الطب > علوم عصبية وطب نفسي

ضوء يمسح من دماغك الذكريات السيئة

يتم تخزين الذكريات العرضية واستعادتها في أجزاء مختلفة من الدماغ كما اعتقد علماء الأعصاب منذ عام 1970، حيث تعمل القشرة المخية والحُصين وفق تنسيق ونظام محدد لاسترجاع ذكريات مخزنة في الدماغ لأحداث كان قد شهدها مسبقاً، وكأنه يعيد تجربة الحدث نفسه، وفي حال أصيب الحصين بأيّ أذى يفقد الشخص ذكرياته لعقودٍ من الزمن، وكان من الصعب اختبار ذلك بسبب عدم كفاية التكنولوجيا حينها.

أمّا اليوم يستخدم العلماء تقنية جديدة لدراسة ومعالجة الخلايا العصبية باستخدام الضوء تدعى علم البصريات الوراثي، التي تعد الطريقة المعيارية لاستكشاف وظائف الدماغ، وتعتمد على استخدام فئران ذات خلايا عصبية معدلة وراثياً بحيث تتألق بالأخضر عند تنشيطها، مما يسمح بتعقب تشكل الذاكرة في دماغ الفأر، والتعرف بالتالي على الخلايا العصبية الموجودة في كل من القشرة المخية والحصين والتي تنشط خلال التعلم واستعادة الذاكرة.

حيث يستعيد الحُصين الذاكرة من خلال إعادة تفعيل أنماط خلوية قشرية كانت نشطة أثناء التعلم لتقوم بوظيفتها، ولإثبات ذلك تم أولاً تعطيل الحصين، وثانياً وسم الخلايا العصبية التي كانت نشطة أثناء الخوف ببروتين مفلور طويل الأمد H2B-GFP، حيث سمحت هذه البروتينات بتحديد الخلايا العصبية الموسومة بعد عدة أيام من التعلم وتثبيطها بواسطة الليزر المحفّز، لتتعطل بالتالي عملية استعادة الذاكرة ولا تنشط القشرة المخية ولا اللوزة المخية. وبالتالي لم يغير تثبيط الحصين من حجم التنشيط الكلي في معظم مناطق الدماغ لكنه منع بشكل انتقائي الخلايا العصبية التي كانت نشطة أثناء التعلم من إعادة تنشيطها خلال استعادة الذاكرة، نستنتج من ذلك أن الحصين يعيد تنشيط خلايا تعبّر عن ذكريات محددة خلال عملية استرجاع الذكرى.

بعد معرفة ذلك كيف قام العلماء إذاً بمسح الذكريات من دماغ الفئران؟

بدايةً احتاج العلماء لتزويد الفئران ببعض الذكريات السيئة، وذلك بتعريضها لصدمات كهربائية ضمن قفص، فتربط بدورها هذا الموقع مع ذكريات مخيفة، وتبقى ساكنة دون حراك عند وضعها في القفص نفسه من جديد. وقد سمحت الخلايا الموسومة للباحثين بتحديد خلايا معينة في القشرة المخية والحصين شاركت في التعلم وتذكّر التجارب المخيفة، وعندما تم تثبيط هذه الخلايا بواسطة الضوء عبر ألياف العصب البصري المتوجهة لدماغ الفأر، لم تعد الفئران قادرة على تذكر خوفها المرتبط بقفص الصدمات الكهربائية تلك، ولم يؤثر تثبيط خلايا أخرى غير مرتبطة بالحصين على الذاكرة. كما يجب الإشارة إلى أنه يمكن أيضاً تنشيط الخلايا وتفعيلها بواسطة الضوء وبطريقة مماثلة.

والآن بعد التحقق من كيفية تخزين الذكريات واستعادتها تفتح ممحاة الذاكرة الضوئية هذه آفاق جديدة لعلاج كل من اضطرابات ما بعد الصدمة أو حتى علاج فقدان الذاكرة.

*الحُصين hippocampus the: منطقة صغيرة من الفص الصدغي الأنسي للدماغ له أهمية بتشكيل الذكريات.

*اللوزة المخية the amygdala: مجموعة من خلايا عصبية تشكل مايشبه اللوزة في عمق الفص الصدغي الأنسي للدماغ وتلعب دور رئيسي في العمليات العاطفية.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا00895-2

هنا

مصدر الصورة:

هنا