسمك الشعرة - مصمم بحيث نستطيع توجيه الضوء عبره إلى أي جهة بالاعتماد على ظاهرة الإنعكاس الداخلي الكلي، تماما كما نوجه الماء باستخدام الخراطيم. وهو يستخدم اليوم لتوصيل الانترنت والمكالمات الهاتفية بين دول العالم ). تفاعل كبير كهذا بواسطة كمية ضئيلة من الأشعة الضوئية (الفوتونات ) سيجعل من تصنيع قنوات كمومية آمنة للاتصالات، وبوابات منطقية ضوئية أمران قابلان للتحقيق.

الفوتونات هي المرشح الأبرز للاستخدام في الأنظمة الكمومية، فمن السهل نقلها عبر مسافات طويلة بواسطة الألياف الضوئية. ولنقل المعلومات يجب على الفوتونات أن تتفاعل مع بعضها وذلك بأن تدخل طور التشابك فيما بينها لتقوم بإنجاز عملية كمومية منطقية. تكمن المشكلة في أن تفاعل فوتون مع آخر بشكل مباشر لا يحصل تلقائيا في الحالة الطبيعية، فعندما يصطدم شعاعان ضوئيان ببعضهما فإن كل منهما يخترق الآخر دون حدوث أي تأثير بينهما، ولإجبار هذا التفاعل على الحدوث لابد من أن تكون شدة الإضاءة عالية جدا، إضافة لوجود وسط مادي خاص يتفاعل معه الضوء ليعود هذا الوسط بدوره ويؤثر على هذا الضوء، مما يؤدي لتشابك كمية صغيرة جدا فقط من فوتونات هذا الضوء مع بعضها.

قام الفريق بقيادة آرنو روشينبيوتل و جورجين فولز باستخدام مجاوب ضوئي مصمم على شكل زجاجة (المجاوب الضوئي جهاز يسمح للأشعة الضوئية بالتحرك ضمنه ذهابا وإيابا مع احتفاظها بكامل طاقتها) موصول بليف ضوئي نانوي (نانوي: أي سماكته تساوي جزء من المليار من المتر ) لجعل فوتونين فقط يتشابكان مع بعضهما. " لقد استطعنا أن نصل لأشد تفاعل بين الفوتونات باستخدام أقل شدة ضوئية ممكنة " يقول روشينبيوتل.

ينتقل فوتون واحد داخل الليف الضوئي، وعندما يدخل إلى المجاوب (المصنوع على شكل زجاجة) يدور بجوار جدارها عددا من الدورات ثم يعود إلى الليف، وإذا ما أرسلنا فوتونا آخر عبر الليف سيدخل بدوره ضمن الزجاجة ويدور فيها عددا من الدورات ويخرج عائدا إلى الليف ولن يحصل أي تفاعل بينهما. ولكن بإضافة عنصر هام إلى التجربة ستتغير النتائج جذريا. وضع الفريق ذرة من عنصر الروبيديوم في نهاية الليف وأرسل فوتونين معا فقامت ذرة الروبيديوم بامتصاص الفوتون الأول ومنعه من دخول الزجاجة ( المجاوب)، فأصبحت ذرة مشبعة؛ أي غير قادرة على امتصاص أي فوتون آخر مما سمح للفوتون الثاني أن يمر عبرها نحو داخل الزجاجة. في الوقت ذاته حررت ذرة الروبيديوم الفوتون الأول الذي امتصته فدخل بدوره الزجاجة مع الفوتون الثاني ولكن مع حدوث تغيير فيه جعله قادرا على التشابك معه، وهذا التغيير لم يكن ليحصل له لولا ذرة الروبيديوم، وبذلك حصل الفريق على فوتونين متشابكين. من وجهة النظر الكمومية لا يمكن أن نعلم أي الفوتونين تم امتصاصه، وأي منهما اخترق الذرة، و لكونهما متشابكين يمكن أن يعتبران جسيما واحدا يتواجد في مكانين بآن معا؛ أي في الليف الضوئي و في الزجاجة !!

"بهذه الطريقة حصلنا على أفضل حالة تشابك بين فوتونين" يقول روشينبيوتل " هذه الحالة هي المطلوبة في صناعة الحوسبة الكمومية مستقبلا ". إن من أهم مزايا هذه الطريقة هو دخول الألياف الضوئية الزجاجية ضمنها وهي الألياف المستخدمة حاليا في الاتصالات. الألياف الضوئية الزجاجية ومجاوب الزجاجة متلائمان تماما مع التقنيات المستخدمة حاليا مما يسرع من الوصول إلى شبكة كمومية عالمية لنقل البيانات.

المصدر: هنا

حقوق الصورة: TU Wien