الطبيعة والعلوم البيئية > عجائب الأحياء

أشجار تتمشى متراً كل عام بحثاً عن الضوء

هل تعلم من أين استوحى كاتب رواية "سيد الخواتم" مشهد الأشجار التي تظهر ماشية في الفيلم من أجل الدفاع عن أصدقائها؟

إذا شاهدت نباتاً آكلا للحوم مثل النبات صائد الذباب الغريب وهو يقبض على ذبابةٍ بسرعة استثنائية، فستصدق أن النباتات قد تسلك سلوكاً -غير نباتي- في بعض الأحيان. لكن، هل ستصدق إذا أخبرناك عن شجرة قادرة على المشي!

كما نعلم جميعاً، الأشجار كائنات ثابتة مكانياً: أي أنها تبقى حيث زرعناها، فلن يقلق أحد حيال العثور على شجرة تتجول في الحديقة أو الفناء الخلفي.

لكن للطبيعة دائماً استثناءاتها الفريدة واستثناء القدرة على السير يظهر فيما تسمى بشجرة النخيل الماشية (Socratea exorrhiza) التي وُجدت في أمريكا اللاتينية، وتحديداً في الغابات الاستوائية في أمريكا الوسطى والجنوبية.

يعتقد كثير من الناس أنها تستطيع المشي حرفياً حول المكان الذي زُرِعت فيه، بسبب نظامها الجذري غير العادي، فجذورها تتشعب إلى عدة جذور أصغر حجماً تعلو بضعة أقدام فوق الأرض، فتبدو كأنها تمتلك العديد من السيقان الصغيرة، في حين أن الشجرة تمتلك جذعاً واحداً فقط.

في البداية لم يكن أحد يعرف فائدة الجذور الغريبة لهذه النباتات، حتى حدثت واقعة مثيرة حول هذا النبات في عام 1961.

تم اقتلاع شجرة نخيل ماشية من جذورها ورميها جانباً، ولكن بعد عدة أيام، نمت لها جذوراً جديدة حول الجذور القديمة، لم يستغرق الأمر بضعة أسابيع تقريباً حتى استطاعت الشجرة أن تستقيم وتنتصب مرة أخرى مع جذر جديد.

هذه الميزة المذهلة للشجرة المتنقلة جعلت منها مادة دسمة لقصص روّجها المرشدون السياحيون بغية تسلية السياح و زوار الغابات المطيرة. ناهيك عن أن الشجرة أصبحت أيضاً مصدر الهامٍ لكُتاب سيناريوهات الأفلام السينمائية ...

إن شجرة تمشي بحثاً عن الشمس لهي قصة غريبة رائعة. لكن للأسف، فإن هذا الوصف لا يعتبر دقيقاً؛ فالشجرة لن تستطيع المشي بالمعنى الحرفي.

فسر علماء الأحياء حركة الشجرة بالتالي:

تنتقل الشجرة أو تمشي –إن صح التعبير– ببطء، لتنتقل من الظل إلى أشعة الشمس فتنمو لها جذور جديدة باتجاه التربة بينما تموت الجذور القديمة. الجذور إذاً لا تتحرك أبداً، بل تموت بضعة جذور على جانب واحد، لتنمو أخرى من الاتجاه الآخر بحسب الإضاءة الشمسية. يؤدي ذلك إلى جعل الشجرة تبدو وكأنها تتحرك ببطء شديد على أرض الغابة سعياً وراء التغيرات الضوئية، في سابقةٍ تعتبر من التكيفات البيئية المدهشة. ... أما أساطير أشجار النخيل الماشية فهي لا تعدو عن كونها مجرد خرافة!

بالرغم من قدرة الشجرة على التحرك، فإن العملية تستغرق وقتاً طويلاً، أما المسافة التي تقطعها فهي لا تتجاوز المتر الواحد في السنة. مع ذلك فإن هذه الشجرة تبقى مميزةً عن رتبة الكائنات الحية التي تنتمي إليها بهذه القدرة الاستثنائية.

هذه هي الطبيعة ... تفاجئنا دوماً بما لم نكن لنتخيله يحصل حتى لو رأيناه في الأفلام الخيالية عدة مرات.

المصادر:

هنا

هنا

مصدر الصورة:

هنا